3 صعايدة و 3 من فلسطين (1ـ3)

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
3 صعايدة و 3 من فلسطين (1ـ3)
علم فلسطين.jpg

بقلم : عبد العال الباقوري

هذه الكلمات عمرها أكثر من سنة، وبمعنى أوضح: كان يجب أن تكتب (بضم التاء الأولى وفتح الثانية)، من صيف العام الماضي، فوراً أن فرغت من قراءة مذكرات الأستاذ الدكتور حامد عمار، وأتبعتها بقراءة الجزء الثاني من مذكرات الأستاذ الدكتور محمود الربيعي، وأوحت قراءة هاتين السيرتين بمقارنتهما بمذكرات الأستاذ الدكتور رؤوف عباس ، فقد جمع بين الثلاثة أنهم أستاذة جامعيون، وانهم صعايدة، أي من أصول صعيدية.

ومالت نفسي إلى هذه المقارنة خاصة بعد أن قرأت جزءاً كبيراً من مذكرات الأستاذ أنيس صايغ، لدرجة أني اخترت عنوان ما كان يجب أن يكتب وهو «3 صعايدة وواحد فلسطيني».

ومضى عام دون أن أقوم بما عزمت عليه. ومرت الأيام وصدرت أخيراً مذكرات الأستاذ الدكتور جلال أمين.

وحين فكرت في الكتابة عنها تذكرت ما لم أكتبه، خاصة وأن مذكرات الدكتور حامد عمار ولم تحظ بما تستحقه من العرض والتحليل على صفحات الصحف والمجلات.

دروس اسمها مذكرات

ولذلك، عدت إلى المشروع الذي مضى عليه عام كامل، خاصة وأن صديقاً عزيزاً أتحفني بمذكرات اثنين من السياسيين الفلسطينيين، هما بهجت أبو غربية وشفيق الحوت.

وهكذا، أصبحت أمامي مذكرات ستة شخصيات تستحق كل واحدة منها العرض والتحليل على نطاق واسع.

وخوفاً من أن أؤجل مرة أخرى ما يجب أن يكتب اليوم إلى عام آخر، وربما أكثر، واهتدى بقاعدة أن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

خاصة وأن مرور الوقت سيدعوني إلى أن أعيد قراءة ما قرأته، حتى أستطيع أن أكتب من هذه المذكرات بالمستوى الذي أريده، حشمت أمري لأكتب هذه الكلمات.


ومما شجعني على أن أبدأ الكتابة اليوم، أن هذه المذكرات ليست بعيدة بأية حال عما نحن عليه ولا عن التطورات والأحداث الجارية فوق الأرض العربية، خاصة في العراق وفلسطين ولبنان، وبعض أهل هذه الدول الثلاث ممن قرأوا مذكرا الدكتور رؤوف عباس وأعجبوا بها أكدوا أن المذكرات تتناول أحداثاً ووقائع وشخصيات ليست بعيدة عما حدث ويحدث في بلادهم، فكلنا في الهم عرب ولذلك صدرت من دمشق طبعة خاصة من هذه المذكرات التي من المقرر أن تصدر في طبعة ثالثة قريباً، تتضمن عرائض الدعاوى التي رفعت صاحبها وح؟؟؟؟

الأحكام التي صدرت. ومن المعروف أن عنوان هذه المذكرات هو «مشينا ها خطى» وقد صدرت طبعتها الأولى في سلسلة «كتاب الهلال» حين كان يرأس تحريرها الصديق الأستاذ مصطفة نبيل،

ويصل ما طبع منها إلى حوالي ستة آلاف نسخة نفذت جميعها، بالإضافة إلى طبعة «الدار الوطنية للنشر والتوزيع» في العاصمة السورية دمشق، والتي كتب مقدمتها الأستاذ الدكتور ذوقان قرقوط وهو مؤرخ سوري، كان يعيش إلى وقت غير بعيد في القاهرة، حيث تعرف عن قرب على الدكتور رؤوف عباس، وكتب عنه «كان الدكتور رؤوف متوازن الشخصية لا يعرف الشكوى ولا التذمر فحالة ذلك العربي الشائع الصور، الحامل على أكتافه ثقل آلاف السنين، دون أن يحني هامته»، ورأى في هذه المذكرات سلسلة معارك لم يخمدها أوزارها.. وكان سلاحه الكفاءة لقهر الفقر والتغلب عليه..

وقد كتب عن هذه المذكرات الكثير.

وهي تستحق ما هو أكثر ولن أقف عندها كثيراً إلا من باب المقارنة بينها وبين المذكرات الأخرى، خاصة مذكرات الدكتور حامد عمار عميد أو شيخ التربويين العرب، لدرجة أن هناك تشابهاً بين عنوان مذكرات الاثنين، فقد جاء عنوان مذكرات الدكتور عمار «خطى..

اجتزناها: بين الفقر والمصادفة إلى حرم الجامعة».

وقد صدرت عن «الدار المصرية اللبنانية» بالقاهرة، في العام الماضي 2006 ، حين بلغ الخامسة والثمانين أطال عمره، ومنحه الصحة والعافية والقدرة على المزيد من العطاء المتميز وخاصة في مجال التربية. وفي «فاتحة السيرة» يشير الدكتور عمار إلى أن الدكتور رؤوف كان ممن استحثوه على كتابة مذكراته، وخيراً فعل الأول بحثه، وحيزاً فعل الثاني باستجابته التي أعطتنا قصة كفاح نبيل وأصيل لشاب من صعيد مصر «ال؟؟؟» حيث ينتمي إلى محافظة أسوان وبالتحديد إلى قرية «سلوا» التي كانت عند مولده مجتمعاً ريفياً يكاد يكون بدائياً مغلفاً بذاته وبكتابه الذي يعنى بحفظ القرآن الكريم وبعناية أقل بتعلم القراءة والكتابة.

ومن سلوا إلى أدفو كانت النقلة إلى مدينة ذات شوارع وأبنية مصقولة الجدران وذات طريق عالية، ثم من أسوان إلى سوهاج، ثم إلى القاهرة ومنها إلى لندن، حيث حصل على الماجستير في موضوع «بحث في عدم تكافؤ الفرص التعليمية في مصر».

أما الدكتوراه فكانت رداً للجميل إلى القرية التي نشأ فيها وكتب عنها «التنشئة الاجتماعية في قرية مصرية ـ سلو » وهذا درس لأبناء القرى من الأجيال التي تقطع صلتها بقراها، ولا تذهب إليها ولو مرة في السنة ولعل هذا ينقلنا أو يعيدنا إلى مذكرات الدكتور رؤوف عباس وحديثه عن «عزبة هرمس» التي كانت تقع في شارع متفرع من شارع الترعة البولاتية في حي شبرا.

ومن هذين العلمين، أنتقل إلى الدكتور أنيس صايغ ومذكراته التي تحمل عنوان «أنيس صايغ عن أنيس صايغ» والتي تحدث فيها بإسهاب عن أسرته وأفاض في الحديث عن والديه واخوته فقد زاد عدد صفحات الكتاب على 500 صفحة، بينما جادت مذكرات الدكتور عمار في 325 صفحة، مع بنط أكبر ومذكرات الدكتور رؤوف في حوالي مائتي صفحة.

كما أفاض الدكتور أنيس صايغ في حديث غير ممل عن مسقط رأسه طبريا التي يصفها بأنها «سجلت لنفسها صفحات ناصعة في تاريخ فلسطين ».

ولا يفوته أن أسرته تنتمي على الطائفة الإنجيلية، وهنا يؤكد أن أتباع هذا المذهب الأميركي المسيحي الصهيوني لا يمثلون المسيحية وجوهرها وفهمها للعدالة والمساواة والحرية والحقوق.

إنهم دعاة مذهب جديد منحرف وغريب ومشوه من أساسه، إن من يتكلم باسم الإنجيلية من الفلسطينيين مثلاهم العشرات من أولئك الذين بذلوا جهودهم وأموالهم وبعضهم بذل حياته ودمه من أجل عروبة فلسطين .

إنهم قافلة طويلة من مناضلي الفكر والرأي ورموز العطاء الثقافي والاجتماعي والإعلامي إنهم يتباهون أنهم عرب مسيحيون وليسوا مسيحيين عرباً.

أما شفيق الحوت في «بين الوطن والمنفى: من يافا يبدأ المشوار» فيحدثنا عما كانت عليه المدنية الفلسطينية العريقة التي ولد فيها في 1932 وظل فيها إلى أن غادرها وأسرته فجأة تحت وطأة الإرهاب الصهيوني سنة 1948 .

كما يشير إلى أن جده هاجر في أوائل التسعينيات من القرن التاسع عشر إلى فلسطين من بيروت «هرباً من العسكرية وربما سعياً وراء رزق أوفر» أما الدكتور محمود الربيعي ثالث الثلاثة من أصحاب الأصل الصعيدي والمناضل الفلسطيني بهجت أبو غريبة فلا حديث هنا عن الميلاد والنشأة، لأن ما أمامي هو الجزء

الثاني من مذكرات كل منهما، حيث يتحدث أبو غربية من الفترة من 1949 إلى 2000 أي من النكبة إلى الانتفاضة، بينما يتناول الدكتور الربيعي فترة ما بعد الخمسين وهو واحد من أبناء جهينة القرية التي أصبحت مدينة مترامية الأطراف، أما رؤوف عباس الذي ولد في بورسعيد فقد نزح جده من برجا في صعيدمصر إلى عام 1910..

ولا تزال الذكريات متصلة وحبل الحديث ممدوداً.

المصدر