هلال: إبطال عضوية "عزب" انعكاس لواقع مصر الأليم
بقلم: أحمد سبيع
استمرار للواقع الأليم

وصف الأستاذ محمد هلال- المحامي بالنقض وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين- قرارَ البرلمان المصري بإبطال عضوية نائب الإخوان المسلمين عزب مصطفى بأنه استمرار للواقع الأليم الذي تمرُّ به مصر، مؤكدًا أن مصر وصلت لمرحلة خطيرة، فلا احترامَ لرغبة الناخبين، ولا احترامَ لأحكام القضاء، إضافةً إلى تعطيل الدستور.
وتساءل هلال:
- ما المعنى- في ظل دعاوى الإصلاح والتغيير- أن يُقبَض على 58 مواطنًا، ويتم تحويلهم لنيابة أمن الدولة العليا بتُهَم عفَى عليها الزمن، وأصبحت أضحوكةً مِن كل من يسمعها؟!
وعاد ليؤكد كيف يمكن في هذا الجو أن نتصور أن مجلس الشعب- أو أيَّ جهة أخرى- يمكنه أن يحترم إرادة الجماهير أو أحكام القضاء؟!
موضحًا أن الحكومة- ومن ورائها مجلس الشعب- تتعامل مع هذه الأحكام بمبدأ "الخيار والفاقوس"، فما يريدونه يطبقونه، وما يرفضونه يستبعدونه، وهو أسلوب ومنهج يقلل من قيمة القضاء المصري النزيه والشريف.
ولم ينفِ هلال أن يكون ما حدث استمرارٌ لسلسلة مواجهات الدولة مع الإخوان، وهي المواجهات التي سبق وأن أبعدت النائب السابق محمد جمال حشمت عن البرلمان بلعبة حكومية مشابهة، وكأن النظام المصري يقول "لا" للمعارضة و"لا" لقوى سياسية اعتَرَف بوجودها العدوُّ قبل الحبيب،
وقال هلال:
- "ماذا يمكن أن تتصور من برلمان يعتمد في قراراته على أغلبية مطعون في دستوريتها من الأساس؟! مؤكدًا أن الحزب الوطنيَّ الحاكم أثبتَ بهذه التصرفات بأنه ليس وطنيًّا وليس ديمقراطيًّا كما يدَّعي، وهو حزبٌ فاشلٌ، ولو خاض الانتخابات بحرية ونزاهة فلن يحصل على خمسة مقاعد.
وأبدى هلال دهشته مما يردده الحزب الوطني من شعارات الفكر الجديد وحقوق الإنسان والتغيير والإصلاح، في الوقت الذي مازال قانون الطوارئ كاتمًا على أنفاس الشعب المصري منذ أكثر من 23 عامًا، ومازالت هناك محاكم عسكرية، ومازالت هناك أحكام قانونية معطَّلة..!!
وقال هلال إن إصرار البرلمان على التلاعب بأحكام القضاء واعتماده على سياسة الازدواجية في التعامل مع نوَّابه لهي أمور كفيلة بإضعاف الثقة في هذا المجلس عند الجماهير، مؤكدًا أنه لشرفٌ لجماعة الإخوان أن يكون خروجُ نائب لها عن طريق مؤامرة سياسية وأمنية وليس لأنه متهرِّب من التجنيد، أو لأنه استولى على أموال وأملاك وأراضي الدولة، أو لأنه احترف إصدار شيكات دون رصيد، أو لأنه يتمتع بجنسية أخرى غير الجنسية المصرية.. وهي أمور لم تجتمع حتى الآن إلا في نواب الحزب الوطني الحاكم.
وصمة عار
أما المستشار الدكتور فتحي لاشين- رئيس محكمة سابق- فقد أكد أن قبول البرلمان المصري لِحُكمٍ قضائي دون حكمٍ آخر أمرٌ في غاية الخطورة، وله تأثير على هيبة القضاء واستقلاله، باعتباره أحدَ السلطات الأربع في مصر، مشيرًا إلى أنه طبقًا لأحكام القضاء كان يتعين على مجلس الشعب إما أن يقبَل جميعَ الأحكام أو يرفض جميع الأحكام، لا أن يناقش أحكامًا ويترك أخرى، خاصةً وأن الأحكام تتعلق كلها بموضوع واحد وهو عضوية البرلمان.
وأشار المستشار لاشين إلى أن ما حدث في مجلس الشعب- في جلسة الأحد الصباحية ليوم 30/5/2004م- سيسجِّلها التاريخ على أنها "وصمة عار" في جبين السلطة التشريعية المنوط بها ترسيخ واحترام أحكام القضاء، وتنفيذها بشفافية ودون ازدواجية، مؤكدًا أن السلطة القضائية بهذا الشكل تفقد قدرًا كبيرًا من استقلالها؛
بسبب السلطات بالغة الاتساع التي تتمتع بها السلطة التنفيذية، كما يمثل ذلك انتهاكاً للشرعية الدستورية لعدم التزام السلطة التنفيذية ثم التشريعية بتنفيذ الأحكام القضائية؛ مما يعدُّ سابقةً خطيرةً تضرب الدولة فيها أسوأَ المثل، كما يؤدي ذلك إلى شيوع منهج اللاشرعية بين المواطنين والعودة إلى عصور الهمجية لاقتضاء حقوقهم، وأشار إلى أن إهدار تنفيذ الأحكام القضائية يهدم أساس كل نظام ديمقراطي.
وقال المستشار لاشين إنه فيما يتعلق بالطعن المقدَّم في عضوية عزب مصطفى، والذي وافق عليه البرلمان أمس الأحد، فإن الدائرة المختصة بالطعون الانتخابية في محكمة النقض انتهت من تحقيق الطعون الانتخابية أرقام 268 و321 و325 و333 و453 و463 و480 و536 و603 و618 و637 و666 و668 و691 و831 لسنة 2000م، والمقدمة من عدد من المرشحين في انتخابات مجلس الشعب عن الدائرة الأولى بمحافظة الجيزة على مقعدَي الدائرة العمال والفئات
وقد قامت جميعها على سبب واحد، وهو قبول لجنة فحص طلبات الترشيح أوراق السيد بدر محروس شعراوي- المطعون فيه ومرشح الحزب الوطني الحاكم على مقعد العمال- لعضوية مجلس الشعب تحت صفة عمال، رغم أنه يندرج تحت صفة فئات، كما أقام عدد من المرشحين الدعوى رقم 775 لسنة 55 قضاء إداري والتي قضت في 7/11/2000م بوقف تنفيذ قرار لجنة فحص أوراق الترشيح وتحويل صفة المرشح المطعون فيه إلى فئات، إلا أن لجنة فحص الطعون رفضت تنفيذ حكم المحكمة حتى لا يتنافس مرشَّحا الحزب الوطني على مقعد واحد وهو الفئات، وتمَّت إعادة الانتخابات على مقعد العمال فقط بين مرشَّح الإخوان عزب مصطفى والمرشح المطعون فيه.
اعادة رغم الأحكام
وقال إنه في هذه الحالة فإن جميع هذه الأحكام واجبة التنفيذ، ورغم ذلك فقد أجريت انتخابات الإعادة في موعدها المحدد، والتي فاز فيها في النهاية مرشح الإخوان عزب مصطفى، وحمَّل لاشين الجهة الإدارية- الممثَّلة في وزارة الداخلية- مسئولية ما حدث؛
لأنها أخطأت عندما لم تنفذ حكم محكمة القضاء الإداري بتغيير صفة مرشح الحزب الوطني على مقعد العمال؛ وهو ما نتج عنه بطلان العملية الانتخابية كلها، سواء الأولى أو الإعادة وعلى مقعدي الدائرة؛
ولذلك فإن بطلان العملية الانتخابية غير قاصر على مقعد العمال، وإنما يشمل مقعد الفئات أيضًا، وإن التفرقة بين قبول الطعن في مقعد دون آخر مخالف للدستور ولأحكام القانون، كما يعدُّ أمرًا تعسفيًّا ضده، كما أنه بذالك يعدُّ منافيًا للعدالة ولأي معيار أخلاقي.
وأضاف المستشار لاشين:
- "إنه للأسف فإن مجلس الشعب لم يراعِ ذلك، واستند على مبدئه الظالم بأن المجلس سيد قراره، فيما يتعلق بالفصل في عضوية أعضائه".
وفي دراسة متعلقة بعدم تنفيذ واحترام الأحكام القضائية والازدواجية في التعامل مع أحكام القضاء فقد أكد المستشار محمود عادل الشربيني- نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس لجنة الحقوق والحريات بالمجلس- أن مسيرة الديمقراطية رهينة بسيادة القانون، وسيادة القانون بدورها رهينة بحسن تفهُّم السلطات الثلاث لحقيقة دورها المنشود من ناحية، ومدَى احترامها للخطوط الفاصلة بين سلطاتها وسائر السلطات من ناحية أخرى، وقناعتها الكاملة بضرورة العزوف عن محاولة التوسع في دائرة اختصاصاتها على حساب الاختصاصات المخولة لغيرها من السلطات.
المصدر
- خبر: هلال: إبطال عضوية "عزب" انعكاس لواقع مصر الأليم موقع إخوان أون لاين