وصول الإخوان للحكم!
بقلم / إبراهيم عيسى .... رئيس تحرير الدستور المستقلة
قال لي صحفي أمريكي ونحن علي مقهي في القاهرة إن الرئيس مبارك شخط فيه ذات مرة وهو يجري معه حوارًا لمجلته وقال له: إنت عايز نعمل انتخابات حرة عشان يأتي الإسلاميون «كان يقصد الإخوان المسلمين» ويحكمون البلد، ثم أضاف الرئيس: أنتم أول من سيعاني!!
فسألت الصحفي الأمريكي: وهل صدقته؟
أجاب: نعم صدقته.
فأجبت: وهكذا يصدق المسئولون والرؤساء والعالم الغربي كله رئيسنا ..حين يخوفكم بالإخوان فتخافون، ولهذا أنتم موافقون علي ديكتاتورية وأبدية حكم الرئيس مبارك ولا تنزعجون علي الإطلاق منها، بل هي تخدم سياسات الغرب والأمريكان، كما لم تزعجكم أبدًا سياسة عمر بونجو في الجابون، ولا حتي معمر القذافي في ليبيا، ولا شايفين أي مشكلة فيما يفعله زين العابدين بن علي من ديكتاتورية واحتكار حكم في تونس، وراضون تماما عن عبدالله صالح في اليمن وفيه ما في رفاقه من رؤساء الديكتاتوريات العربية، ولا أظن أنه يخالجكم أي ذنب وأنتم تدعمون هؤلاء وترعون نظمهم الحاكمة وتتابعون بكل رقة وكرم مغدق انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وتزويرهم للانتخابات ومع ذلك أحب أن أبشرك بأنكم أول من سيعاني!
لم أقابل أي صحفي أجنبي إلا وهو يخاف من الإخوان المسلمين ومن وصولهم للحكم لو جرت انتخابات نزيهة في مصر! الأمر الذي يؤكد نجاح الرئيس مبارك نجاحًا مذهلاً في إقناع الأمريكان ومؤسسات الحكم والإعلام في أوروبا أن الإخوان المسلمين من القوة والمكانة والجماهيرية التي ستصعد بهم للحكم في حالة توقفه عن تزوير الانتخابات التشريعية!
وربما يفسر هذا كله المطاردة الأمنية المنفعلة والمفتعلة للإخوان وسجن زعاماتهم وتلفيق القضايا لهم وتحويلهم للمحاكم العسكرية، فهذا كله يستهدف ضمن أهداف عديدة أن تصل للغرب رسالة أن الإخوان قوي ضخمة ومتشعبة ومتعددة وقوية، وأنها في صراع محموم مع نظام مبارك فتترسخ لدي الغرب والأمريكان فكرة أن الإخوان هم بديل مبارك وهي الجماعة المنافسة للحزب الحاكم، ويبارك الغرب «مبارك» في تصديه للإخوان والتيار الإسلامي، فالثابت أن أجهزة المخابرات في العالم بات لديها خط أحمر غير مسموح به علي الإطلاق وهو وصول تيار إسلامي للسلطة في أي دولة عربية، وبدلاً من أن تتدخل هذه الأجهزة بعمليات قذرة أو تتورط حكوماتهم في تحركات عنيفة، فإنهم يفضلون أن يقوم وكلاؤهم في المنطقة بدورهم البوليسي الاستبدادي بالتخلص من التيار الإسلامي مبكرًا وعاجلاً أيًا ما كانت وسيلة هذا النظام أو ذلك في التعامل مع الإسلاميين!
وهناك تجربة جبهة الإنقاذ في الجزائر في أوائل التسعينيات حين أوشكت علي الوصول للحكم بعد نجاحها الكاسح في انتخابات المحليات، ثم تدخلت فرنسا الدولة الاستعمارية العظمي صاحبة أسود سجل في دعم الديكتاتوريين العرب «فرنسا أسوأ وأسود من أمريكا.. تخيل!» وعبر نفوذها «إن لم تكن سيطرتها» علي المؤسسة العسكرية في الجزائر فجري انقلاب ضد الديمقراطية انتهي إلي إرهاب ومذابح شاركت فيها وخططت لها ونفذتها المؤسسة العسكرية الجزائرية الفرنسية، ونسبوا كثيرًا من المذابح للإسلاميين في أكبر كذبة وخديعة أخلاقية في العالم وعاث الإرهاب وعاش الاستبداد في الجزائر وغيرها حتي حينه.
لكن هل يمكن أن يصل الإخوان فعلاً للحكم عبر انتخابات نزيهة في مصر؟
أحب أن أفاجئك بأن هذا مستحيل!
أن يصل الإخوان للحكم عبر انتخابات نزيهة فهذا حقهم، ولا يملك أحد أن ينازعهم هذا الحق، فمتي جاءوا بطريق ديمقراطي سلمي فليس لنا أن نعترض علي إرادة الجماهير ورغبة الأغلبية ولا مشكلة عندي «ومن المفترض أنه لا مشكلة عند أي شخص مؤمن بالديمقراطية وبحق الناس في الاختيار» في أن يحكمنا الإخوان طالما هناك انتخابات نزيهة تضمن أن يستمروا أو يرحلوا عن الحكم بأصوات الناخبين!
لكن مرة أخري أفاجئك بأن هذا لن يحدث أبدًا، هذه الأكذوبة التي يعتنقها نظام مبارك ويعيش بها وعن طريقها، هي ذات الأكذوبة التي يحب الإخوان أن يصدقوها ولا يحبون أن ينفوها، لكنها في النهاية مجرد أكذوبة، تكرارها لا يعني صدقها!
لن ينجح الإخوان في الوصول للحكم في حالة إجراء انتخابات نزيهة، فالواضح أن من سينجح فعلا في أي انتخابات نزيهة قادمة هم الفاسدون ومشترو الأصوات ومليارديرات المال المشبوه والحرام!
إزاي ...
سنعرف كلنا إزاي!
المصدر: نافذة مصر