وكتب حسن البنا رسائله التربوية لإخوانه جاء فيها(1)

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
وكتب حسن البنا رسائله التربوية لإخوانه جاء فيها


أيها الإخوان- قد تناولت فكرتكم من الوجهة النظرية بما لا يدع فى نفس أحد شبهة, وبما لا يحتاج بعد ذلك إلى شرح أو بيان, ولكن الكلام وحده لا قيمه له إن لم تصدقه الأعمال, ويتبعه التنفيذ المباشر, وان الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

أيها الإخوان المسلمون:

العمل مع أنفسنا هو أول واجباتنا فجاهدوا أنفسكم واحملوها على تعاليم الإسلام وأحكامه، ولا تتهاونوا معها فى ذلك بأى وجه من الوجوه، أدوا الفرائض,وأقبلوا على الطاعة, وفروا من الإثم, وتطهروا من العصيان, وصلوا قلوبكم ومشاعركم دائمًا بالله ملك السموات والأرض، قاوموا الكسل والعجز, واحرصوا على الوقت فلا تصرفوه فى غير فائدة, وحاسبوا أنفسكم فيه حسابًا عسيرا، واحذروا أن تمر بكم دقيقة واحدة لا يكون لأحدكم فيها عمل طيب وسعى مبرور.

والعمل مع بيوتكم وأسركم -أيها الإخوان- أقدس واجباتكم، فالأمة هى مجموع هذه الأسر, وإذا قويت دعائم الأسرة قوى بناء الأمة واطمأننا على الجيل الجديد كل الاطمئنان فتلطفوا مع أهليكم وأسركم وأصدقائكم وأقربائكم واحملوا جميعًا على خطتكم، وأقنعوهم فى أدب ولطف ومنطق وحجه بوجاهة رأيكم, واعتدال طريقكم, وفائدة عملكم حتى يكونوا معكم فيما أنتم بصدده من عمل مجيد نبيل.

ووحدتكم -أيها الإخوان- وارتباطكم هو السلاح الأول وهو أقوى الأسلحة فى أيديكم فاحرصوا على هذه الوحدة وكونوا دائمًا مع الجماعة, ولا تخالفوا عن أمر إخوانكم ولا تفرقن بينكم المشاغل الزائلة ولا الأوهام القاتلة.

انشروا الفكرة فى كل محيط يتصل بكم فى الحوانيت, والشوارع, والبيوت, والمساجد, والمقاهى والمجالس العامة والخاصة, وفى القرى والريف والمدن والعواصم, وفى المصانع والمعامل, والحقول والمدارس واجمعوا قلوب الناس جميعًا على كتاب الله وتحت لواء "محمد صلى اله عليه وسلم" أفضل خلق الله أجمعين ورحمة الله للعالمين فلواؤه لواء الحمد, وشرعته منهاج الرشد, وهديه أفضل الهدى, ومن استظل بظله وسار تحت رايته فاز فى الدنيا بالنصر ولينصرن الله من ينصره, وفاز فى الآخرة بالأجر يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه، واجعلوا فى كل شارع جماعة إخوانية, وفى كل قرية كتيبة قرآنية, وفى كل مدينة راية محمدية, وفى كل فج من الفجاج أخ يهتف بمبادئكم ويتمادى بتعاليمكم, ويعطى كلمتكم, ويبايع بيعتكم, ويجهز نفسه ليمثل مكانه فى الصف وإن يوم النداء لقريب.

ألفوا الفرق الرياضية بأنواعها فى شعبكم، فالقوة شعاركم ولا قوة فى جسم ضعيف ضئيل، ووجهوا عنايتكم إلى الجوالة، وليكن فى كل شعبة من شعبكم فرقة من شبابها فهو الجهاد فى سبيل الله، وهو ذروة سنام هذا الدين وهو التدرب الذى يضاعف فيه الأجر ويجزل المثوبة.

كونوا الكتائب فإن جيوش الليل تنزل بالنصر على جيوش النهار، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، وأنيروا حنادس( ) الظلام بآيات الكتاب الكريم, وناجوا الله والناس نيام يدلكم من أعدائكم، ويبارك فى أعمالكم ويرزقكم التأييد والمعونة ولله الأمر من قبل ومن بعد.

اقتصدوا من أموالكم لإيمانكم ومستقبلكم فإنكم لا تدرون ما الموقف غدًا, ولا يصرفنكم ذلك عن الثقة بمولاكم, والاعتماد على بارئكم, وإنما على حد قول النبى الصالح: ﴿يَا بَنِىَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾[يوسف: 67]، ﴿وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾[الذاريات: 22-23].

أيها الإخوان:

إنكم فى دور تكوين ولم تتم خطوتكم الثانية بعد, بل أنتم لازلتم فى أولها فلا يلهينكم السراب الخادع عن حسن الاستعداد وكمال التأهب, اصرفوا تسعين جزءًا من المائة من رزقكم لهذا التكوين، وانصرفوا فيه على الخلق أجمعين، واجعلوا عشرة الأجزاء الباقية لما حولكم من الشئون حتى يشتد عودكم ويتم استعدادكم, وتكمل أهبتكم, وحينئذٍ يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين.

أيها الإخوان:

الإيمان القوي, والعمل الصحيح, والإقبال على الطاعة والبعد عن المعصية والحرص على الوحدة والعمل الدائب, والجهاد المستمر وحسن النظام وإخلاص الغاية كلها دعائم لابد أن تتوفر فى مجتمعاتكم بوضوح تام حتى تذللوا ما يعترض طريقكم من عقبات وإنها لكثير لا تتيسر إلا لمن يسرها الله عليه.

وبعد،

فإنى لعظيم الأمل فى إيمانكم, وجميل تقبلكم لمثل هذه النصائح التى لا يمليها إلا الأمل فيكم، والحرص على خير الدعوة التى نفتديها جميعًا بكل ما فى الوجود, فاعملوا والله معكم, وإنى كذلك لعظيم الشكر لهؤلاء الإخوان الكرام الذين تجشموا مشقة سفر بعيد مديد ليصلوا رحمًا ويؤدوا واجبًا ويعينوا إخوانهم فى مرضاة الله، وفقكم الله، وسدد خطاكم، وجعله عام يمن وبركة وخير.