«البطران».. بطل ثورة يناير الذي قتله العادلي
كتبه:سيد توكل
محتويات
مقدمة
"اسمي محمد البطران، رئيس مباحث قطاع السجون، تمت تصفيتي أنا وبعض المساجين على يد البلطجي "جهاد حلاوة"، ضابط المباحث، بعد رفضي تنفيذ الأوامر الصادرة من مكتب حبيب العادلي، بفتح سجن القطا بالفيوم وتهريب السجناء منه، أنا منزلتش الشارع مع الشعب بس أنا شاركت في ثورة يناير.. افتكروني".
مع بداية ثورة 25 يناير، بدأت خطط أمنية لمواجهة المتظاهرين بالميادين المختلفة، اجتماعات وغرفة عمليات بالداخلية لتدارك الأمر، قوات الأمن وعربات مصفحة تنزل لتطويق الميدان، بدا وكأن رجال العادلي يحتشدون بكامل طاقتهم لمواجهة الثورة، إلا أن هناك رجالا أصروا على إكمال مهمتهم حتى آخر نفس، كان بينهم قبل أن يسقط مضرجا بدمائه، وكأن طلقات الرصاص بمثابة مكافأة نهاية الخدمة لهم.
اللواء محمد عباس حمزة البطران، ضابط مصري ورئيس مباحث قطاع السجون، المسئول الأول عن السجون في مصر كلها خلال فترة منصبه، وقد اشتهر البطران بالجدية والاستقامة والكفاءة.
رفض الظلم
وعلى مدار السبع سنوات الماضية، ظل لغز مقتل اللواء محمد البطران مؤرقًا للكثيرين؛ فقد اختلفت الراويات حول حقيقة مقتله، إلا أن ما روته أسرته وشهود العيان أكد أن رفضه التسبيح بحمد مبارك وأسرته كان سببا في أن يراق دمه؛ لذا أصبح "البطران" هو اسم الشهيد الوحيد من بين ضباط الشرطة الذي تصدر اسمه النصب التذكاري لشهداء ثورة 25 يناير بميدان التحرير، في الوقت الذي كان هناك احتقان وطني ضد قمع وإجرام الشرطة؛ لتسببهم في حالة الانفلات الأمني في جمعة الغضب.
بينما انتشر فيديو عبر موقع اليوتيوب، يبرز تسجيلاً صوتيًا لعدد من سجناء وادي النطرون، أكدوا فيه أن الشرطة قالت لهم بالنص: "لو ماخرجتوش من هنا هنضربكم بالنار"، في الوقت الذي أكد فيه شهود عيان سقوط اللواء محمد البطران بنيران الداخلية.
واللواء البطران هو رئيس مباحث قطاع السجون الذي لقي مصرعه في سجن "القطا" على يد أحد حراس برج المراقبة بالسجن، عندما رفض فتح أبواب السجون وإطلاق سراح السجناء، وتصدى لعمليات التخريب وخروج المساجين؛ خوفًا على المصريين والأسر من أخطار حدوث الانفلات الأمني إبان ثورة 25 يناير.
جهاده
تقول شقيقته الدكتورة منال البطران:
- "عقب انقطاع كل وسائل الاتصال في هذا اليوم به، حاولت الاتصال به في صباح اليوم التالي يوم السبت 29 يناير، وقام بالرد عليّ الساعة 9.5 وهو غاضب من فوضى فتح أقسام الشرطة، وإخلاء سجناء محبوسين بـ18 قسم شرطة في هذا اليوم، وخروج المساجين من الأقسام الذين هاجموا الأهالي بالأسلحة البيضاء، فأخبرني بخطورة إذا ما حدث ذلك على مستوى السجون فسوف تحدث كارثة في البلد، وأنا لن أسمح بأن تفتح السجون في مصر، بعدها وقعت أحداث شغب بسجن القطا بطريق المناشي بالقليوبية".
وتتابع:
- "غادر مكتبه وذهب إلى هناك وقام بالتنبيه على المتواجدين بأبراج الحراسة بعدم إطلاق النار، وعمل على تهدئة المساجين، وإدخال عدد كبير منهم إلى العنابر وتهدئة الأمور، إلا أنه بينما كان واقفًا مع عدد من السجناء في محاولة تهدئتهم، فوجئ بإطلاق عيارين ناريين صوبا له من أحد حراس أبراج المراقبة، الذي أطلق النار عليه فأرداه قتيلاً، على خلاف ما قيل بأن السجناء هم الجناة، بل إنهم قاموا بحمله إلى سيارة الإسعاف التي أقلته إلى مستشفى القناطر الخيرية، ليلقى مصرعه بها في تمام الساعة الرابعة عصرًا من يوم السبت 29يناير".
مخطط العادلي
وقالت الدكتورة منال البطران:
- إن شقيقها الراحل عرف بخطة حبيب العادلي، وزير الداخلية آنذاك، في إطلاق المساجين ورفض تنفيذها من البداية. وأشارت إلى أنه في مساء الخميس 27 يناير، تم إبلاغ اللواء البطران بوجود شغب في سجن الفيوم، فتوجه إلى هناك فورًا واستطاع أن يسيطر على السجناء، ولم يتركهم حتى تأكد من عودتهم إلى الزنازين وأغلقها عليهم، ونجح في إفشال مخطط العادلي، وعلى مدى يومي الخميس والجمعة لم يُفتح سجن واحد في مصر بفضل صلابته ويقظته وإخلاصه.
وذكرت أن شقيقها عندما رفض السماح بفتح السجون كان بدافع من ضميره الوطني وواجبه المهني؛ لأنه ليس من الشخصيات التي تغير جلدها لإرضاء الغير، فإذا ما تم إخلاء السجون يوم "جمعة الغضب" لشاعت أحداث الفوضى بالسجون، وتم تسهيل عملية فرار المساجين عن قصد لإحداث أعمال شغب لكسر احتجاجات الشعب المصري أثناء ثورته، وبالتالي كانت الثورة قد أجهضت، ولكن عندما فتحت السجون يوم السبت الساعة الرابعة عقب وفاة شقيقي كان قد تدارك الناس خطورة الأمر، وقد تشكلت بالفعل اللجان الشعبية من المواطنين التي عملت بدورها على حماية الأهالي والأحياء من هجوم البلطجية عليهم، وذلك لأن الله أراد نجاح هذه الثورة وأراد عمارًا لهذا البلد.
المصدر
- تقرير: «البطران».. بطل ثورة يناير الذي قتله العادلي بوابة الحرية والعدالة