وجيه غيث يكتب: هذا هو المنطق
تختلف المسألة في الفقه من مكان لأخر، وتتغير الفتوى بتغير الظروف، فلكل مقام مقال ولكل حادث حديث، حينما تنصح شخصاً تحبه بأن يتقي فلان سيفهم ان عليه الابتعاد عن هذا الـ فلان .
وعندما تنصح نفس الشخص ان يتقي الله سيفهم فورأ ان عليه الاقتراب من الله سبحانه وتعالى، فمكونات الكلمة هنا واحدة ولكن معناها ومدلولها يختلف تمام الاختلاف حسب الشخص الذي سوف تتعامل معه.
وكذلك هو الحال في التعامل مع الله في الخوف والرجاء والتوكل عليه والأخذ بالأسباب تقرباً منه وعبادة له جل وعلا.
منذ زمن بعيد دار بيني وبين أحد الأصدقاء حوار هادئ أراد فيه أن يقنعني بتحديد النسل، ومن أجل تقريب وجهات النظر وجه لي سؤالاً (منطقياً) بسيطاً يحمل من الذكاء الظاهري ما يحمل، فقال لو أنك تملك عشرة أرغفة من الخبز من الأفضل أن يكون لديك ولدين مقابل هذه العشرة أم خمسة أولاد مثلاً؟؟
وطلب مني الإجابه فلم أحرمه إياها وأجبته، لو أن رزقي علي صاحب المخبز لكان الحال أفضل مع الولدين أما وإن رزقي علي رب صاحب المخبز فلن أتوقف عن الإنجاب لو كان السبب الوحيد هو الخوف من الفقر.
هنا انتهى الحوار بيني وبين صديقي ولكنه لم ينتهي بيني وبين نفسي، وذهبت بذهني أدور حول المنطق ومعناه وهل نحن ظلمنا المنطق أم هو الذي ظلمنا؟
أم نحن أسأنا فهمه واستخدامه وكذلك توظيفه؟ أم المنطق نفسه يختلف ويتغير من شخص لأخر ومن موقف لأخر.
وسألت نفسي ما المنطق في غزوة بدر الكبرى، من حيث العدد والعدة والظروف النفسية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لأهل بدر!!
ما المنطق في غزوة الأحزاب؟ بل ما المنطق في عصا موسى وما علاقتها العلمية أو التاريخية بالبحر؟
وأين المنطق في هرولة يوسف عليه السلام نحو باب يعلم مسبقاً أنه موصد وخلفه حراس في غيبة صاحب القصر؟ وأين هو المنطق في امرأة تهز النخلة من جزعها وهي في أشد حالات الضعف والألم وهي حالة الوضع؟ وهنا انتبهت إلي حقيقة لا فكاك منها.
وهي أن أهل الله وخاصته يعلمون من الله ما لا يعلمه أهل الباطل وذوي الخواء الإيماني، ويفهمون حقيقة هذه الحياة وبواطن الأمور على نحو لم نفهمه نحن المساكين، إنهم يا سادة يعلمون أن إحقاق الحق منطق،،، والأخذ بالأسباب منطق، واأن الزود عن الأرض والعرض والموت دونهم منطق، وأن الدفاع عن الحق منطق، وأن الشهادة في سبيل الله منطق بل كل المنطق.
المصدر
- مقال:وجيه غيث يكتب: هذا هو المنطق موقع: إخوان الدقهلية