"بائعات الهوى".. بداية هيكل ونهايته في أحضان العسكر
(18/02/2016)
كتب: أسامة حمدان
مقدمة
"الإيجيبشان جازيت" صحيفة مصرية كانت تصدر باللغة الإنجليزية، وفيها كانت أولى خطواته من بلاط صاحبة الجلالة إلى بلاط العسكر بعد ذلك، بمساعدة سكوت واطسون، الصحفي الذي نجح في إدخاله للمجال في 8 فبراير 1942، كصحفي في قسم الحوادث، ويصبح دوره ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية.
محمد حسنين هيكل، ولد في عهد الملك فؤاد الأول وعاصر الملك فاروق آخر ملوك مصر، وتفاعل مع سبعة رؤساء في عهد الجمهورية. بدأ مساره المهني أيام الحرب العالمية الثانية، وسطع نجمه مع رفيق دربه جمال عبد الناصر، وكان ظله الذي لا يفارقه ومستشاره الشخصي، ويده الإعلامية الضاربة، وقف ضد حكم الرئيس محمد مرسي، وأيد انقلاب عبدالفتاح السيسي.
بائع للهوى
ولا يختلف مصير "هيكل" الفكري ومواقفه كثيرًا عن مغامرته مع بنات الليل "بائعات الهوى" يجمع منهن معلومات عسكرية وحربية، بعد أن نقلن الأمراض لجنود الحلفاء لتقلب معلومات هيكل الرأي العام وقتها، ليصدر قرار رسمي بالتعاون بين حكومة الملك والحلفاء.
وعندما ذاع صيته ووصل لباريس، قابل السيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة "روز اليوسف"، التي قررت أن تضم الصحفي "المتسلق" إلى مجلتها، ليصبح هيكل في عام 1944 صحفيًا في مجلة "روز اليوسف"، وهناك تعرّف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى صفحات "آخر ساعة".
في عيون الاحتلال الإسرائيلي
يظن كثيرين أن هيكل أو "الأستاذ" كان بعيدًا عن مصيدة المخابرات الصهيونية، هذا الأمر يشكك فيه نعي صحيفة "يسرائيل هايوم"، التي قالت :"مات ضابط الدعاية في حرب 1967"، لافتة إلى أن الصحفي البارز الذي رحل في الـ93 من عمره، كان أحد المقربين من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وهو أحد أصابع الهزيمة التي دللها بوصف "النكسة".
وقالت الصحيفة، في تقريرٍ لها:
- "هيكل كان أحد المقربين من جمال عبد الناصر وكان من الصحفيين الذين لاقوا تبجيلاً وتقديرًا واحترامًا في مصر والعالم العربي منذ ثورة الضباط الأحرار عام 1952، وكان أحد المقربين للرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وكانت مقالاته تعكس موقف النظام المصري الحاكم، ويعتبر أحد أكبر مؤيدي التيار الناصري في بلاده".
وأضافت:
- "هيكل كان رئيس تحرير لعدد من الصحف اليومية البارزة في مصر وعمل 17 عامًا في رئاسة تحرير الأهرام، أكثر الصحف المصرية انتشارًا، كما ألَّف الكثير من الكتب السياسية، وقاد منظومة الدعاية الإعلامية المصرية خلال حرب 1967 مع إسرائيل".
وبعنوان "وفاة الصحفي المصري حسنين هيكل"، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي "جالي تساهال" إنَّه كان من أبرز الصحفيين في العالم العربي منذ ثورة يوليو عام 1952، وظلَّ إحدى الشخصيات المقربة لرؤساء الجمهورية المصريين، وكاتم أسرار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر".
وأضافت:
- "هيكل عمل 17 عامًا رئيسًا لتحرير صحيفة الأهرام، وكان مسئولاً عن الاستراتيجية الإعلامية في حرب 1967، وألف العديد من الكتب كما يحوي تاريخه آلاف المقالات، ويعتبر أحد أكبر الموثقين للفترة الناصرية".
ضد الحرية
عندما انتخب الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر عام 2012، التقى بهيكل في ديسمبر من العام نفسه، وناقش معه الأوضاع الداخلية والخارجية، حيث اقترح عليه هيكل، وكان يضمر أمرًا مع العسكر، إجراء حوار وطني مفتوح مع القوى السياسية المختلفة دون استبعاد أحد. وفي الخفاء حرض هيكل الإعلام والعسكر ضد حكم مرسي، ودعم حركة تمرد من خلال تقديم نصائح مباشرة لها عبر الفضائيات. واعتبر هيكل أن أحداث 30 يونيو 2013، التي دبرها الجيش استفتاء لصالح السيسي، وزعم عبر التلفزيون أن تلك المظاهرات ليست انقلابًا، وأن الجيش يحمي العملية الديمقراطية دون التدخل فيها!
وختم "هيكل" حياته بالطريقة نفسها التي بدأ بها مع بنات الهوى، لكن هذه المرة كانت الدعارة سياسية وعسكرية في آن واحد؛ حيث دعم السيسي الذي سارع إلى تنفيذ الانقلاب على الرئيس المدني المنتخب يوم 3 يوليو 2013، والشروع في حملة واسعة لاعتقال عشرات الآلاف من معارضي الانقلاب العسكري، سواء أكانوا إخوانا أم مستقلين. وسكت "الأستاذ" الذي يقابل ربه الآن عن مجازر ارتكبها السيسي في حق معتصمي الشرعية أمام الحرس الجمهوري وميداني رابعة والنهضة.
صديق الطرطور
وعندما نفذ الانقلاب ونصب عدلي منصور الشهير بـ"الطرطور" رئيسًا مؤقتًا، التقاه هيكل يوم 7 يوليو 2013، كإعلان واضح وصريح عن موقفه المؤيد للمجازر والدم وذبح الحريات والكرامة التي كان يتغنى كذبًا بها، وسقط الأستاذ على مخدع الانقلاب مخمورًا بالقوة والبطش. وقد عبر هيكل في أكثر من مناسبة عن إعجابه الكبير بالسيسي، الذي لا يستطيع تكوين جملة واحدة، كما لم يتوانَ عن الخروج في مهام لصالح نظامه، بينها زيارة شهيرة إلى دولة الإمارات في نوفمبر 2013.
ووجهت شخصيات حقوقية وسياسية ونشطاء عرب وأجانب، انتقادات لاذعة لـ"هيكل" بسبب دعمه الكامل لانقلاب عبدالفتاح السيسي، حتى ختم حياته مجرد عابر سرير للعسكر.
هيكل: السيسي مرشح ورئيس ضرورة.. لكن المهام المقبلة تختلف عن مهامه السابقة
هيكل: في 2011 أبلغ السيسي المجلس العسكري ضرورة حسم الموقف
المصدر
- تقرير: "بائعات الهوى".. بداية هيكل ونهايته في أحضان العسكر موقع بوابة الحرية والعدالة