"لا تؤاخذوننا".. أردوغان يصفع إعلام السيسي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
"لا تؤاخذوننا".. أردوغان يصفع إعلام السيسي


أردوغان يصفع إعلام السيسي.jpg

(29/06/2016)

كتب: أسامة حمدان

مقدمة

على خلاف ما روّجت له مواقع إخبارية وقنوات فضائية خاضعة للانقلاب العسكري في مصر، نفت مصادر في الرئاسة التركية، أمس الثلاثاء، قيام رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، بالاعتذار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حادث إسقاط المقاتلة الروسية، التي اخترقت الحدود التركية أثناء مهمة عدوانية في سماء سوريا.

المصادر التركية قطعت لسان "عمرو أديب" ورفاقه في كتيبة إعلام الانقلاب، وأكدت أن أردوغان أعرب في رسالته عن حزنه العميق لذوي الطيار الروسي، قائلاً فيه "لا تؤاخذوننا"، وهو خطاب موجه لأسرة الطيار، وليس للدولة الروسية التي تشن عدواناً دموياً على الشعب السوري الثائر.

شد وجذب

ويعد الرئيس التركي "أردوغان" رقماً صعباً لا يستهان به الآن في السياسة الدولية، وشهدت العلاقات الروسية التركية وعلى مدار خمسة قرون تقريبًا مراحل متعددة من الشد والجذب، لاسيما في ظل التنافس الشديد بينهما على السيطرة على منطقة البحر الأسود والقوقاز، فضلاً عن صراعهما العسكري خلال الحرب العالمية الأولى.

وتعود العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى عام 1701م، حيث افتتاح السفارة الدائمة للإمبراطورية الروسية بالقسطنطينية، وذلك بعد عدة عقود من العلاقات الجيدة بين إيفان الثالث حاكم روسيا في أواخر القرن الخامس عشر والسلطان العثماني بايزيد الثاني، إلا أن التمثيل الدبلوماسي الرسمي كان بين تركيا وروسيا السوفيتية في 3 يونيو 1920.

واستمرت العلاقات بين البلدين تتأرجح مابين التعاون والقطيعة، في ظل التنافس الشديد على بسط النفوذ على دول المنطقة حتى انهيار الاتحاد السوفيتي حيث لا حدود مشتركة بين الجانبين، لتدخل العلاقات التركية الروسية مرحلة جديدة من الخصوبة والإيجابية، وعلى الفور كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بروسيا الاتحادية كوريث للاتحاد السوفيتي وذلك عام 1991م.

إلا أن هذا التعاون الضخم بين الجانبين لم يخف العداء الدفين والخصومة التاريخية المستعرة بين البلدين، في ظل تباين وجهات النظر في الملف السوري، حيث تدعم موسكو نظام الأسد الدموي الذي يطالب السوريون بتنحيه عن السلطة، وترى أنه لابد أن يكون طرفًا في الحل، بينما تدعم أنقرة الثورة السورية وكفاح الشعب وترى أن بشار ونظامه جزءًا من الأزمة وليس الحل، ومن ثم لا يمكن التعويل عليه خلال الفترة القادمة، وهو ما أدى إلى اشتعال وتأزم الموقف بين الجانبين، وصل إلى ذروته بإسقاط الجانب التركي للمقاتلة الروسية في نوفمبر الماضي.

حرب عالمية ثالثة

بعد سنوات من التراشق السياسي بين موسكو وأنقرة منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، إثر التباين الواضح في وجهتي النظر حيال آليات حلحلة الأزمة، تدخل العلاقات بين الجانبين نفقًا مظلمًا وذلك في أعقاب إسقاط الطيران التركي لمقاتلة روسية من طراز (سوخوي -24) قرب الحدود السورية في نوفمبر 2015، قالت أنقره حينها إنها اخترقت المجال الجوي التركي وهو ما اعتبرته تهديدًا لأمنها القومي.

شنت موسكو حينها حملة شعواء ضد تركيا متوعدة إياها بالرد القاسي، وعلى الفور بادر كل طرف باتخاذ احتياطاته العسكرية ترقبًا لرد فعل الطرف الآخر، والذي كان من الممكن أن يقود المنطقة كلها إلى حرب عالمية ثالثة، إلا أن البراجماتيكية العسكرية والسياسية حينها آثرت أن يكتفي كل طرف بحزمة من العقوبات الاقتصادية ضد الآخر.

وبالرغم من محاولات تقريب وجهات النظر بين الجانبين، والتي استمرت قرابة الـ 6 أشهر، إلا أن روسيا فرضت ثلاثة شروط على الحكومة التركية من أجل استئناف وعودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه، حيث جاءت الشروط الثلاثة على لسان السفير الروسي بأنقرة أندري كارلوف كالتالي:

أولاً: بالاعتذار.
ثانيًا: محاسبة المسؤولين.
ثالثًا: التعويضات.

وفي رأي خبراء أن تغيُر السياسة التركية حيال روسيا ليس وليد الصدفة، وإنما استجابة إلى تطورات دولية متلاحقة فرضت نفسها على الساحة لتجبر الجميع على إعادة النظر في توجهاتهم الخارجية بما يخدم مصالح بلدانهم بعيدًا عن المواقف الشخصية، حيث عرف عن الرئيس التركي الكبرياء الشديد والكرامة إلى أبعد حد.

تركيا تجيد أوراق اللعبة

انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومؤشرات انهيار هذا التحالف الذي طالما سعى لابتزاز أنقرة في مقابل انضمامها له طيلة السنوات الماضية، كان له مفعول السحر في تحول السياسة الخارجية التركية، فضلاً عن تأزم الموقف في سوريا، والجبهات المفتوحة مع إيران والأكراد، فما كان منها إلا البحث عن مصالحها وإعادة النظر في علاقاتها الدولية.

تحسين العلاقات التركية الروسية سيساهم بشكل كبير في الوصول إلى نقاط مشتركة بشأن حل الأزمة السورية، وهو ما ينعكس إيجابًا بالهدوء النسبي على الحدود السورية التركية التي باتت تمثل صداعًا يؤرق الأتراك ليل نهار، فضلاً عن رفع العقوبات الاقتصادية الروسية المفروضة على تركيا بما يسمح لها باستئناف أنشطتها التجارية من جديد وهو ما يصب في نهاية المطاف في صالح الشعب التركي.

كما أن المصالحة التركية الروسية ستعيد التوازن من جديد إلى خريطة التحالفات الدولية لاسيما بعد الكبوة التي تعرض لها الاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل الكثير من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط بأيدي الروس والأتراك بعدما كانت بأيدي الأمريكيين والأوروبيين.

صفعة إعلام السيسي

بمرارة شديدة رصد إعلام السيسي حالة الكبرياء التركي فى التعامل مع أراضيها، في مقابل التقزم المصري الذى فرضه السيسي على بلاده، لتصدر التعليمات سريعة بضرورة ترويج الاتهامات للجانب التركي على خلفية اسقاط المقاتلة الروسية باعتباره دعمًا لتنظيم الدولة، وليس بسبب اختراق المجال الجوي لبلد رئيسه منتخب ديمقراطياً مثل أردوغان.

وخرجت الإعلامية المقربة من الانقلاب العسكري دينا رامز، لتزعم أن تركيا أسقت طائرة بوتين دعما للإرهاب، وأبدت مرارتها من تأييد حلف الناتو للموقف التركي، فى الوقت الذى تخلي فيه الجميع عن السيسي فى أزمة سيناء.

ولم تفلح محاولات إعلام الانقلاب فى تشويه صورة أردوغان فى ظل الموقف المعلن من الثورة فى سوريا، التى كانت أنقرة أول المتحركين باستقبال مئات الآلاف من اللاجئين، والتحرك دبلوماسيا لوقف جرائم بشار الأسد، واستخدام قواتها فى الوقت الحاسم لوقف الانتهاكات على حدودها، فضلا عن مساندة التحالف الدولي لتوجيه ضربات إلى "تنظيم الدولة"، ذلك التنظيم الذي عجز العسكر عن مواجهته في سيناء.

المصدر