أحداث ومواقف سياسية تشكل مادة إستهلاكية في الحملات الإنتخابية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أحداث ومواقف سياسية تشكل مادة إستهلاكية في الحملات الإنتخابية


Filemanager.jpg

نتيجة الفراغ الفكري والسياسي الذي تعاني منه الساحة اللبنانية، فإن أي حدث يقع على هذه الساحة، سواء كان أمنيّاً أو مرورياً أو مجرد زلة لسان تورّط بها أحد زعماء الكتل السياسية، يشكل مادة أساسية في الحملة الانتخابية، ويستدعي استنفار وسائل الاعلام التي باتت مجرد أدوات مدفوعة الأجر لهذا الفريق أو ذاك، من أجل الحديث عنها والدوران فيها، الى أن يأتي ما ينسخها ويحل محلها.

في آخر أيام شهر نيسان الفائت جرى الافراج عن الضباط الأربعة الذين كانوا متهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

لذلك فقد انشغل الرأي العام اللبناني خلال الأسبوع الأول من أيار بتداعيات هذا الحدث، وبمؤتمرات صحفية مؤيدة ومعارضة، وزيارات متلفزة لمنازل الضباط وندوات عقدت معهم.. ثم طوي الملف ليجري فتحه عندما تبرز معطيات جديدة، أو يكتشف المحققون عناصر جديدة، أو يجري اعلان القرار الظني (الاتهامي) بجرائم الاغتيال أمام المحكمة ذات الطابع الدولي.

بعد ذلك بأيام يدور الخلاف في جلسة مجلس الوزراء حول تعيينات الفئة الأولى: محافظون ومدراء عامون وأعضاء في المجلس الدستوري، فيطرح رئيس الجمهورية رزمة منها لا تلبي رغبات المعارضة (المشاركة في الحكومة)، فيعلن الرئيس نبيه بري أن المعارضة تريد طرح التعيينات سلة واحدة، وان المدرج منها على جدول أعمال مجلس الوزراء لا يكفي.

ومثل هذا الكلام ليس من حق رئيس المجلس النيابي ان يتدخل فيه، حتى بصفته رئيس كتلة نيابية مشاركة في الحكومة، فإن وزراءه يقبلون أو يرفضون، ويبقى ادراج أية بنود على جدول أعمال مجلس الوزراء حقاً دستورياً لرئيس الجمهورية وحده.

وهنا بدأت الحملة على رئيس الحكومة ومجموعة الموالاة التي فوّضت الى رئيس الجمهورية أمر اقتراح الأسماء على مجلس الوزراء.

ويقال إن الأزمة سوّيت وأن سلة التعيينات باتت جاهزة، وقد يكون فيها ابرام الموازنة العامة التي تعطلت بفعل المطالبة بنفقات اضافية لمجلس الجنوب.

وفي الأسبوع التالي جاء خطاب السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي تحدث فيه عن أحداث يومي 5 و7 أيار من العام الماضي، وقد أوغل في الدفاع عن وجهة نظر الحزب، سواء لجهة ادانة قراري مجلس الوزراء يوم 5 أيار بعبارات حادة لأنها كانت ترمي الى حصار المقاومة وتطويقها والتآمر عليها عبر اتصالات بدول خارجية، أو بالدفاع عن احداث يوم 7 أيار الذي تحول خلالها سلاح المقاومة عن وجهته الأصلية الجنوبية ضد العدوّ الاسرائيلي، الى شوارع بيروت الآمنة، وبعد ذلك الجبل، ومعظم المناطق التي وصلت اليها ذراع المقاومة، فسقط مواطنون أبرياء لا ذنب لهم إلا أنه صادف مرورهم أو اطلالهم من شرفات منازلهم اليوم.. ومع هذا فقد جرى وصف يوم 7 أيار بأنه «يوم مجيد من أيام المقاومة». وطويت الصفحة.

الأسبوع الثالث من أيار يبدو أن مادته السجالية هي موقع رئيس الجمهورية، فقد بات معروفاً أن الرئيس سليمان يستشعر حالة من انعدام الوزن بين تياري 8 و14 آذار، وأنه يرى ضرورة تشكيل قوة ثالثة، توصف بأنها وسطيّة تمثل تيار الاعتدال في الساحة السياسية والمجلس النيابي.

وبما أن رئيس الجمهورية لن يقدم مرشحين في مثل دوائر الشمال أو الجنوب، لذلك فقد دعم ترشيح بعض أصدقائه أو حلفائه في المناطق المسيحية: كسروان والمتن وجبيل، وهذا ما يجعلهم في مواجهة انتخابية مع من يحتكر تمثيل هذه المناطق، الجنرال ميشال عون.

فقد كان على رأس كتلة نيابية مكونة من 22 نائباً، مهددة الآن بالتآكل، سواء بفعل عدائية زعيمها وتهجمه على الاعلام أو البطريركية المارونية أو البطريركية الارثوذكسية، ومحصلة كل هذا أن رئيس الجمهورية الذي يحاول بناء كتلة نيابية تشكل بيضة القبان في المجلس النيابي القادم، وعنصر الترجيح فيه بدل الثلث الضامن أو المعطل، هذه الرغبة تواجه بصدّ عنيف من قوى المعارضة، لأنها سوف تقتطع نوابها من جسد تكتل 8 آذار وحده، وهذا ما يجعل مقام الرئاسة مستهدفاً من قوى المعارضة: من سليمان فرنجية الى ميشال عون الى حزب الله، ولا يعلم الا الله الى أين سوف تقود المواجهة القائمة بين القوى اللبنانية المتشاكسة.

1244459180058715400.jpg

هنا يأتي موضوع المثالثة، الذي تنسبه قوى الموالاة الى المعارضة. على اعتبار أن تكتل 8 آذار المعارض، سواء بفصائله الشيعية أو المسيحية، يبدو متضرراً من المعادلة القائمة على الثنائية التي اعتمدها دستور الطائف.

ففي الوقت الذي كان المسلمون في لبنان يطرحون مطلب المشاركة، حين كان رئيس الجمهورية في لبنان ملكاً غير متوّج، يملك صلاحيات واسعة في تشكيل الحكومة واقالتها وحل المجلس النيابي، دون أن يكون مسؤولاً أمام أي جهة تحاسبه، يومها لم يكن الانقسام المذهبي قد بدأ، وكان المطلب الإسلامي مشتركاً بين المسلمين السنّة والشيعة، وجاءت اصلاحات الطائف بالمناصفة في عدد النواب والوزراء وموظفي الفئة الأولى، بين المسلمين والمسيحيين.

وفي ظل هذه المعادلة بات نصف هذه المواقع والوظائف من حق المسيحيين ونصفها الآخر من حق المسلمين، سنّة وشيعة. لذلك فإن بعض المناطق المسيحية تشتكي الآن أنها لا تنتخب نوابها، بل ينتخبهم المسلمون.

لأن استكمال خمسين بالمائة من مقاعد المجلس النيابي ضروري، في حين ليست هناك قواعد مسيحية تنتخبهم. كما أن المعادلة قضت بنزع بعض صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويلها الى مجلس الوزراء، وهذا ما يشعر المسيحيين أحياناً بالغبن ايضاً. وهنا يأتي دور الجنرال ميشيل عون، الذي لا تربطه أية شراكة مع المسلمين السنّة، لا مناطقية ولا انتخابية، ليتاجر باستعادة حقوق المسيحيين، لا سيما رئيس الجمهورية.

أما عن علاقته بالشيعة فهي قائمة في أقضية (جبيل وبعبدا وجزين) حيث يتشارك الصوت الشيعي بالمسيحي، فضلاً عن التحالف القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وهذا ما يجعل ممثلي هذا التحالف إما شركاء في الأهداف والمصالح، أو يغطي بعضهم بعضاً في المواقف العامة، وهذا ما يجعل الساحة السياسية في حالة انقسام طائفي ومذهبي حاد، خاصة عندما يطرح حزب الله شعارات ومفاهيم يصعب تسويقها في الساحة المسيحية، أو يحدث العكس حين يطرح ميشال عون مطالبه السياسية أو يكشف - هو أو سواه - عن سجله المتعلق بعلاقاته السورية, التي جرى تتويجها بما سماه «حرب التحرير» ضد القوات السورية في لبنان.

انها الانتخابات، التي يجوز فيها للقوى السياسية المتناحرة ما لا يجوز، لا عرفاً ولا قانوناً.. المهم تحقيق المزيد من الكتل الناخبة، بأي اسلوب وأي وسيلة.