«البديل»
10 ابريل 2009
بقلم: عماد الدين حسين
أن تتوقف صحيفة «مؤيدة أو معارضة» عن الصدور أو تتقلص من يومية إلى أسبوعية، أمر يدعو إلى الحزن والأسى، ليس فقط للصحفيين العاملين فيها، لكن لكل القراء الذين سيخسرون نافذة تقدم لهم جزءا مهما من وجهة نظر قطاع عريض من المجتمع.
قبل أيام قررت صحيفة «البديل» التوقف لمدة شهر والتحول من صحيفة يومية إلى أسبوعية بسبب ضعف التمويل وقلة العائد الإعلانى، مما يجعل الاستمرار فى الإصدار اليومى أمرا مستحيلا.
قلبى مع الزملاء فى «البديل» فمعظمهم أصدقاء وبقيتهم زملاء، ثم إننى عشت تجربة التوقف والإلغاء قبل ذلك كثيرا خصوصا فى صحيفتى «صوت العرب» الناصرية عام 1988، و«مصر الفتاة» عام 1992، والصحيفتان أوقفتهما الحكومة عمدا ومع سبق الإصرار، رغم أنها كانت ولاتزال ترفع شعارا كوميديا مفاده «أننا نعيش العصر الذى لم يقصف فيه قلم أو تغلق فيه صحيفة».
الذى تغير فقط هو طريقة وأسلوب الإغلاق.. فى الماضى كان فظا وخشنا عبر الأمن، أو سحب وزارة «الشئون الاجتماعية» للترخيص، ثم تطور إلى تجميد الأحزاب عبر سياسة الانشقاقات الشهيرة، لإيقاف صحفها.
الآن نعيش عصر إضعاف وسائل الإعلام عبر الحصار الإعلانى والمالى «بالطبع لا يمكن اتهام الحكومة بأنها السبب فى إغلاق «البديل»، لكن المناخ الذى أوصل «البديل» لاتخاذ هذا الإجراء القاسى على القلب هو الذى يصيب المرء بالإحباط حينا واليأس أحيانا.
«البديل» سواء اتفقنا معها أو اختلفنا ورغم عمرها القصير نسبيا، فهمى لم تتجاوز العامين، لكنها تمكنت من طرح وجهة نظر البسطاء والمهمشين والعمال واجتهدت قدر ما تستطيع فى محاولة تقديم رؤية صحفية يسارية راقية بعيدا عن الشعارات الضخمة أو الأيديولوجيا الضيقة.
هذه التجربة نجحت حينا وأخفقت أحيانا، لكنها وحسب كثيرين نالت احترام كثيرين فى الوسط الصحفى خصوصا أن الذى قادها هو الكاتب المرموق والنقى د. محمد السيد السعيد شفاه الله ثم تسلم الراية منه شباب أظهروا مهنية عالية.
وبجانب التعاطف الإنسانى مع الزملاء فى البديل أو حتى الأسى لتوقف صحيفة، فإن قرار البديل يطرح بعض الأسئلة المهمة والخطيرة على جميع المهتمين بالشأن الصحفى والإعلامى فى مقدمتها: هل بات اليسار عاجزا عن تقديم تجارب صحفية ناجحة وهو التيار الذى رفد الحياة الصحفية المصرية بالكثير من الكوادر منذ السبعينيات، وهل بات نجاح صحيفة متوقفا على من يملك المال فقط.. أم أن إصدار صحيفة صار مجرد صناعة فقط تحتاج إلى رأسمال ضخم مضافا إليه كوادر صحفية كبيرة وسياسة تحريرية واضحة.
الصورة الطافية على سطح عالم الصحافة فى مصر تقول إن المجال مفتوح ويتسع لإصدارات كثيرة، لكن تجربة «البديل» قد لا تؤيد ذلك.. وفى كل الأحوال فإن الملامح الرئيسية لسوق الصحافة المصرية يبدو أنها مرشحة للتبلور بصورة أوضح خلال شهور قليلة.
مرحبا بـ«البديل» الأسبوعى ونتمنى سرعة عودته يوميا فى أقرب وقت.
المصدر
- مقال :«البديل» ، الشروق