هل تردع مجزرة أسطول الحرية المتضامنين أم تؤسس لمرحلة جديدة لكسر الحصار؟!
غزة (فلسطين) - خدمة قدس برس
يبدو أن حرب إسرائيل الجديدة الموجهة تجاه الضمير العالمي الذي يحاول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من أربع سنوات، لن يكتب لها النجاح في ظل إرادة فولاذية تجتاح عقول المتضامنين وعزيمة فتية تظهر في حديث المسئولين عن حملات فك الحصار في العالم.
ومنذ الساعة الأولى لتنفيذ العملية بحق أسطول الحرية، ورغم الدم السيال الذي عبق البحر، إلا أن الكل الفلسطيني بات متيقنا أن الحادثة الأليمة تمثل حتما بداية نهاية الحصار، وغدا هذا الشرف البطولي عنواناً للحرية يتغنى به الأحرار، ويؤكدون أن الغطرسة الإسرائيلية لا يمكن أن تثني الأمناء على القضية عن مزيد من التحرك والصراخ.
وحذرت الدولة العبرية من تسيير أي سفن تضامنية جديدة، مؤكدا على أنه سيتعامل معها بنفس الوسيلة التي استخدمها مع أسطول الحرية، وأنه لن يتهاون في هذا الأمر، وأكد مسؤول في البحرية الإسرائيلية أن التعامل مع أي سفن قد تتوجه إلى قطاع غزة مستقبلاً لكسر الحصار المفروض عليه، "سيكون أكثر عدوانية". ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية الصادرة الثلاثاء تأكيدات عن ضابط رفيع في البحرية الإسرائيلية، لم تشر إلى اسمه، بأن "إسرائيل ستكون أكثر عدوانية في التعامل مع أية سفن تحاول في المستقبل كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة".
إسرائيل في ورطة
ويرى رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار عن قطاع غزة النائب المستقل المهندس جمال الخضري أن "أي اعتداء إسرائيلي على أي منطقة بات يولد مزيدا من التضامن مع الفلسطينيين ويزيد من التعاطف والالتفاف الدولي معهم"، معتبرا أن "إسرائيل الآن في ورطة جراء ما حدث وهي الآن في مواجهة دول كثيرة، وما حصل لا يمكن أن يردع الضمير العالمي الذي تحرك كالبركان ولن يتوقف".
وفي سؤال "قدس برس" للخضري عن تصريحات قادة إسرائيل التي تظهر وكأنهم لا يخشون أحدا ولا يقيمون وزنا لأحد قال: "إسرائيل تكابر، وهي متورطة بشكل فعلي ولن تخرج من هذا المأزق الذي صنعته بيدها"، مشددا على أن تسيير السفن لن ينتهي إلا بانتهاء الحصار.
وعن الاحتياطات والضمانات التي ستأخذها أي سفن أو أساطيل جديدة في طريقها إلى غزة، أوضح "هذا تحالف دولي تشكل من مجموعة من المؤسسات والدول والفعاليات الرسمية والشعبية والبرلمانية هي الذي يقرر، وهي اليوم تدرس ما حدث وترى آثاره وترى كيفية التحرك والتعامل في هذا الأمر في المستقبل".
وفي مقابل التهديدات الإسرائيلية، جاء في ردود الفعل الغاضبة تأكيد رئيس حكومة الفلسطينية في غزة
إسماعيل هنية في خطاب له الاثنين أن سفن كسر الحصار عن غزة وحركة التضامن الإقليمية والدولية مع الشعب الفلسطيني لإنهاء الحصار الإسرائيلي ستتواصل ولن يمنعها أي اعتداء أو غطرسة إسرائيلية.
كما شدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في خطابه الثلاثاء على أن ما أسماها "سفن المحبة والصداقة" لا بد أن تتواصل وتوصل مساعداتها للمحاصرين في غزة، محذرا إسرائيل من أي حماقة جديدة.
تسير سفن جديدة
وكان رئيس مكتب هيئة الإغاثة التركية في قطاع غزة محمد كايا صرح لـ"قدس برس" أن مؤسسته بالتعاون مع أحرار العالم ستستمر في تسيير السفن التضامنية إلى غزة، "وسنستمر في مساعدة أهل غزة، ولن نتوقف عن ذلك مهما كان".
"هذه العملية الجبانة لا يمكن أن تكون رادعا، ولك أن تتخيل، بعد المجزرة بساعات أعلن المنظمون للحملة السابقة أنهم سيسيروا حملة جديدة في غضون أسابيع، وبدؤوا بالفعل بالتحضير لها، هذا الأمر يدل على أن المجزرة كانت دافعا لهم لأنهم لن يقبلوا بأقل من الوصول إلى هدفهم وفك الحصار عن غزة".
بهذه الكلمات عبر الدكتور خليل أبو ليلة نائب رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار واستقبال الوفود بغزة عن قناعته أن هؤلاء المتضامنين الذين آمنوا بعدالة القضية الفلسطينية وآمنوا أن ما تقوم به قوات العدو خارج عن كل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية لا يهمهم غطرسة إسرائيل، وقال: "الكيان على باطل وهؤلاء الناس على حق وفي النهاية لا بد للحق أن ينتصر على الباطل".
وأكد أبو ليلة خلال حديث لـ"قدس برس" على أن من صميم مسئولية لجنته أن تواصل العمل كما كان في الفترة السابقة، وقال: "سنسير مزيدا من القوافل وسنقوم بدورنا على أكمل وجه ولن توقفنا العربدة الإسرائيلية".
وعن الخطورة التي قد تواجه المتضامنين الجدد، أوضح "هؤلاء الناس الذين جاءوا ضمن القافلة الماضية كانوا يعتبروا أن ذلك هو أقل ما يمكن أن يقدموه للفلسطينيين، ورأوا أن كثيرا من أبناء الشعب قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل فلسطين، وهم ينظرون على أن هذه طريقة صحيحة في هذا الوقت بالذات بأن يساعدوا إخوانهم في غزة حتى لو أدى الأمر لأن يفقدوا أرواحهم، هم يعتبروا أن هذا جهاد، ولكنه جهاد بطريقة مغايرة".
وفيما إذا كان المسئولون سيبحثون عن ضمانات لكفالة سلامة المتضامنين في أي رحلة قادمة، قال: "كبح جماح إسرائيل عبر رفع دعوات حقوقية ضد الكيان كفيل بتسيير قوافل جديدة بشكل سلس وألا يقوم الكيان بما قام به في المجزرة، دعنا ننتظر".
"المجزرة" غير رادعة
ووافق هؤلاء الرأي الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، والذي رأى أن "المجزرة" لن توقف مسيرة التضامن، معللا بما تم الإعلان عنه بعد المجزرة من تسيير أسطول جديد لغزة في غضون أسابيع، وقال: "هذا المتوقع، وهذا ما تتوقعه إسرائيل بالمناسبة، والمجزرة لم تردع المتضامنين، من ارتدع هي إسرائيل وليس نشطاء حقوق الإنسان".
أما عن التهديدات الإسرائيلية بمواجهة أي أساطيل بطريقة أكثر وحشية، أوضح النعامي لـ"قدس برس": "لا أعتقد ذلك ، هذا كلام من باب استعراض القوة، لا يمكن أن يستخدم الإسرائيليون نفس الأسلوب الذي دمر مكانة إسرائيل الدولية، بل في حال تواصلت هذه الفعاليات فإن عمر الحصار سيقصر، ويمكنك أن ترى ما فعلته مصر اليوم فجأة من فتح معبر رفح على مصراعيه".
واعتبر أن تهديدات بعض القادة الإسرائيليين التصعيدية لا تمثل سياسة إسرائيل الحقيقية، وقال: "من واقع المتابعة فإن إسرائيل في ورطة كبيرة، والعاقل لا يأخذ من تصريحات هؤلاء، وأعتقد أن التفكير الآن في إسرائيل يجري في اتجاه آخر".
يشار إلى أن الحملة الأوروبية لفك الحصار عن غزة أعلنت الثلاثاء أنها تلقت عشرات الطلبات من عدد من المؤسسات الإعلامية والدولية ترغب في الالتحاق بالقوافل التضامنية القادمة إلى غزة.
وتبحر السفينة لايرلندية التي تحمل اسم "رشيل كوري" والتي تأخرت عن أسطول الحرية في عرض البحر متجه إلى قطاع غزة، في حين هددت الخارجية الايرلندية دولة لاحتلال من التعرض للسفينة مهددة الدولة العبرية من مغبة المساس بالسفينة أو ركابها، وطالبتها بان ترسوا السفينة على ميناء غزة لإيصال المساعدات إلى المحاصرين في القطاع ورفع الحصار عنه.
كما دعا ملك الأردن عبد الله الثاني في بيان له إلى تسيير قوافل تضامنية جديدة لمساعدة وإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما أعلنت جمهورية مصر العربية عن فتح معبر رفح بشكل يومي للمغادرين والقادمين حتى إشعار آخر.