"بئر الخيانة".. 14 نوفمبر عبد الناصر يعلن الانقلاب ويعتقل الرئيس

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
"بئر الخيانة".. 14 نوفمبر عبد الناصر يعلن الانقلاب ويعتقل الرئيس


المنقلب والرئيس.jpg

(14/11/2016)

كتب: سيد توكل

مقدمة

يمر اليوم 14 نوفمبر ذكرى الانقلاب العسكري الذي قاده "البكباشي" جمال عبد الناصر على الرئيس اللواء محمد نجيب، أول رئيس بعد انقلاب الجيش على الملك في 23 يوليو 1952، ذلك الانقلاب الذي تم تسميته فيما بعد بالثورة على الملك فاروق.

فيما يؤكد خبراء سياسيون وعسكريون أن الجيش المصري يعتبر مؤسسة "انقلابية" بامتياز، إذ إنه طوال عمره لا يسكن ولا يهدأ إلا في حالتين، إما أن يكون الحاكم عسكريًّا، أو يكون تحت احتلال أجنبي.

انقلاب عبد الناصر

نجيب، اسمه بالكامل محمد نجيب يوسف قطب القشلان، ولد بالسودان بساقية أبوالعلا بالخرطوم، من أب مصري وأم مصرية سوادنية المنشأ، يوجد تضارب حول تاريخ ميلاده، حيث أن التاريخ الرسمي لدى التسنين الذي قام به الجيش هو 19 فبراير 1901، وعادة لا يكون دقيقا، أما في مذكراته، فقد ذكر أن أحد كبار عائلته قال له إنه ولد قبل أحد أقربائه بأربعين يوما، وبالحساب وجد أن تاريخ ميلاده هو 7 يوليو 1902.

بعد حرب 1948 عاد نجيب إلى القاهرة قائدا لمدرسة الضباط العظام، وتيقن أن العدو الرئيسي هو الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر، والذي كان يتمثل في الملك وكبار الضباط والحاشية والإقطاع، وكان يردد دائما أن المعركة الحقيقة في مصر.

وفي فترة من الفترات كان الصاغ عبدالحكيم عامر أركان حرب للواء محمد نجيب، ويبدو أن كلام نجيب عن الفساد في القاهرة قد أسال لعابه في مطامع كثيرة، فذهب إلى صديقه جمال عبد الناصر، وأغراه بالتشبث بنجيب، لأن المستقبل له.

وكان جمال عبد الناصر قد شكل تنظيم الضباط الأحرار، وأراد أن يقود التنظيم أحد الضباط الكبار لكي يحصل التنظيم على تأييد باقي الضباط، وبالفعل عرض عبد الناصر الأمر علي محمد نجيب، فوافق علي الفور ظنا منه أن ناصر سيكون ثوريا حقيقيا، لا عسكريا انتهازيا.

ويقول ثروت عكاشة -أحد الضباط الأحرار- في كتابه "مذكراتي بين السياسة والثقافة": "كان اللواء محمد نجيب أحد قادة الجيش المرموقين لأسباب ثلاثة: أولها أخلاقياته الرفيعة، وثانيها ثقافته الواسعة فهو حاصل علي ليسانس الحقوق، وخريج كلية أركان الحرب ويجيد أكثر من لغة ويلم باللغة العبرية، وثالثها شجاعته في حرب فلسطين التي ضرب فيها القدوة لغيره وظفر بإعجاب الضباط كافة في ميدان القتال".

استغلال سياسي

كان اختيار تنظيم الضباط الأحرار لمحمد نجيب سر نجاح التنظيم داخل الجيش، فكان ضباط التنظيم حينما يعرضون علي باقي ضباط الجيش الانضمام إلي الحركة كانوا يسألون من القائد، وعندما يعرفوا أنه اللواء محمد نجيب يسارعون بالانضمام.

ويؤكد اللواء جمال حماد ـ أحد الضباط الأحرار ـ أن الحركة لم تكن لتنجح لولا انضمام اللواء محمد نجيب إليها لما كان له من سمعة طيبة في الجيش، ولما كان منصبه ذو أهمية إذ أن باقي الضباط الأحرار كانوا ذوي رتب صغيرة وغير معروفين.

أدرك الملك الشعبية الطاغية لمحمد نجيب وسط الضباط، فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ في محاولة لامتصاص غضب الضباط، ولكن المحاولة تأخرت كثيرا فقد دارت عجلة الأحداث سريعا لتشهد مصر ميلاد عهد جديد صباح 23 يوليو 1952.

وبعد الانقلاب علي الملك فاروق واستقالة علي ماهر نتيجة للخلافات بينه وبين الضباط الأحرار، أصبح محمد نجيب رئيساً لمجلس قيادة الثورة وشكل وزارته الأولى في 10 سبتمبر عام 1952، وتولى فيها منصب وزير الحربية والبحرية مع احتفاظه بالقيادة العامة للقوات المسلحة. في ١٨ يونيو 1953 أصبح نظام الحكم في مصر جمهورياً، وعين اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر، وبذلك تم إلغاء النظام الملكي وحكم أسرة محمد علي.

فساد الانقلاب

بعد مرور عام على الانقلاب العسكري تركزت كل الأضواء علي اللواء محمد نجيب باعتباره الرجل الذي قاد الانقلاب علي فاروق، وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأ بعض الضباط يحاولون أن يجنوا ثمار نجاح الحركة ولو علي حساب المبادئ والأخلاق، حتي شاع بين الناس أن الانقلاب طردت ملك وجاءت بثلاثة عشر ملكا.

يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر" : لقد خرج الجيش من الثكنات… وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلي الآن في مصر كان كل ضابط من ضباط القيادة يريد أن يكون قويا..فأصبح لكل منهم "شلة" وكانت هذه الشلة غالبا من المنافقين الذين لم يلعبوا دورا لا في التحضير للثورة ولا في القيام بها".

يوم الانقلاب

في يوم 14 ديسمبر 1954 توجه محمد نجيب من بيته في شارع سعيد بحلمية الزيتون إلى مكتبه بقصر عابدين وكان قد لاحظ عدم أداء ضباط البوليس الحربي التحية العسكرية وعندما نزل من سيارته داخل القصر فوجئ بالصاغ حسين عرفة من البوليس الحربي ومعه ضابطان و 10 جنود يحملون الرشاشات يحيطون به.

صرخ في وجه حسين عرفة طالبا منه الابتعاد حتي لا يتعرض جنوده للقتال مع جنود الحرس الجمهوري فاستجاب له ضباط وجنود البوليس الحربي. لاحظ نجيب وجود ضابطين من البوليس الحربي يتبعانه أثناء صعوده إلي مكتبه نهرهما فقالا له إن لديهما أوامر بالدخول من الأميرالاي حسن كمال " كبير الياوران " فاتصل هاتفيا بجمال عبد الناصر ليشرح له ما حدث فأجابه عبد الناصر بأنه سيرسل عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة ليعالج الموقف بطريقته.

جاء عبد الحكيم عامر وقال له في خجل " إن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية “.. فرد عليهم.." أنا لا أستقيل الآن لأني بذلك سأصبح مسؤولا عن ضياع السودان أما أذا كان الأمر إقالة فمرحبا.". أقسم عبد الحكيم عامر أن إقامته في فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلي بيته لكنه لم يخرج من الفيلا إلا في عام 74 بقرار من الرئيس أنور السادات.

نجيب والرئيس مرسي

ومثلما جرى للرئيس المنتخب محمد مرسي، عندما احتجزه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في دار الحرس الجمهوري، خرج محمد نجيب من مكتبه في هدوء وصمت حاملا المصحف مع حسن إبراهيم في سيارة إلي معتقل المرج وحزن علي الطريقة التي خرج بها فلم تؤد له التحية العسكرية ولم يطلق البروجي لتحيته وقارن بين وداعه للملك فاروق الذي أطلق له 21 طلقة وبين طريقة وداعه.

عندما وصل إلي فيلا زينب الوكيل بالمرج فوجد الضباط والعساكر يقطفون ثمار البرتقال واليوسفي من الحديقة وحملوا من داخل الفيلا كل ما بها من أثاث وسجاجيد ولوحات وتحف وتركوها عارية الأرض والجدران، كما صادروا أثاث فيلا زينب الوكيل صادروا أوراق اللواء نجيب وتحفه ونياشينه ونقوده التي كانت في بيته ومنعه تماما من الخروج أو من مقابلة أيا من كان حتى عائلته.

أقيمت حول الفيلا حراسة مشددة حيث كان علي من في البيت ألا يخرج منه من الغروب إلي الشروق وكان عليهم أن يغلقوا النوافذ في عز الصيف تجنبا للصداع الذي يسببه الجنود ، ويقول محمد نجيب: "هذا ما تبقي لي، فخلال الثلاثين سنة الماضية لم يكن أمامي إلا أن أصلي أو أقرأ القرآن أو أتصفح الكتب المختلفة".

المصدر