هل الخطوات الأولى نحو الترانسفير بدأت؟!
النائب فتحي قرعاوي
في تطور مفاجئ وغير غريب عن السياسة الصهيونية التي وضعت نصب أعينها كل ما يمكن أن يؤذي الشعب الفلسطيني ويضع قضيته في مهب الريح, أعلنت الحكومة الصهيونية اخذ كافة الإجراءات اللازمة لإبعاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين عن الضفة الغربية المحتلة .
هذا القرار العنصري والخطير يُعلَن رسميا كما يُعلن الكيان الصهيوني أن خطوات تنفيذه سوف تبدأ في 13/ ابريل الحالي فالأمور كلها جاهزة وكأن الصهاينة في سباق مع الزمن ...كل ذلك وسط صمت فلسطيني رسمي مريب ..وصمت عربي غريب إلا من بعض التعقيبات هنا وهناك مما يضع أكثر من علامة الاستفهام حول هذا الأمر الخطير والكبير والذي يمكن أن يؤدي إلى تداعيات على مستوى المنطقة كلها.
إن المراقب يلحظ أن هذا القرار ربما يكون موجهاً إلى قطاع غزة والى حكومة حماس هناك تحديدا ..إلا أن المتتبع لحيثيات القرار الصهيوني والمتابع لما يجري على الأرض لا بد له أن يلحظ عدة أمور منها :
· يأتي هذا القرار وسط حديث رسمي فلسطيني بالتصريح والتلميح إلى إمكانية حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وذلك بتوطينهم في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة - إن قامت - على أراضي أو على أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1967.
· كما انه يأتي وسط هجمة استعمارية استيطانية صهيونية في الضفة والقدس لم يسبق لها مثيل من حيث الحجم والضخامة وسرعة الانجاز .
· كما إن هذا الإعلان الصهيوني يأتي وسط احتفال الجانب الصهيوني باعتبار عدد من الأماكن الإسلامية المقدسة كتراث يهودي ووسط إعلان واضح عن نية الجهات المتزمتة الصهيونية المدعومة من الحكومة ومن أحزاب اليمين الصهيوني عن ضرورة الإسراع في إحلال الهيكل المزعوم في قلب المسجد الأقصى ووسط حديث عن إمكانية افتعال شيء لهدم المسجد الأقصى المبارك.
· كما أن هذا القرار يتزامن مع تسريبات حول دراسة إسرائيلية خطيرة وصلت إلى حد المشاورات وأخذت موافقة بعض الجهات في الإدارة الأمريكية وسكوت ورضا دول عربية مجاورة لفلسطين حول خطط لنسف قيام دولة فلسطينية في أراضي الـ67 ..والقيام بخطة ترانسفير إلى سيناء لإنشاء الدولة الفلسطينية هناك في مقابل استرضاء مصر والأردن على أن تبقى الضفة الغربية كاملة تحت السيادة الإسرائيلية.
إن الإعلان عن هذه الخطوة الصهيونية بهذه الصراحة والجدية والوضوح يوحي بأنها نتجت عن مفاوضات سرية فلسطينية وعربية خاصة مع بعض دول الجوار وهي خطوة متقدمة باتجاه مفاوضات الحل النهائي والدائم ..أو كأنها صفقة أمريكية إسرائيلية وربما عربية مقابل وعودٍ وانجازات ربما ترى النور في القريب العاجل للسلطة الفلسطينية أو لإطراف إقليمية أخرى .
فالكيان الصهيوني الذي يعد العدة لضرب إيران وربما سوريا أو لبنان وقطاع غزة أو كلها مجتمعة ...يأتي هذا القرار- وربما قرارات أخرى متلاحقة تصب في نفس الاتجاه -لإيجاد أمر واقع على الأرض , فالحكومة الصهيونية التي أغضبت الولايات المتحدة في إعلانها عن إقامة المئات من الوحدات الاستيطانية أثناء زيارة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط..لا يعقل أن تُصدر هذا القرار الخطير إبان زيارة قريبة لميتشل للمنطقة وهذا يشير بوضوح إلى أن هناك تفاهما أمريكيا صهيونيا وربما عربيا وفلسطينيا حوله.
إن هذه الأحداث المتلاحقة والخطيرة والتي توجت بهذا القرار الخطير أيضا يتطلب من امتنا العربية أن تكون على مستوى تلك الأحداث وان تعلن رفضها المطلق لأية خطوات من شأنها إضاعة ما بقي من قضية الشعب الفلسطيني خاصة الموجود في الشتات والذي بات هذا الوضع يلح عليه في قول كلمته وبقوة.
كما أن ذلك يتطلب بالمسارعة للمصالحة الوطنية الفلسطينية لاستدراك خطورة الوضع ... ولوضع خطة وطنية شاملة لتدارك الأمور قبل ان تنفلت من عقالها.
إن على قادة الدول العربية الذين حضروا مؤتمر القمة العربي الأخير أن يعلنوا عن مؤتمر قمة طارئ لدراسة هذا الأمر ويعلنوا رفض أية خطوة صهيونية من شأنها إبعاد أي فلسطيني عن أرضه ورفض استقبال أي مبعد عن وطنه.
كما أن على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية رفض الخطوات الصهيونية عبر مسيرات واحتجاجات تندد بالخطوة وترفضها وتتصدى لها بالقوة الممكنة.
إن السكوت الفلسطيني الرسمي المتمثل بالسلطة الفلسطينية على الخطوة والسماح بتمريرها هو إعلان صريح وواضح أن هناك موافقة فلسطينية على شطب ملف اللاجئين الفلسطينيين ولذلك يجب وقف كافة التنسيقات الأمنية والسياسية والإعلان عن وقف المفاوضات العبثية -سرية كانت أو علنية- والإعلان أن الكيان الصهيوني يستهتر بالعالم كله والاتفاقيات كلها ولا مجال للحوار والاتفاق معه لان في ذلك مهزلة واضحة وإضاعة لوقت ولجهد الشعب الفلسطيني.
إن الرد الفلسطيني الرسمي إن صدقت النوايا على الخطوة الصهيونية يكون أيضا بإطلاق سرح المعتقلين السياسيين ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وإعادة الحريات والإعلان فورا عن عقد جلسة طارئة وسريعة للمجلس التشريعي الفلسطيني لمناقشة الوضع واتخاذ الخطوات اللازمة ,ومنع تداعيات هذا القرار .
المصدر:المركز الفلسطيني للإعلام