أبشروا أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا
(11/07/2013)
عبدالوهاب عمارة
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
إن الباطل يتمتع بغباء منقطع النظير تمثّل ذلك في غباء فرعون عليه لعنة الله فمن ربى موسى في قصره وأنفق عليه ؟! وتحت رعايته وفي حراسة جنده ؟! أليس الغبي فرعون هو من ربى قاتله ؟!
ومن جمع السحرة في يوم مشهود ومنَّاهم الأجر الجزيل والقربى والسلطان والوزارة وجعلهم سهما يضرب به الحق وأهله فرجع سهما مسموما استقر في نحره وكانوا حربا عليه وصفعوه صفعة أطاحت بجبروته وعنفوانه فسجدوا لله رب العالمين وسجد خلق كثير لسجودهم غير مبالين بوعيد الرب المزعوم وكانت الغلبة للحق بتسخير الله الباطل وأعوانه ليكون الباطل جندا من جنود الحق وهم لا يشعرون .
وفي قصة الغلام والساحر في تفسير سورة البروج الملك الطاغية الظالم لما تحيّر في التخلّص من الغلام فأشار عليه الغلام بأن يجمع الناس جميعا في صعيد واحد ويأخذ سهما ويضرب به الغلام قائلا بسم رب الغلام .ولغبائه فعل طمس الله علي قلبه فكان جندا من جنود الحق فلما مات الغلام قال الناس جميعا آمنا برب الغلام .
وما موقعة الجمل عنا ببعيد فبعد خطاب المخلوع الذي دغدغ عواطف الشعب المصري وكاد أن يترك الميادين ويدعَ الرجل ستة أشهر ويدفن في بلده مصر ؛ طمس الله علي قلوبهم فراحوا يمكرون ويجنّدون البلطجية لقتل الثوار فأشعل ذلك النارَ في ميادين مصر كلها وكان غباؤهم سببا قويا في نجاح الثورة ولله الفضل والمنة .
فإذا أراد الله شيئا ما هي إلا كلمة من حرفين (كن) {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (النحل :40)
نفس الغدر والخيانة
يا أحبابي إننا نعيش نسخة من كربون أحداث إجلاء بني الغدر والخيانة بني النضير من مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم واختصار ما ورد في هذه الغزوة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب مع عشرة من كبار أصحابه منهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم إلى بني النضير ، يطلب منهم المشاركة في أداء دية قتيلين بحكم ما كان بينه وبينهم من عهد في أول مقدمه على المدينة .
فاستقبله يهود بني النضير بالبشر والترحاب ووعدوا بأداء ما عليهم ، بينما كانوا يدبرون أمراً لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه . وكان صلى الله عليه وسلم جالساً إلى جدار من بيوتهم . فقال بعضهم لبعض : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه .
فمن رجل منكم يعلو هذا البيت ، فيلقي عليه صخرة ، فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جَحاش بن كعب . فقال : أنا لذلك . فصعد ليلقى عليه صخرة كما قال . فأخبر جبريلُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم بالغدر والخيانة . فقام كأنما ليقضي أمراً . فلما غاب استبطأه من معه ، فخرجوا يسألون عنه ، فعلموا أنه دخل المدينة .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحرب بني النضير لظهور الخيانة منهم ، ونقض عهد الأمان الذي بينه وبينهم . وكان قد سبق هذا إقذاع كعب بن الأشرف من بني النضير في هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأليبه الأعداء عليه.
وما قيل من أن كعباً ورهطاً من بني النضير اتصلوا بكفار قريش اتصال تآمر وتحالف وكيد ضد النبي صلى الله عليه وسلم مع قيام ذلك العهد بينهم وبينه . مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأذن لمحمد بن مسلمة في قتل كعب بن الأشرف . فقتله .
فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني النضير ، وأمهلهم ثلاثة أيام وقيل عشرة ليفارقوا جواره ويجلوا عن المحلة على أن يأخذوا أموالهم ، ويقيموا وكلاء عنهم على بساتينهم ومزارعهم ولكن المنافقين في المدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق أرسلوا إليهم يحرضونهم على الرفض والمقاومة ، وقالوا لهم : أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم . وإن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم .
وفي هذا يقول الله تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} (الحشر : 11-12)
فتحصن اليهود في الحصون؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم والتحريق فيها. فنادوه:أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد
وتعيبه على من صنعه: فما بال قطع النخيل وتحريقها؟ وفي الرد عليهم نزل قوله تعالى : {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } (الحشر : 5)
ولما بلغ الحصار ستاً وعشرين ليلة ، يئس اليهود من صدق وعد المنافقين لهم ،وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم ،كما سبق جلاء بني قينقاع على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح .
فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل . فكان الرجل منهم يهدم بيته عن خشبة بابه فيحمله على ظهر بعيره؛ أن يخربه حتى لا يقع في أيدي المسلمين؛ وكان المسلمون قد هدموا وخربوا بعض الجدران التي اتخذت حصوناً في أيام الحصار .
نظرة في سورة الحشرة:يبدؤها الله تعالي بقوله : (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) تبدأ السورة وتختتم بتسبيح الله (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الهدف هو توجيه المؤمنين إلي مالك الكون كله المتصف بصفات الجلال والكمال المسبّح له في السماء والأرض لقدرته وقوته وجبروته علي الكافرين ورحمته ولطفه بالمؤمنين فلا يتعلقوا بسبب ولا غيره .
وتصدير السورة بالتسبيح دليل علي أن هناك فعل وإرادة من الله تستحق أن نقف عندها معجبين قائلين:سبحان من فعل هذا سبحان المدبر القدير القادر المقتدر سبحان من نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأظهر دينه فليطمئن كل مؤمن وليرتعد كل خائن غادر . لأنه (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) القوي القادر على نصر أوليائه وسحق أعدائه الحكيم في تدبيره وتقديره .
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) الله تولى هذا الإخراج من غير ستار لقدرته من فعل البشر فهو الناصر والمؤيد وهو سبحانه من تولي إخراج ثورة الخامس والعشرين من يناير في هذه الصورة وما كنا نتوقع هذا أبدا وهو ما يستدعي الإعجاب والتقدير والتسبيح بحمده سبحانه .
(مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ) فما كان ظن المؤمنين وقتها أن يخرجوا لقوتهم ومنعتهم وهم غرتهم قوتهم وحصونهم ووعود المنافقين لهم بنصرتهم حتى نسوا قوة الله التي لا تردها الحصون!
نفس الواقع
وهذا الواقع في مصرنا اليوم الخائنون يتحصَّنون بدباباتهم وطائراتهم ووعود المنافقين والمناصرين لهم في الداخل وللأسف من بعض القيادات المتأسلمة بالوقوف بجانبهم والأعداء في الخارج والداخل بنصرتهم وتأييدهم فخانوا وغدروا وانقلبوا على الشرعية وأطاحوا بآراء ملايين في انتخابات واستفتاءات ما شهدت مصر مثلها شرفا ونزاهة .
نعم لقد أحكمت الخيانة منذ تنحى المخلوع علي أن يبقي نظامه وهم منذ ذلك اليوم يدبرون ويخططون ويعرقلون مسيرة الإصلاح ليغضب الشعب علي حاكمه وصنعوا علي أيدهم وأيدي الصهاينة واليهود والأمريكان جبهة كذا وكذا وما يسمي بـ (تمرد) فتآمر قيادات العسكر والشرطة والقضاء والقيادات الدينية وحزب البور وكان الغطاء من بعض الشعب الذي ابتلع الطعم منخدعا .
ولكن أيها الأغبياء لقد نسيتم الله ... ونحن لم ننسه فأبشروا يا خونة بانتقامه وأبشروا يا مؤمنون بنصره وتأييده .(فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)
أتاهم من داخل أنفسهم! لا من داخل حصونهم! أتاهم من قلوبهم فقذف فيها الرعب ، ففتحوا حصونهم بأيديهم! وأراهم أنهم لا يملكون ذواتهم ، ولا يحكمون قلوبهم ، ولا يمتنعون على الله بإرادتهم وتصميمهم!
فضلاً على أن يمتنعوا عليه ببنيانهم وحصونهم . وقد كانوا يحسبون حساب كل شيء إلا أن يأتيهم الهجوم من داخل كيانهم . فهم لم يحتسبوا هذه الجهة التي أتاهم الله منها . وهكذا حين يشاء الله أمراً . يأتي له من حيث يعلم ومن حيث يقدر ، وهو يعلم كل شيء ، وهو على كل شيء قدير .
فلا حاجة إذن إلى سبب ولا إلى وسيلة ، مما يعرفه الناس ويقدرونه . فالسبب حاضر دائماً والوسيلة مهيأة . والسبب والنتيجة من صنعه ، والوسيلة والغاية من خلقه؛ ولن يمتنع عليه سبب ولا نتيجة ، ولن يعز عليه وسيلة ولا غاية . . وهو العزيز الحكيم.
(يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) الله سبحانه يأتيهم من وراء الحصون فتسقط بفعلهم هم؛ بخوفهم ورعبهم ثم يزيدون فيخربونها بأيديهم وأيدي المؤمنين . وقد تكون الحصون هذه مادية أو معنوية فكل ما يتحصن به فهو حصن .
التربية القرآنية
وهنا تأتي التربية القرآنية والهتاف الرباني لمن يسمع (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) ما يجعلني في حيرة ودهشة هو كيف لا يعتبرون بمن سبقهم ولكنه عمى القلوب لأنهم (... لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف :179)
والآية التالية تقرر أن إرادة الله في النكاية بهم ما كانت لتعفيهم بأية حالة من نكال يصيبهم في الدنيا غير ما ينتظرهم في الآخرة.
وما كان الله ليعفيهم من الانتقام والعذاب (وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ) وصور العذاب والمكر بأعداء الحق عند الله كثيرة فسيناريوهات الخلاص من الخائنين الغادرين أكثر من أن تحصي فلا تُتعب نفسك في التفكير في كيفية الخلاص أو سببه وفي حساب ذلك لأنه سيأتيهم من حيث لا يُحتَسب؛
ولكن ثق أنه لا محالة هناك خلاص هناك ملك جبار يشاق من يشاقه ويحارب من يحارب أولياءه (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فمن يخون ويغدر لا بد من المكر به وإلحاق العذاب به .
والمشاقة أن يأخذوا لهم شقا غير شق الله ، وجانباً غير جانبه ونحن بحمد الله في جانب الله ما خرجنا إلا لله وفي جانب شرع الله ونهج رسوله صلي الله عليه وسلم .
وهم يعادون كل هذا ويقتلون الراكعين الساجدين من الشباب الأطهار والنساء والأطفال غدرا فأبشروا الله معكم (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ*أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحـج :38-39) والله يبغضهم (... إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (النساء : 107) ولن ينصرهم الله (... وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) (يوسف :52)
فوق ما خبأ الله لهم يوم الفصل بين الخلائق يوم انكشاف السرائر روى مسلم عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلاَ وَلاَ غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْراً مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ" (في ظلال القرآن بتصرف كبير)
ما ظنكم بربكم ؟ روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِى " . وفي ورواية أحمد "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى فَلْيَظُنَّ بِى مَا شَاءَ" .
أبشروا وأملوا
والله لن يخذل الله هؤلاء الشباب والنساء الحاملين لأطفالهم في حرارة الشمس الصائمون النهار والبكاؤون في ظلمة الليل في صلاتهم والعجائز والشيوخ الكبار والرحمة لا تغادرهم ففي الميدان ود ورحمة يشهد بها الجميع لن يخذل الله هؤلاء وينصر سفاكي الدماء الفجرة .
وبعض الناس يسألونني لماذا هذا ألسنا علي الحق أليس هذا هو الرئيس الشرعي لماذا لم يجنبه الله هذه الخيانة ويحميه من أعدائه ؟
يا جند الله إياكم أن يتسرب اليأس إلي قلوبكم فهو قرين الكفر ونتيجة عدم معرفة الله وحكمته لذلك لما أدرك فرعون بني إسرائيل مع موسي عليه السلام وظنوا أنهم هالكون (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء : 61) الأسباب تقول أنه لا مفر من الهلاك ولكن موسى انتفض محذرا من اليأس (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء : 62)
فكانت النجاة من الله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الشعراء : 63-68)
عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ قَالَ " الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَتَصْدِيقٌ بِهِ وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ" . قَالَ أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ "السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ" . قَالَ أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ "لاَ تَتَّهِمِ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى شَىْءٍ قَضَى لَكَ بِهِ" . أحمد وحسنه الألباني
فما يقدره الله ففيه الخير كله (...وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:4)
فأبشروا لقد انكشف الغطاء عن الكثير من مدعي الوطنية والدفاع عن الحريات والشرعية والشريعة تم فضحهم علي رؤوس الأشهاد وهذا خير كبير وتمايز الناس (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال:37)
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه :
- وإن كانت تغصصني بريقـي
وما شكري لها إلا لأني
- عرفت بها عدوي من صديقي
وأبشروا فمذبحة الحرس الجمهوري هي آخرهم وموقعة جملهم تقضي عليهم وتقطع دابرهم وتوقظ الغافلين وتنبه المخدوعين والحمد لله رب العالمين
اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلي أنفسنا طرفة عين فإنك إن تكلنا إلي أنفسنا تكلنا إلي ضيعة وعورة وذنب وخطيئة وإنا لا نثق إلا برحمتك يا رب العالمين اللهم أصلح لنا شؤوننا كلها لا إله إلا أنت اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الممات ولذة النظر إلي وجهك الكريم وشوقا إلي لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ونعوذ بك اللهم من شرور أعداء الحق والخير وندرأ بك في نحورهم إنك علي ما تشاء قدير وبالإجابة جدير وأنت نعم المولي ونعم النصير
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات :180-181)
- إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف
المصدر
- مقال: أبشروا ... أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا موقع نافذة مصر