همام سعيد: لسنا محايدين في المعركة ضد الفساد بالأردن

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
همام سعيد: لسنا محايدين في المعركة ضد الفساد بالأردن

18/9/2008

حاوره محمد النجار

همام سعيد: الحوارات لا بد أن تتزامن مع الإنجازات

قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن الدكتور همام سعيد إن الجماعة لا تقف على الحياد في المعركة ضد الفساد في الأردن، مطالبا بمحاسبة عدد من كبار السياسيين المتورطين فيه.

ورفض سعيد في حوار مع الجزيرة نت تناول مجمل التطورات الأخيرة في الأردن أو أن تنحاز الجماعة لأي شخصيات في سياق الخلاف السياسي الكبير في البلاد، غير أنه أشار إلى أن الجماعة تقف مع أي جهة تكشف الفساد وتواجهه، وتقف على النقيض من أي شخصية يثبت تورطها في الفساد.

وتاليا نص الحوار الكامل:

لو بدأنا بالاتصالات الجارية حاليا بينكم وبين المخابرات من جهة، وبين المخابرات وحركة حماس من جهة أخرى، هل ترون أن هذه اللقاءات بروتوكولية أم أنها تتناول قضايا جوهرية؟

  • الحقيقة ومن موقعي كمراقب عام للإخوان المسلمين في الأردن أريد أن أؤكد أننا ننطلق من منطلقات إستراتيجية وليس من منطلقات تكتيكية، منذ نشأة هذه الدعوة في الأردن ونحن نقوم بواجبنا بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى، ونعمل وفق هدفها الكبير وهو استئناف الحياة الإسلامية في هذا المجتمع الحبيب العزيز، وعندما قامت حركة حماس قامت كمشروع جهادي أريد له أن يدافع عن حقوق الأمة في فلسطين، ولله الحمد آتى هذا المشروع أكله وأثمر إنجازات كبيرة على الساحة الفلسطينية وكان المطلوب أن يجد له سندا في جوار فلسطين في الأردن ومصر ولبنان وسوريا، ولكن حيل بين هذا المشروع وبين مسانديه من الشعوب المحيطة التي كانت وما زالت تشعر بثقل المسؤولية والواجب في نصرة هذا المشروع ومساندته والمشاركة بحمل أعبائه.

لكن في الحقيقة جرت في السنوات الأخيرة عملية اضطهاد للمشاريع الإستراتيجية سواء مشروع الحركة الإسلامية أو مشروع تحرير فلسطين وقيام تنظيم إسلامي مجاهد في فلسطين، وكلنا يعلم الإجراءات الكثيرة التي حاولت عزل هذا التنظيم الإسلامي في الأردن عن جمهوره وشعبه، كما حاولت عزل التنظيم الجهادي في فلسطين عن بيئته.

الآن تجري حوارات لإعادة نوع من العلاقة، ونحن نطالب أن تكون هذه العلاقة منسجمة مع المبادئ والإستراتيجيات سواء للحركة الإسلامية في الأردن أو حركة حماس في فلسطين، ونتمنى أن تكون هناك تغييرات جذرية بالنظر لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن وأنها مكون رئيسي من مكونات المجتمع الأردني، والتعامل معها دون إقصاء أو تحجيم أو حرمانها من حقوقها الأساسية.

كما أننا نتمنى أن يكون الحوار مع حماس من باب الشعور بالواجب تجاه الشعب الفلسطيني باعتبار هذه المساندة تحافظ على الأردن وتمنع قيام الوطن البديل.

ومن هذا المنطلق نحن نرحب بأي حوار يصب في هذا الاتجاه، ولا يجوز لنا أصلا أن نرفض شيئا يقدم لنا حلولا وتسهيلات تحقق للمسلمين في هذا البلد غاياتهم ومقاصدهم وتحقق لحماس من يعينها على تحقيق أهدافها.

قلت إنك لا تريد الخوض في تفاصيل الحوار مع مدير المخابرات، ولكن هل تلمس بحثا جديا في القضايا التي يجري بحثها؟

  • إذا أردنا تقييم الأجواء من حيث الحوار والاستجابة لبعض الأمور الإيجابية فإننا نلاحظ أن هناك أجواء إيجابية لم تحدث من قبل، لكن ما نطالب به هو الوصول للعمق في بحث القضايا وتمكين الجماعة من تحقيق أهدافها وإعطائها الحق في خدمة المجتمع الأردني والوصول للعمق في دعم الجهاد على أرض فلسطين، وبالتالي العودة عن العلاقات مع الكيان اليهودي.

هل ترى أن هناك ما يجمع الأردن وحماس والحركة الإسلامية اليوم بعد فشل مسار السلام وتخوفات الأردن من حل القضية الفلسطينية على حسابه بإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن؟

  • الحقيقة أن خطابنا لم يتغير، وكان منطقنا واحدا منذ عشرات السنين، ونبهنا للأخطار والأطماع في الأردن وأنها مشابهة للأطماع في فلسطين، وإذا أدركت الأطراف الرسمية هذه الأخطار فهذا أمر جيد، ولكن ما ينبغي أن يترتب على هذا الأمر أن يجري التعامل وفق منظور إستراتيجي والتعامل مع الملفات من أصولها وجذورها.

هل تتطلعون لتطور الحوار الحالي ليكون حوارا شاملا وعلى مستويات أعلى بينكم وبين المسؤولين بالمملكة وأن لا يبقى مقتصرا على كونه حوارا مع نواب الحركة في البرلمان؟

  • نحن ننظر إلى أن هذه الحوارات لا بد أن تتزامن مع الإنجازات، وهي إنجازات نريدها لشعبنا الأردني وللشعب الفلسطيني، وإذا تبين أن هنالك ما يحقق ما يتفق عليه في هذه الحوارات فهذا يصعد مستوى الحوار ويجعل آفاقه أوسع وأرحب.

إحدى القضايا التي ظلت عالقة بينكم وبين الحكومات المتعاقبة الحجز على جمعية المركز الإسلامي التي يصفها البعض بالذراع الاقتصادي للجماعة، هل تلقيتم أي وعود بإعادتها لكم؟

  • الجمعية الآن تمر بأزمة كبيرة جدا، والمستشفى الإسلامي اليوم مدين بملايين الدنانير وهو معرض لخطر كبير ولا بد من إعادة النظر السريع جدا لوضع الجمعية، والمعلوم دائما أن الأعمال التطوعية لا تنجح ضمن إدارة حكومية، وبالتالي فإن رفع الحكومة يدها عن الجمعية يحقق مصالح الوطن والمواطنين، فالجمعية تمثل مصالح فقراء وأيتام ومرضى، ولا يجوز الصبر على إدارة الجمعية من قبل إدارة مؤقتة يديرها موظفون، لأن الموظف لا يتحمل المسؤولية كما يتحملها المتطوعون.

كانت هناك وعود برفع الحكومة يدها عن الجمعية، لكننا ننظر للأفعال ولا نلتفت لهذه الوعود.

أما القول إن الجمعية هي الذراع الاقتصادي للجماعة فهذا ينم عن بساطة في التفكير، والبعض يظن أنه إذا سلبت الجمعية من الإخوان يتعطل نشاطهم وهذا ما ثبت خطؤه، الإخوان قادرون على إنشاء جمعيات وهيئات، وما يؤخذ على الإخوان أنهم اكتفوا بجمعية واحدة، والأصل أن يقيموا مئات الجمعيات ويشاركوا أبناء شعب الأردن في جمعياته الأخرى.

الآن يوجد في الأردن نوع من الصراع بين تيارين في داخل مؤسسة الحكم، كيف تنظرون لهذا الصراع وللقضايا المثارة في تفاصيله مع أنه كان لكم رأي في بعض القضايا التي أثيرت في خضم هذا الجدل؟

  • المتابع للمواقف الصادرة عن الجماعة يجد أن ملفات الفساد على رأس أولويات اهتمامنا، وبدأنا بطرحها منذ البداية ونبهنا لها، من بيع للمؤسسات خاصة بيع ميناء العقبة والمدينة الطبية والمدينة الرياضية وغيرها من المعالم التاريخية والحضارية، وطالبنا بمحاسبة من تجرأ على التلاعب بملكية هذه المؤسسات العامة، ونحن نعتبر أنها بمثابة الوقف الذي لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بحدود المصلحة التي تتناسب مع الوقف.

بالنسبة لبعض الملفات فنحن لا نزال نعتبر أن ملف الكازينو لا يزال مفتوحا والأسئلة التي طرحناها لا تزال تنتظر إجابات ولا يجوز أن تضيع هذه القضايا تحت الأرجل وأن تضيع دماؤها بين القبائل، هذه مؤسسات وإجراءات ومظاهر فساد لا تزال شاخصة وقائمة لم يحاسب عليها مرتكبوها، ونحن نقول إن هذا أمر لن نسكت عليه ولا بد أن تفتح هذه الملفات بكل جرأة وشفافية.

نحن نطالب بالتحقيق في ملفات سكن كريم لعيش كريم، ولا أدري لماذا السكوت على فساد كان سيتحقق لو أحيلت العطاءات على بعض الجهات لولا يقظة بعض أصحاب الضمائر.

ما يقلقنا أن من يتولون الفساد في هذه الملفات هم أصحاب سلطة وأصحاب قرار يسخرون القرار والسلطة لصالح الفساد في هذا الوطن، ونحن لا ننحاز لطرف يرتكب الفساد ولا ننحاز لطرف يواجه الفساد، ونحن نقول لكل من يشير إلى الفساد أحسنت، ولمن يرتكب الفساد أسأت، نحن لسنا على الحياد في المعركة ضد الفساد، ونحن نطالب بالتحقيق ومحاكمة كل من يرتكب الفساد ونعتبر أنفسنا في مواجهته.

في الآونة الأخيرة كان هناك حديث عن عدد من ملفات الفساد، هل ترون أن هناك أي جدية في مكافحة الفساد بالأردن؟

  • لا نشعر حتى الآن أن هناك جدية في محاربة الفساد، والدليل على ذلك أن الناس يتكلمون عن ملفات الفساد منذ مدة طويلة وعن أمور قائمة ومشهودة ويراها الناس بعيونهم ولكن لم نرى حتى الآن من اقتحم هذه الحصون الفاسدة.

أحدث القضايا المثارة في الأردن اليوم اتهام أردنيين ومن بينهم مسؤول رفيع بالاتجار بالبشر في القضية المرفوعة أمام محاكم أميركية من قبل عائلات مواطنين نيباليين قتلوا في العراق، كيف تنظرون لهذه القضية التي وصفها البعض بالخطيرة جدا؟

  • أنا أقول إنه للأسف كان هناك اتجار بالبشر ليس في العمال النيباليين فقط بل في شباب أردنيين، وأنا أتساءل كم أرسل من شباب الأردن للعمل كمترجمين وخدم وسائقين للجيش الأميركي في العراق، والسماح لأبناء الشعب الأردني ليكونوا موظفين في إدارة أميركية غازية للعراق أليس اتجارا بالبشر؟ إضافة للذين يتعاقدون مع الجيش الأميركي ويوردون له الأغذية والمستلزمات أليسوا متاجرين ومشاركين في احتلال العراق وتدنيس أرضه.

فيما يتعلق بموضوع الشركات الأردنية المتهمة أمام المحاكم الأميركية، فإن الادعاء ضدها يبين أن لهذه القضايا مستندات، ونحن نستغرب أن يقوم القضاء الأميركي بفتح هذه الملفات ولا يقوم الادعاء العام الأردني بفتحها، والمفروض أن تفتح هذه الملفات في الأردن قبل أن تفتح في أميركا، وإذا ثبت هذا الموضوع فإنه يعتبر ولا شك من أكبر الجرائم وملفات الفساد التي يجب محاربتها.

الأردن يمر اليوم بمشكلات اقتصادية وأزمات سياسية تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر، ما المخرج برأيكم من هذه الأزمات؟

  • أول الحلول هو إعطاء الشعب حريته وحقه في التمثيل الحقيقي وفقا لإرادته، كيف يمكن لشعب مكبل لا يمارس حريته ولا يسمح له بتقديم ممثليه المعبرين عن رأيه وحريته أن يحقق الإنجازات؟

أنا أرى أن حل المشكلات وتحقيق إجماع وطني يبدأ من عملية الإصلاح السياسي التي تبدأ بقانون انتخاب يمثل الشعب الأردني تمثيلا صحيحا ويختار نوابه المعبرين عن ضميره ومشكلاته وقضاياه وعدم مواصلة هذا المسار القائم الآن، وأنا أرى أن ما أفرزته الانتخابات البلدية والنيابية من مجالس لا يجوز استمرارها، ونحن نطالب بقانون انتخابات ضمن جملة من القوانين، كقانون الاجتماعات والجمعيات والأوقاف والإفتاء ومراجعة القوانين الاقتصادية التي فتكت بالشعب الأردني، والتي أعطت شركات متهمة بالفساد حق التمدد على حساب الأردن وحقوق أبنائه، ولا يمكن إصلاح ذلك إلى عبر انتخابات برلمانية حقيقية وفق قانون حقيقي تفرزه إرادة الشعب الحقيقية.

كيف تنظرون اليوم لما آلت إليه الأمور في فلسطين خاصة ما يتعلق بفشل مسار السلام ومخاوف الأردن من أن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية على حسابه؟

  • أنا أقول بأنه إذا انهار معسكر السلام فإن معسكر الجهاد يزداد ويقوى بحمد الله، وهذا المشروع هو الضمانة للمنطقة بأسرها، وأريد أن أطمئن أبناء الشعب الأردني وأبناء الشعب الفلسطيني أن قضيتكم بأيد أمينة مجاهدة، وإن تساقط اللاهثون وراء ما يسمى بالسلام فهناك الممسكون ببندقيتهم والمجاهدون في فلسطين والمرابطون على ثرى الأردن هم حصن هذه الأمة وهذا الشعب.

إن هذه هزائم متلاحقة للمفاوضين الذين يعلمون أنهم لن يحصلوا على شيء لكن فشل مسارهم أراح الأمة من النمط الاستهلاكي للمفاوضات السياسية، لأن الهدف لم يكن الوصول لحق أو نتيجة وإنما كان الهدف إضاعة الوقت على هذه الأمة، والحمد لله هؤلاء فشلوا.

المصدر

الجزيرة نت