«وساطة البنك الدولي» في سد النهضة.. الخطيئة الجديدة للعسكر
كتبه: حازم الأشموني
محتويات
مقدمة
رغم تجاهل إثيوبيا لمقترحات حكومة العسكر، حول وساطة البنك الدولي كطرف ثالث وصفته بالمحايد في المفاوضات الثلاثية لسد النهضة، إلى جانب مصر وإثيوبيا والسودان، إلا أن بعض الخبراء يؤكدون أن هذه الخطوة- حال قبولها من جانب إثيوبيا- تعد خطيئة تضاف لسجلات خطايا نظام العسكر بشأن التفريط في حقوق مصر المائية في النيل.
وكان سامح شكري، وزير الخارجية بحكومة الانقلاب، قد كشف في تصريحات صحفية في 8 يناير الجاري، عن أن حكومته لم تتلق أى طلب من إثيوبيا أو السودان، أو أى رد حول طلب إشراك البنك الدولى فى المفاوضات القائمة حول ملف سد النهضة الإثيوبى.
وبحسب الخبير في الشئون الزراعية الدكتور عبد التواب بركات، الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعية، والذي عمل مستشارًا بوزارة التموين والتجارة الداخلية، فإن البنك الدولي مقاول غير شريف في بناء السدود، خاصة الضخمة منها، ولا يشارك في مفاوضات.
سد النهضة
ويضيف بركات:
- "إذا كان الجنرال السيسي يبحث الآن عن حل دولي لأزمة سد النهضة، فإن البنك الدولي ليس محكمة دولية، ولا لجنة لفض النزاعات السياسية، ولا مجلسا عرفيا يتدخل في حل أزمات تعقدت على أيدي جنرالات يدّعون حسن النية، ولكنه مؤسسة مالية تهدف إلى الربح، وتستثمر في قروض مشروعات السدود الكهرومائية الضخمة، ويهتم بالضمانات ويلتزم بقوانين الاستثمار الرأسمالي.
والبنك الدولي ليس الاختيار المناسب لحل أزمة سد النهضة؛ لأنه ليس بديلا عن مجلس الأمن ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ولا بديلا عن محكمة العدل الدولية في الفصل في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول طبقا لأحكام القانون الدولي، وهي المؤسسات الدولية التي تأخر السيسي في الاحتكام إليها، والطريق الصحيح الذي يضمن حقوق مصر القانونية في مياه النيل، ولكنه تعمد تجاهلها منذ بداية تعامله مع الأزمة.
مقاول غير شريف لا وسيط مفاوضات
وفي مقاله بموقع "الجزيرة مباشر" بعنوان "خطيئة جديدة للسيسي في سد النهضة"، يقول بركات:
- "أقل ما يوصف به طلب وزير الخارجية المصري من إثيوبيا إشراك البنك الدولي، باعتباره طرفًا محايدًا، في مفاوضات اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بدراسة تأثيرات سد النهضة الإثيوبي الاقتصادية والاجتماعية والهيدروليكية على مصر والسودان، إنها خطيئة جديدة تضاف إلى أخطاء الجنرال عبد الفتاح السيسي المتكررة في أزمة السد، بداية من توقيعه منفردًا على اتفاق المبادئ الذي أعطى للسد شرعية دولية كان محرومًا منها، إلى استسلامه في مفاوضات عبثية استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة منذ اعتلى كرسي الحكم فعليًا منتصف عام 2014".
ويضيف بركات
- أن أسئلة مهمة تطرح نفسها في هذا التوقيت من عمر المفاوضات وقرب الانتهاء من بناء السد وهى: لماذا يفترض الجنرال السيسي أن البنك الدولي صاحب خبرة وشريك محايد بالفعل في مفاوضات السدود على الأنهار الدولية؟، ومن أين جاءت ثقته في حياديته؟
- وهل يضمن السيسي التزام إثيوبيا بتنفيذ توصيات خبراء البنك الدولي، واحترام المخرجات النهائية وتوصيات الدراسات الفنية إذا شملت بقواعد وسنوات الملء الأول، وقواعد التشغيل السنوي والتنسيق مع خزانات السدود في مصر والسودان؟، وكذا التزامها بتوفير المعلومات الخاصة بأمان السد، خاصة أنها لم تلتزم بها حتى الآن، وقد رفضت دراسات المكتب الفرنسي التي قد لا تختلف عن دراسات البنك؟.
البنك متورط في السدود
وينتقد الأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية موقف رئيس الانقلاب، وادعائه أن البنك الدولي صاحب خبرة وشريك محايد في مفاوضات السدود على الأنهار الدولية، مؤكدا أنه ادعاء كاذب ــ بحسب المقال ــ والحقيقة أن البنك الدولي لا يشارك في مفاوضات السدود ولكنه مقاول غير شريف في بناء السدود خاصة الضخمة منها؛ ذلك أن منظمة الأنهار الدولية قد دأبت على فضح استثمارات البنك الدولي في إنشاء السدود الكبيرة والمثيرة للجدل في الدول الفقيرة بحجة محاربة الفقر.
"منظمة الأنهار الدولية" تفضح البنك
ويوضح الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعية أن "منظمة الأنهار الدولية تتهم البنك الدولي بتورطه في الاستثمار في قروض باهظة التكاليف من أجل تمويل بناء السدود الضخمة على مجاري الأنهار الدولية في الدول الفقيرة، وكذلك استغلاله فقر هذه الدول التي تتوقع مكاسب مالية كبيرة
ولكنها تفاجأ بعد بناء السد بتراجع المكاسب وزيادة أعباء التشغيل، ثم تعجز حكومات هذه الدول عن سداد قروض البنك الباهظة، فتستقطع قيمتها من مخصصات الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والإعانات الاجتماعية، فتؤدي هذه السدود إلى زيادة معدلات الفقر بدلًا من الحد منها".
وقد أصدرت منظمة الأنهار الدولية، في سبتمبر 2013، نشرة بعنوان "سدود البنك الدولي الكبيرة، نهر من الخراب"، كشفت فيها عن أن البنك الدولي موّل خلال السنوات الـ 65 الماضية مشاريع نحو 600 سد حول العالم، تكلفت 100 مليار دولار أمريكي، وتسببت هذه السدود في تدمير بيئي لا يمكن وصفه، وزادت الفساد المالي في هذه الدول، وشردت أكثر من 10 ملايين شخص، وأثرت سلبًا على حياة مئات الملايين من الأشخاص الآخرين.
ومنظمة الأنهار الدولية هي منظمة عالمية تختص بنزاعات الأنهار العابرة للحدود، وتدافع عن حقوق المجتمعات التي تعيش حولها، وتناهض إقامة السدود الضخمة عليها، بما فيها سد النهضة الإثيوبي، وتساعد في إيجاد بدائل مناسبة لها وإيقاف القائم منها، وتعمل في أكثر من 60 بلدا منذ تأسست في عام 1985 في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
المصدر
- تقرير: «وساطة البنك الدولي» في سد النهضة.. الخطيئة الجديدة للعسكر بوابة الحرية والعدالة