نداء مخلص: ساعدوا النائب العام
٢٦/ ٢/ ٢٠١١
بقلم : مجدى الجلاد
الثورة جاءت لهدم الفساد بجميع اركانه
لن تستطيع ثورة ٢٥ يناير أن تطهر مصر من الفساد، إلا إذا تصدى لهذه المهمة رجال شرفاء، يضعون مصلحة البلد فوق كل اعتبار.. ومن أمام وخلف هؤلاء الرجال شعب يتحرك بوعى وإدراك، ودون أن تسلب أى قوى عقله وإدراكه لإعادة الفساد إلى قلب مصر مرة أخرى.
أقول ذلك حتى ندرك أن طبقات الفساد التى تكونت حول الرئيس السابق على مدار ثلاثين عاماً، ليس من السهل اقتلاعها من جذورها بين يوم وليلة.. فهى لها مصالح فى إدخال البلاد مرحلة فوضى تقضى على مكاسب الثورة، وتدشن مرحلة جديدة من الظلام لأن الفساد لا يعيش تحت شمس الديمقراطية.. وهى أيضاً لها أتباع وأذناب ينتشرون فى كل المؤسسات والأجهزة الباقية حتى اليوم.!
هكذا.. يمكننا فهم محاولات البعض للتشويش، وتعطيل عمل النائب العام والأجهزة التابعة له منذ سقوط الرئيس السابق.. فرجال النظام الذين يواجهون إجراءات وتحقيقات ومحاكمات عاجلة لن يستسلموا بسهولة..
ولايزال على رأس معظم الأجهزة أتباع يعملون على إنقاذهم من مصير محتوم نعرفه جميعاً.. فإذا علمنا أن المستشار عبد المجيد محمود وعدداً كبيراً من مساعديه يقضون فى مكاتبهم ٢٠ ساعة يومياً لملاحقة ملفات الفساد المتخمة بالأوراق والوقائع التى تدين مئات الشخصيات، فإن هذا يكفى لرسم خريطة شديدة الخطورة لمافيا كانت ولاتزال تنهش جسد مصر، وليس من السهل القضاء عليها فى عدة أيام أو أسابيع أو شهور.!
وربما يولد من رحم هذه الصورة السؤال الخطير: من يقف وراء محاولات بعض الأقلام الصحفية فى الصحف الحكومية للتشكيك فى تحقيقات النيابة وتقارير الأجهزة الرقابية حول الفساد؟
عودة الي الوراء
دعونا نعد إلى الوراء قليلاً حين كانت هذه الأقلام تسبح كل صباح ومساء بحمد أولئك الذين يقبعون فى السجون الآن من رجال النظام السابق.. ودعونا نسأل أنفسنا هل كانت هذه الأقلام تفعل ذلك مجاناً، ألم تكن لها مصالح ومكاسب من العمل تحت أقدام الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال..
ألا يعرف هؤلاء أن «الدور قد يأتى عليهم».. باعتبارهم جزءاً من الفساد؟! وهل ننتظر منهم أن يشاركونا فى مرحلة تطهير البلد من عصابة كانوا هم أعضاء فيها.. وكيف نصدق الشيطان لمجرد أنه ارتدى ثوب الملائكة، وكأنه يقول لنا «أنا معكم» بينما يمسك خنجراً كى يطعننا فى ظهورنا.!
شخصياً لم ألتق النائب العام سوى مرة أو مرتين فى مناسبات عامة.. ولكننى أعرف أنه نظيف اليد، شديد النزاهة والتمسك بالقانون.. وأعرف أيضاً أن الأجهزة الرقابية لم تكن تتيح له ولمساعديه فى العهد السابق ملفات المسؤولين والوزراء وبعض رجال الأعمال، وهو ما كان يتم بأوامر وتعليمات من القيادة السياسية..
ومنذ عدة أشهر قال لى محامٍ عام يرأس نيابات فى القاهرة، إنه ظل يطالب الجهات الرقابية وأجهزة التحريات الأمنية على مدار عامين كاملين بتقارير محددة حول ملف فساد خطير بوزارة الإعلام، دون أن يتسلم أى ورقة تساعده فى التحقيقات..
كان الرجل يتحدث بأسى شديد، وكان يحاول جاهداً استكمال ملف التحقيقات لإحالة القضية إلى المحكمة، ولكنه لم يستطع ذلك، لأن إحالة قضية ناقصة إلى القضاء تعنى حصول الفاسدين على البراءة، والطعن فى كفاءته المهنية، وحصول مافيا الفساد على قوة أكبر بعد تبرئتها أمام القضاء الذى لا ينظر إلا إلى الأوراق والمستندات، ولا يعبأ بالنوايا الحسنة.
مضي زمن الصمت
لقد جاء الوقت الذى يصعب الصمت فيه على الفساد.. وحانت لحظة المحاسبة، وبات سهلاً الحصول على الملفات والتقارير الرقابية المدفونة.. فلماذا لا نساعد جميعاً جهات التحقيق فى تطهير مصر من أدران ٣٠ سنة من نهب منظم لكل ثرواتها..
ولماذا لا نصد كل محاولات تعطيل العدالة؟.. فجهات التحقيق تحتاج إلى دعم شعبى وليس إلى التشكيك أو الاستجابة لأصوات فاسدة تحاول حماية أسيادها من الذين يسقطون تباعاً.. فالعدالة لا تتحقق بنزاهة أجهزة التحقيق والقضاء فحسب.
وإنما بوعى شعبى تام وإرادة جماعية تسعى إلى المحاسبة وحماية النيابة والقضاء، وهما يواجهان رموز سلطة ظالمة، تغلغلت فى جسد المجتمع كله.
نداء مخلص إلى كل من يملك معلومة أو ورقة.. وإلى كل مسؤول فى الأجهزة الرقابية: ساعدوا النائب العام حتى نبدأ مرحلة جديدة من بناء مصر الحديثة التى نحلم بها جميعاً.
المصدر
- مقال: نداء مخلص: ساعدوا النائب العام المصري اليوم