أخي العزيز الأستاذ مجدي مهنا
تحية طيبة ....... وبعد
قرأت اليوم 16/8/2006 في بابك القيم " في الممنوع " بجريدة المصري اليوم حديثاً حول قانون الكسب غير المشروع وعدم فاعليته في كشف المنحرفين وثرواتهم وهو الأمر الذي وضع من أجله ـ وفهمت من حديثك أنك تعتب علي الأجهزة القضائية التي تقوم بفحص إقرارات الذمة المالية التي يتقدم بها المسئولون عند بداية عملهم ونهايته تعتب عليها عدم القيام بواجبها بدقة في هذا الشأن وإلا فلماذا لم تكتشف حالات الانحرافات التي تحدث والتي أصبح بعضها معروفاً للجميع ، وأنا أقول لك من واقع خبرتي في العمل في هذه اللجان ، أن 98% تقريباً من هذه الإقرارات لا يكتب فيها صاحب الشأن شيئاً وتأتي فارغة من أي ثروات سوي الجزء البسيط الذي لا يمكن أن يشكك في ذمة محرر الإقرار وطبعاً اللجان إزاء ذلك لا تملك إلا أن تحفظ الملف لعدم وجود شبهة كسب غير المشروع وإذا قلت أنه يجب أن يكون هناك نظام للتحري عن صدق ما يرد في الإقرار أقول لك أن الدولة لا يمكن أن تضع علي كل موظف شرطي يراقبه ويحصي عليه ثروته وحتى إذا ما طلبت التحريات عن صدق الإقرار عند الشك فإن التحريات تأتي غالباً مؤيده لما ورد فيه خاصة إذا كان المسئول الذي تتحري عن ثروته في الخدمة يشغل منصباً كبير أو بيده سلطة ولا يتم كشف حالات الكسب غير المشروع عادة إلا إذا كانت هناك شكاوي محدده فيها الثروات ، وهكذا تنتهي نسبة كبيرة من هذه الإقرارات إلي الحفظ ، وأنا أذكر أنني أثناء عملي في إحدى هذه اللجان بمحكمة النقض وهي تختص بنظر إقرارات الكسب غير المشروع لكبار المسئولين في الدولة بداً من رئيس الجمهورية وإنتهاءً بالوزراء ، وأثناء فحص إقرار أحد كبار المسئولين الذين ظلوا في السلطة مدة طويلة وتناولتهم الألسنة والصحف باتهامات الكسب غير المشروع وجدت الإقرار الأخير والإقرار السابقة جميعاً خلو من أي عقارات أو ثروات ذات قيمة وعجبت لذلك كثيراً وحاولت عن طريق الفحص والتدقيق والتحري معرفة حقيقة ثروته فلم أتمكن من ذلك وانتهي الأمر إلي حفظ الملف لأن الإدانة لا يمكن أن تقوم علي شائعات يتداولها الناس أو أقوال صحف ومجلات لا تقدم حقائق ثابتة يقوم عليها حكم قضائـي بالإدانة ، والحقيقة يا أخي أنه لا فائدة من محاولة تعقب المسئولين لكي نكشف أخطاءهم ، لا أقول أنه يجب الإقلاع عن ذلك لأن الرقابة شئ مهم ، ولكن ما هو أولي من الرقابة وأجدر هو حسن الاختيار فلو أننا أحسنا اختيار المسئولين في الدولة لوفر لنا كثيراً من الجهد في تعقبهم وإني أعجب ممن يصف هذا العهد بالنقاء والشفافيه لأنه لا يتستر علي مسئول ثبتت إدانته لأن الأهم من ذلك هو حسن إختياره ، وتنقيه القوانين مما يعطي المسئول فرصة للتحكم في الناس ومساومتهم من أجل قضاء مصالحهم وإعطاء المسئولين ما يكفيهم بالحلال ، وقبل كل ذلك يأخي تقديم القدوة الصالحة وهنا يرد علي ذاكرتي قصة في الأمانة والزهد في الحرام أسوقها من باب العظة والعبرة لكبار المسئولين أثناء الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب حضر إلي مجلسه في المدينة وكان يجلس معه فيه علي ابن أبي طالب كرم الله وجه بعض الجند حاملين سلال بها مجوهرات غنمها المسلمون من فتح العراق فلما نظر إليها أمير المؤمنين عمر ونظر إلي حال الجنود اللذين احضروها قال لعلي بن أبي طالب والله أن قوما أدوا هذه الأمانة لأمناء فرد عليه علي رضي الله عنه قائلاً يا أمير المؤمنين لقد عففت فعفت الرعية ولو وتعت لرتعوا.
والسلام علي كل من عفت نفسه عما في أيدي الناس.