أبو الأعلى المودودي في كتاباته الاقتصادية
محتويات
مقدمة
"أن تتعلم الاقتصاد على المودودي خير لك من أن تتعلمه على سامويلسون،الأول يخرّجك عالمـًا، والآخر مثقلاً مخبولاً! "
أبو الأعلى المودودي ( 1903-1979م )، ولد في حيدر أباد الهند، علّمه أبوه في البيت، ولم يعلّمه في المدارس الإنكليزية.
تعلّم الإنكليزية في 4 أشهر.
مُنح جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1399هـ.
كتبه كثيرة تُرجم معظمها إلى العربية، منها :
الجهاد في [الإسلام].
تجديد الدين.
تفهيم القرآن 30 جزءًا.
سيرة النبي مجلدان.
حقوق أهل الذمة في الإسلام.
الإسلام والمدنية الحديثة.
نحن والحضارة الغربية.
الحضارة الإسلامية : أسسها ومبادئها.
الإسلام ومشكلات العصر.
حول تطبيق الشريعة الإسلامية في الوقت الحاضر.
النظرية السياسية الإسلامية.
حركة تحديد النسل.
معضلات الإنسان الاقتصادية وحلّها في الإسلام : أصلها محاضرة ألقيت بالأردية في عام 1941م في جامعة عليكرة الإسلامية.
أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة : أصلها مجموعة مقالات كتبت في الأعوام : 1937م و 1948م و 1950م، ونشرت في "مجلة ترجمان القرآن " التي كان يصدرها المودودي.
الربا : أصل الكتاب مجموعة مقالات كتبت في الأعوام المذكورة في الكتاب السابق ونشرت في مجلة ترجمان القرآن.
ملكية الأرض في الإسلام.
فتاوى الزكاة.
رائد الاقتصاد الإسلامي :
لعل المودودي هو رائد الاقتصاد الإسلامي في العصر الحاضر، بما كتبه عن الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي، وملكية الأرض، والربا، وغير ذلك.
ويلاحظ أن سيد قطب يقتبس منه في الاقتصاد ويحيل إليه.
فائدة القرض وكراء الأرض :
يقول المودودي : " لمعترض أن يعترض في هذا المقام قائلاً : فإذن بموجب أي شيء تبيحون كراء الأرض مع أنه لا يختلف عن الربا ؟ الجواب أن هذا الاعتراض يُشْكل على الذين يبيحون كراء الأرض بمبلغ مقطوع.
أما أنا فلست أقول بمشروعية ذلك، بل أعدّه صورة من صور التعامل الربوي، والصورة الصحيحة هي المزارعة، أي المشاركة في الناتج.
وقد فصلت القول فيها في كتابي : ملكية الأرض في الإسلام ".
ثلاثة أسئلة : يجيب عنها المودودي في كتابه عن الربا :
هل من الرشد إباحة الفائدة ؟
هل صحيح أن الفائدة لا يمكن الاستغناء عنها ؟
هل يمكن الاستدانة بغير فائدة ؟
أثر الصنعة في الأموال الربوية :
إذا كان المال ربويًا، فهل يبقى كذلك مهما طرأ عليه من الصنعة ؟ اختار المودودي الرأي القائل بأن الصنعة إذا كانت جوهرية فإنها تنقل المال من مال ربوي إلى مال غير ربوي.
المصارف وتركّز السلطة :
يقول بمناسبة كلامه عن النظام المصرفي الغربي :
" على هذا النطاق الواسع تنجذب الثروة من كل بيت من بيوتها لتتركز في أيد قليلة، يدفعون الفائدة، ويتملكون رأس المال، ويتصرّفون بمقادير الأمم والشعوب، يشنّون الحروب متى شاؤوا، ويعقدون الصلح متى شاؤوا، ولهم سلطة نافذة في معاهد العلم والفن ومراكز البحث العلمي ودوائر الصحافة وصوامع الدين ... ".
كما يقول المودودي بمناسبة كلامه عن تخليص النظام المصرفي من آفاته : " لم يبق الآن إلا آفة مصرفية واحدة، وهي أن كل ما يتجمع اليوم لدى المصارف من المال يستولي عليه ويتصرف فيه عدد قليل من الرأسماليين.
ومن الممكن تدارك هذه المفسدة بأن يتولى بيت المال، أو مصرف الدولة، شؤون الأعمال المصرفية المركزية بنفسه مباشرة، وبأن يشرف على جميع المصارف الأخرى، بحيث لا يدع الرأسماليين يشتطّون في استعمال قوّتهم المالية ".
الاقتصاد الرأسمالي اقتصاد أزمات :
يقول المودودي في الأزمات والدورات التي تصيب النظام الرأسمالي : " لا يزال النظام الرأسمالي إلى الآن مصابًا بالمرض المعروف بـ " الدورات التجارية " التي تنتاب فيه الاقتصاد العالمي نوبات من الكساد والبوار، بعد نَفاق السوق، وذلك كل بضعة أعوام.
فبينما تكون دنيا التجارة والصناعة سائرة في طريقها في خطوات متئدة، إذا بالتجار يحسّون دفعة واحدة بأن السلع الواردة على مخازنهم لا تُستهلك بسرعة كما يتمنّون، فيتوقفون قليلاً عن الطلب.
كذلك الصنّاع عندما يرون هذا الوضع يُمسكون أيديهم قليلاً عن إنتاج السلع.
كذلك صاحب رأس المال عندما يتفرّس إشارة الخطر هذه يمتنع عن الإقراض، بل يشرع في استرداد ما يكون قد أقرضه من قبل.
وهكذا تعم البطالة، وتبدأ الأثمان في الانخفاض، ويقلّ إنتاج المصانع والمعامل، فيعمّ انتشار البطالة يومًا بعد يوم.
وعندما تلمح الحكومات ضعف إيراداتها، تبدأ في تخفيف نفقاتها.
ويكشّر هيكل الكساد عن أنيابه الحادة.
ومع كل خطوة تتقهقر هكذا، تتقهقر خطوات عديدة أخرى معها، حتى إذا دنا حد الإفلاس الكلي التام، تغيّرت الوجهة دفعة واحدة، وبدأت تظهر معالم النَّفاق ( الرواج ) في السوق مرة أخرى، إلى أن يأتي عليها دور جديد من أدوار النَّفاق والرواج في السلع.
وهكذا أصبحت هذه الدورات التجارية معضلة دائمة من معضلات النظام الرأسمالي، لم يوجد لها دواء ناجع حتى الآن ".
بعض الأخطاء :
البيع الآجل : يقول المودودي في كتابه " أسس الاقتصاد " : لا يحلّ للإنسان أن يبيع سلعته من المشتري بثمن أرخص إنْ نقد قيمتها، وبثمن أغلى إنْ أدى قيمتها بعد مدة ".
هذا الذي يقوله المودودي أثّر على عدد من الباحثين، منهم محمد نجاة الله صدّيقي، وذلك في وقت لم تكن هذه المسألة الشائكة أخذت حظها من البحث.
والمساواة في الثمن بين العاجل والآجل غير صحيحة، بل إني أكاد أقول بأنني متأكد 100% من جواز البيع الآجل بثمن أعلى من البيع العاجل، وتفصيل ذلك في مواضع أخرى مما كتبت.
ولولا جواز الفرق بين المعجّل والمؤجّل في البيع لكان العمل المصرفي الإسلامي المعاصر مستحيلاً، سواء تم باسم البيع الآجل أو باسم الإجارة أو التورق أو غير ذلك من الأسماء.
نظريات الفائدة : حاول المودودي تفنيد جميع نظريات الفائدة عند رجال الاقتصاد الغربيين.
ولكن هذا الموقف فيه مغالاة، إذ يمكننا نحن المسلمين الاستفادة من هذه النظريات في تأييد منع الفائدة على القرض، وإجازتها في البيع المؤجل، حيث يكون للزمن حصة من الثمن، كما قال الفقهاء.
ولم يقبل المودودي حتى النظرية القائلة بالتفضيل الزمني.
يقول المودودي : " فرقُ القيمة بين الحاضر والمستقبل لا يعدو أن يكون مغالطة ".
ويقول : " ما أمعن في الغباوة والسفاهة ذلك الرجل الذي يُؤْثر أن يجعل حياته الحاضرة ذات رفاهة وتنعم على أن يكون مستقبله سيئًا، أو أسوأ من حاضره (...).
من المستحيل أن يقول بصحة هذا الرأي ومعقوليته رجل قد أوتي حظًا من التفكر والتأمل ".
هذه النظرية التي رفضها المودودي هي في حقيقتها نظرية إسلامية، لكن يبدو أنه لم يكن مطلعًا على أقوال الفقهاء القدامى في هذا الشأن، وهي كثيرة جدًا في جميع المذاهب الفقهية.
كما يبدو أن المودودي لم يكن يستعين بخبراء في الاقتصاد، أو أنه كان يستعين بخبراء ليست لهم خبرة دقيقة ومفيدة في هذا الباب على الأقل، أو أنه لم يجد من يعتمد عليه أصلاً.
الترجمة : ترجمة كتب المودودي جيدة في الجملة، ولاسيما في الوقت المبكر الذي تُرجمت فيه.
المصدر
- مقال:أبو الأعلى المودودي في كتاباته الاقتصادية موقع : د.رفيق يونس المصري