«سطوة الجغرافيا» بين المصالحة الفلسطينية وعجز السيسي أمام إثيوبيا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
"سطوة الجغرافيا" بين المصالحة الفلسطينية وعجز السيسي أمام إثيوبيا


سطوة الجغرافيا بين المصالحة الفلسطينية.jpg

كتب:حازم الأشموني

(16 ديسمبر 2017)

مقدمة

نظام العسكر بقيادة عبد الفتاح السيسي محكوم بسطوة الجغرافيا الطبيعية في علاقاته مع الجيران، سواء في الحدود الجنوبية مع السودان وإثيوبيا، أو مع الحدود الشمالية الشرقية مع فلسطين وقطاع غزة، أو الحدود الغربية مع ليبيا.

هذه السطوة في صالح مصر مع الفلسطينيين والحدود مع غزة، لذلك نجد تعاليا واستكبارا وصلفا من جانب النظام العسكري تجاه غزة المحاصرة، وكذلك تجاه الشعب الليبي في الحدود الغربية، حيث يدعم نظام العسكر مليشيا حفتر، ويقصف بالطائرات القوى الإسلامية والثورية بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي.

لكن "سطوة الجغرافيا تنحاز ضد مصر في الحدود الجنوبية، حيث السودان وإثيوبيا التي تتحكم في منابع النيل؛ لذلك نجد عجزا وفشلا متواصلا، وعدم قدرة على وضع حد لأزمة سد النهضة أو الأزمات المتلاحقة مع كل من إثيوبيا والسودان.

سطوة الجغرافيا في الحدود مع فلسطين

فصحف العسكر وفضائياته صفَّقت بحرارة وحماس شديدين لما اعتبرته إنجازا للمخابرات العامة في الوصول إلى مصالحة بين حركتي فتح وحماس، واعتبرت ذلك دليلا على قوة النفوذ المصري في عهد جنرال العسكر عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد لمصر قوتها وهيبتها ودورها الإقليمي الكبير، بحسب هذه المزاعم والأوهام في إعلام العسكر.

لكن خبراء يؤكدون أن الدور المصري في قضية فلسطين لا يعود إلى قوة النفوذ المصري في ظل حكم العسكر بقدر ما يعود إلى سطوة الجغرافيا؛ فلولا تحكم النظام العسكري في الحدود مع قطاع غزة، ولولا الحصار المشدد من جانب الاحتلال الصهيوني على منافذ ومعابر القطاع، وعدم وجود أي منفذ للتواصل مع العالم الخارجي إلا عبر معبر رفح المصري، لما كان للنظام المصري أي دور في القضية الفلسطينية على الإطلاق.

يعزز من ذلك أن نظام العسكر في مصر، ومنذ انقلاب 3 يوليو المشئوم، لم يترك أي فرصة لإبداء التعاطف مع شعب غزة المحاصر منذ أكثر من 10 سنوات، بل شدد الحصار على القطاع أكثر من أيام المخلوع مبارك؛ وذلك تزلفا للصهاينة وكسبا لود الإدارة الأمريكية لترميم صورته المشوهة وشعوره المتنامي بفقدان الشرعية التي استولى عليها عبر انقلاب دموي.

كما يعزز من ذلك ما كشف عنه استطلاع للرأي، أجري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، أن 70% من المستطلع آراؤهم فقدوا الثقة في الدور المصري بعملية السلام بعد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي. وخلص الاستطلاع، حسب شبكة "بي بي سي"، إلى أن 44% يرون أن المقاومة المسلحة هي الحل الأمثل لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.

وأجرى الاستطلاع "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية"، ومقره رام الله، بعد يوم واحد من إعلان ترامب، حول اتجاهات الفلسطينيين نحو قرار ترامب ودور دول عربية بما يشاع عن صفقة القرن.

ويقول مراقبون:

تكمن أهمية الاستطلاع أنه يعكس رأي الضفة الغربية ذات الثقل السكاني والمساحة الجغرافية الأكبر فلسطينيا، ومعقل حركة فتح، أي معقل نظام محمود عباس والسلطة الفلسطينية.

بل إن نسبة 71% تعتقد أن هناك تحالفًا عربيًّا سنيًّا مع "إسرائيل" ضد إيران حتى مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي، فيما تقول نسبة 21% فقط إن العرب لن يتحالفوا مع إسرائيل حتى ينتهي الاحتلال.

سطوة الجغرافيا تنحاز لإثيوبيا والسودان

لكن سطوة الجغرافيا في الحدود الجنوبية، تنحاز لإثيوبيا والسودان على حساب مصر؛ فإثيوبيا تتحكم في منابع النيل الأزرق الذي يمد مصر بـ85% من حصتها من مياه النيل، والتي تصل إلى 55,5 مليار متر مكعب سنويًا.

وأمام التصفيق من جانب وسائل الإعلام الموالية للعسكر في قدرة نظام 30 يونيو على إتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين؛ إلا أن هذه الأذرع الإعلامية لم ترَ في فشل نظام العسكر أمام الملف الأهم والأخطر "ملف مياه النيل"، انعكاسًا لتراجع دور مصر الإقليمي، ولا سيما في الخلفية الإفريقية ودول حوض النيل.

بل إن الدور المصري وأمام الأزمات المتلاحقة السياسية والاقتصادية، باتت خلف قوى أخرى مستجدة على الساحة لم يكن لها نفوذ بهذا الحجم من قبل، مثل السعودية والإمارات، والتي باتت مصر تمضي خلفهما في خضوع واستسلام يعكس حجم المذلة التي تعانيها مصر تحت حكم العسكر.

المصدر