م. "الشاطر": نطالب بحكومة ذات مرجعية إسلامية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
م. "الشاطر": نطالب بحكومة ذات مرجعية إسلامية

[26-02-2004]

مقدمة

قالوا إن تعيينه جاء استرضاءً لجيل الشباب والوسط في جماعة (الإخوان المسلمون)، وصنفوه ضمن أفراد (الحرس الجديد) و(المحسوبون على التيار الإصلاحي) داخل الجماعة، وأكدوا أنه اسم على مسمًّى، واعتبروه مموِّل الجماعة الرئيسي، وغير ذلك مما تردِّدُه الصحف..

إنه المهندس "محمد خيرت الشاطر" (الرجل الحديدي) داخل جماعة (الإخوان)- كما لقبته الصُحف- والنائب الثاني للمرشد العام.

التقينا به في مواجهةٍ شاملةٍ لا تنقُصُها الصراحة، فقال: إن المرشد لا ينفرد بقرار، وأبدى "الشاطر" موافقته على أن يكون المرشد من خارج مصر، ونفى أن يكون هناك مكتب إرشاد عالمي في لندن، وأكد أن فكرة حزب لـ(الإخوان)- من وجهة نظره- لا تمثل الصورة المُثلى لعمل الجماعة، ولكنه سيساند دورها، وأشار إلى أن الجماعة تستطيع إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية دون انفراد بالسلطة.. فإلى تفاصيل الحوار.


نص الحوار

  • بدايةً.. ما هي صلاحياتكم كنائب ثانٍ للمرشد؟
تعيين نائب أو أكثر للأستاذ المرشد هو حق جوازي، تُجيزه لوائح (الإخوان)، ولكن ليس ضروريًا وجودُه، والأصل في النوَّاب مساعدة المرشد في أداءِ مهامِّه ومُتابعة الأعمال الخاصة بـ(الإخوان) والإشراف عليها.. والنائب الأول يحِلُّ محلَّ المرشد في حال غيابه لأي سبب من الأسباب.
  • لماذا تمَّ تجاهل تعيين أي نائب للمرشد السابق المستشار "مأمون الهضيبي"- عليه رحمة اللَّه؟
لم يتم تجاهل الأمر؛ فالأستاذ "الهضيبي" كان بصدد دراسة المسألة واتخاذ قرار مناسب، وكان يتجه بقوة نحو تعيين نائب أو أكثر، وأنا متأكد أن القرار كان جاهزًا قبل وفاته بأسابيع، ولكنها أقدارُ اللَّه؛ ولذلك تمَّ الأمر بسرعة بعد تولي الأستاذ "محمد عاكف" مقاليد الأمور.
  • هل جاء تعيينكم والدكتور "حبيب" كنائبَين؛ استرضاءً من المرشد الجديد لـ(جيل الشباب) و(الوسط)، كما يتردد؟!
الحقيقة أن هذا الكلام مبني على أساس مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالنموذج الغربي العلماني في إدارة المؤسسات والمنظمات، وهذه المفاهيم مرتبطةٌ بقضية الصراع، ولكن إسقاط هذه المسألة على النموذج الإسلامي والنموذج الإخواني أمرٌ غير مناسب وغير صحيح؛ لأن نموذجَنا قائمٌ على محتوىً ثقافيٍ وفلسفيٍ، ورؤيةٍ عقيديةٍ مُعينةٍ، تجعل الأصلَ في إدارة أمورنا هو التنافس في فعل الخير، والتكامل، والشورى، والمؤسسية، وهي عناصر رئيسة في أسلوب عملنا، وبالتالي فالمسألة ليست استرضاءً أو غيره، وقضية الصراع بين الأجيال قضية غير واردة بالنسبة لنا، ولا تشغل حيِّزًا من تفكيرنا، بل تتعارض أساسًا مع منهجنا الفكري ورؤيتنا الإسلامية للأمور وطريقتنا في الإدارة.


الشباب والجماعة

  • مراجعة أعمار أعضاء مكتب الإرشاد تكشف أنها تتراوح ما بين50 و70 عامًا فأكثر.. فأين الشباب في قيادة الجماعة؟!
قبل محنة (الإخوان) في عام 1954م كان معظم أعضاء مكتب الإرشاد أقل من 45 سنة، وتوالي محن (الإخوان) من 1954م إلى منتصف السبعينيات جعل عددًا من (الإخوان)- الذين كانوا يتولون المسئولية- يكبرون في السن، ثم حدث قدرٌ من الانفتاح وبدأت إضافة عناصر شابة جديدة لمكتب الإرشاد، والدليل على ذلك أنني والدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" والدكتور "محمود عزت" والدكتور "محمد علي بشر" والدكتور "محمود غزلان" دخلنا مكتب الإرشاد ونحن في الأربعينيات من عمرنا، بل إن الدكتور "عبد المنعم" دخل قبل أن يكمل عامه الأربعين، وبالتالي فإثارة قضية وجود الشباب في قيادة الجماعة مبالغٌ فيها وغير مطابقة للواقع، فهم موجودون بنسب معقولة، ولكن التضييق علينا لم يمكنَّا من إجراء انتخاباتنا الداخلية والتي كانت آخرها عام 1994م، وتم تقديم 79 من قيادات (الإخوان) العليا والمتوسطة لمحاكمات عسكرية، لا لشيء سوى أننا أجرينا الانتخابات، وبالتالي فالوضع الحالي فرضتْه الظروف، وليس مقصودًا وليس مطابقًا لسياسة الجماعة عبر تاريخها، فالإمام "البنا"- مؤسس الجماعة- استُشهد وهو أقل من 50 عامًا، والأستاذ "مصطفى مشهور"- رحمه اللَّه- عُيِّن نائبًا للمرشد وهو في 55 من عمره، وهناك 8 أعضاء في مكتب الإرشاد حاليًا ما بين الخمسين والستين.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن الانتخابات مجمدةٌ منذ عشر سنوات- فهذه المجموعة دخلت المكتب وهي ما بين 40 و50 عامًا- إذن فتركيبة المكتب يغلب عليها الطابع الشبابي، والشباب هم جسم الجماعة ومعظم قياداتها الوسيطة على مستوى القطرِ كله من الشباب، ولولا الظروف الأمنية لكان هناك تجديد باستمرار.
  • هل تخشَون تكرار تجربة 1995م؟
الأمر يُدرس حسب الظروف المحيطة، فنحن ندرس واقعنا وما يحيط بنا، ونأخذ القرار المناسب والأصلح للجماعة.
  • تعيين نائبَين للمرشد.. أليس هذا محاولةً لإغلاق الباب أمام أية خلافات مستقبلية حول منصب المرشد؟ وهل الأمور- أطال اللَّه في عمر المرشد الجديد- باتت محسومةً لـ"حبيب" أو "الشاطر"؟
هذا الكلام غير صحيح؛ فالجماعة تُدار بشكل مؤسسي، وعندما نحكم على المستقبل نقرأُ الواقع ونسترجع التاريخ فما هي المرة التي حدثت فيها خلافات من سنة 74م وحتى الآن- وهي الفترة عايشتُها؛ ولذلك أتحدث عنها-؟!
فقد تم اختيار الأستاذ "عمر التلمساني" ثم الأستاذ "محمد حامد أبو النصر" ثم الأستاذ "مصطفى مشهور"، وتمَّ التجديد له مرةً ثانيةً، ثم الأستاذ "مأمون الهضيبي"- عليهم جميعًا رحمة اللَّه- وأخيرًا الأستاذ "محمد مهدي عاكف"، ولم يحدث خلال تلك الفترة انشقاقات أو صراعات داخل (الإخوان)؛ حتى يتوقع البعض حدوث خلافات في المستقبل.. فالجماعة أساسًا تقوم على منهج ربَّاني، والأصل فيها أن أعضاءَها يتنافسون في فعل الخير، وتتكامل القدرات والملَكَات مع بعضها؛ حتى يصل العمل إلى أفضل صور النضج والرشد، وبالتالي عندما يحدث غياب للمرشد- ووفقًا للوائح الجماعة- يتم الاختيار، وقد يأتي ذلك بالنائب وقد يأتي بآخر، وهو ما حدث عند وفاة الأستاذ "التلمساني" وكان نائبه الحاج "مصطفى مشهور"، ورغم ذلك تم اختيار الأستاذ "محمد حامد أبو النصر" مرشدًا للجماعة، فالعبرة عندنا بالظروف وبطبيعة المؤسسات التي لها حقُّ الاختيار واتخاذ القرار، وفوق ذلك كله توفيق اللَّه، وبالتالي فالمسألة ليست محسومةً لي أو للدكتور "حبيب".. فاللَّه أعلم مَن سيكون حيًّا أو حرًّا؟! وماذا سيكون اختيار (الإخوان)؟! فهي أمور تؤخذ في الاعتبار..
وعمومًا فتعيين نائبَين ليس سدَّ بابٍ على خلافات مستقبلية؛ لأننا لا نرتِّب أنفسنا على وجود خلافات، وقضية الصراع ليست واردةً عندنا، فالأصل في العمل الإسلامي أنه عمل تطوعي؛ لابتغاء مرضاة اللَّهِ والفوز بجنته.
وإذا تأملت أعضاء مكتب الإرشاد الحاليين فسوف تجد 8 أو 9 منهم تعرَّضوا للحبس من 3 إلى 5 سنوات في محاكمات عسكرية و3 آخرين تعرَّضوا للحبس فترات من شهرين لستة شهور، وبالتالي فالقضية عندنا ليست قضية مغنَم بل ابتلاء، فكونك مسئولاً وعضوَ مكتب إرشاد فهذا تكليف ومسئولية قد تعرضك للكثير من المشاكل والزجِّ في السجون.. فلماذا نتصارع؟!
  • دأب المراقبون على تصنيف قيادات الجماعة بين حرس قديم وجديد، وتيار تقليدي وآخر إصلاحي أنت محسوب عليه.. فما تعليقك؟!
شخصيًا لا أوافق على هذه التصنيفات؛ فنحن- كحركة وجماعة تعتمد على المنهج الإسلامي- لنا ثوابت ومتغيرات.. أما الثوابت فلا مجال للحديث عنها؛ فهي مرتبطة بطبيعة الإسلام كمنهج للحياة.. أما المتغيرات فهي عرضةٌ باستمرار للاجتهاد والتفكير والتجريب والأخذ بمستجدات العصر والعوامل المحيطة في الاعتبار، وهي مسائل تحكم تفكير عموم (الإخوان) وقياداتهم، والحمد للَّه كلنا على قلب رجل واحد، وهذا لا يعني عدم وجود اختلاف في الرأي، فهذا أمر طبيعي؛ وصولاً لأفضل درجات الرشد في صناعة القرار، فالفكرة في العمل الجماعي والقيادة الجماعية هي التحاور باستمرار للوصول إلى الهدف السابق.
وأيضًا أُحب أن أستشهد بهذا المَثل من سيرة الخلفاء الراشدين، فبعد وفاة الرسول- صلى اللَّه عليه وسلم- وبعد ما شرع المسلمون في مبايعة "أبو بكر" ذهب "عمر".
وقال له: ابسط إليَّ يدك لأُبايعك، فقال له: بل أنا أبايعك، فقال "عمر": أنت أفضل مني، فقال "أبو بكر": أنت أقوى منِّي، فقال "عمر": "قوتي لك مع فضلك".. وهذه قمة الفهم في مسألة التكامل بين القدرات الإسلامية المختلفة في القيادة، وهي نقطة مهمة من المفترض أن تحكمنا كمسلمين، فهناك من يستطيع الكتابة وآخر يجيد الخطابة.. وهكذا، فالتكامل في القدرات لدعم إدارة العمل الإخواني أو الإسلامي على أفضل صورة هي مسألة أساسية وضرورية، وبالتالي فتعدُّد الآراء واختلاف القدرات يُثري الإدارة والعمل الإخواني نفسه.
  • إذن يمكن القول بأن المرشد لا ينفرد بقرار؟
هذه حقيقة وأمر لا يعرفه كثير من الناس أو لا يدركونه.. إما لجهلهم بطبيعة عملنا كجماعة.. وإما لأن بعض وسائل الإعلام تحاول رسم صورة ذهنية غير صحيحة لنا، كما أن جزءًا- للأسف- من الثقافة العربية الحالية يُبرز دائمًا الإدارةَ والقيادةَ بشكلٍ استبداديٍ وفرديٍ، أما الأمر فمختلف عندنا، فالقيادة جماعية، و(الإخوان) يأخذون بالاختيار الفقهي في التعامل مع قضية الشوري أنها "ملزمة"، ولا نأخذ بالاختيار الآخر أنها "مُعلِمة"، وبالتالي فنحن نتشاور في الأمور وتؤخذ القرارات بالأغلبية، والجماعة تعمل باستمرار على تفعيل الشورى وتنميتها، وأخذ الرأي في كل الموضوعات بما في ذلك اختيار المسئولين.
  • تنادون بتداول السلطة، ولكن إذا توليتم مقاليد الأمور فلن تسمحوا بذلك.. ما ردكم؟!
هذا الكلام غير حقيقي، والدليل من خلال تجربةٍ لنا في النقابات المهنية، ففي نقابة البيطَريين تمَّ إجراء انتخابات فيها، في ظل وجود أغلبية إخوانية في مجلسها، ولم يتم تزوير الانتخابات، ونجحت مجموعةٌ أخرى غير إخوانية، وسلَّم لهم (الإخوان) النقابة، وهذا الموقف يدل على أن افتراضك غير صحيح.
  • ولكنها تجربةٌ نقابيةٌ.. سيختلف الأمر- بلا شك- عند الوصول لسُدة الحكم؟
لا يمكن افتراض شيء دون دليل عملي؛ فليس في مناهجنا وأفكارنا ذلك، بل على العكس نؤمن بالتعددية، وأن الانتخابات هي الفيصل بيننا وبين أي تيار آخر، شريطةَ أن تكون حرةً وتحت إشراف قضائي كامل، كما أن وجهة نظرنا في السلطة مختلفة عن أي تجمع حزبي آخر؛ لأنَّه- بطبيعة التفكير الحزبي والمناهج الحزبية- أنها يسعى للوصول للسلطة لتحقيق برامجه، وبالتالي فالوصول لكرسي الحكم هدف رئيسٌ عند هذه الأحزاب، أما عندنا فالوضع مختلف؛ لأننا عندما نتكلم عن الحكومة الإسلامية فنحن نتحدث عن حكومة تلتزم بالبرنامج الإسلامي، وتكون مرجعية نظام الحكم إسلامية وليس شرطًا أن نكون نحن في الحكم.. فمَن يحقق ذلك ويلتزم به فنحن جنود وأتباع له ونؤيده، وهذا هو الفرق بيننا وبين الأحزاب الأخرى.
  • كثر الحديث عن حزب لـ(الإخوان).. ألا ترى أن ذلك سيقلِّص دور الجماعة، خاصةً في ظل حالة الركود التي تعانيها الحياة الحزبية في البلاد؟!
بصفة عامة.. الجماعة- كمصطلح ووعاء لتطبيق الإسلام في شتي مناحي الحياة- أوسع بكثير من الحزب بمفهومه كمصطلح في الحياة السياسية والاجتماعية؛ لأن الحزب- وفق النموذج الغربي وحتى النماذج المطبقة في دول العالم الثالث- هو أداةٌ لممارسة العمل السياسي، والإسلام أوسع من ذلك بكثير؛ لأنه منهج شامل والسياسة جزء منه، وبالتالي فنحن نرحب بأن يكون لنا حزبٌ كوسيلة معترف بها، من خلالها يمكن ممارسة العمل السياسي، ولكن بالتأكيد تحوُّل الجماعة بأسرها لحزبٍ فقط لا يمثل الصورة المُثلى لعمل الجماعة، وإنما وجود حزب تابع للجماعة ويعبر عن الجانب السياسي في نشاطها على غرار النموذج الأردني واليمني حلٌّ جيدٌ، وهذا رأيٌ شخصيٌ؛ فالعبرة في هذه المسائل بالقرار الذي ينتج عن مؤسسات الجماعة بعد دراسة الأمر من جميع جوانبه.


اخوان مصر وعلاقتهم بأخوان الخارج

يسعدنا ويشرفنا أن يكون المرشد من مصر أو من خارجها، فالمسألة ليست عقدةً عندنا، وليس لدينا رفضٌ لها، ومن حق أي مجموعة من (الإخوان) في أي مكان ترشيح من تراه مناسبًا لذلك، ولو وقع اختيار (الإخوان) في العالم على مرشد غير مصري فسنكونُ أول الموافقين عليه، ولكنَّ الجميع يدركُ أن مصرَ منشأ الدعوة، وبها أكبر تجمع إخواني على مستوى العالم، وبها مجموعةٌ من الجيل المؤسِّس، وبالتالي يفضل (إخوان) العالم أن يكون المرشد من مصر، ويربطنا بإخواننا في الدول الأخرى قدرٌ كبير من التناصح والتشاور والتكافل ورابطة الأخوَّة والاعتماد في الحركة على اللامركزية بشكل كبير؛ ولذلك فالمساحات التي يمكن أن تخلق اختلافات- كما تصورها الصحف- ليست موجودةً بشكل كبير.
  • ما الدور الذي يقوم به النائب الثالث للمرشد الدكتور "حسن هويدي
الدور التوجيهي والإرشادي وقضايا التكافل والتعاون والتشاور بين (الإخوان) في العالم تحتاج أكثر من نائب في أكثر من مكان؛ لأن الدنيا واسعةٌ، وحركة (الإخوان) منتشرة، والأمر يحتاج نائبَين وثلاثة وخمسة أحيانًا.
  • ما حقيقة وجود مكتب إرشاد عالمي للجماعة في لندن؟
لا يوجد ما يسمَّى مكتب الإرشاد العالمي في لندن، كما تروج الصُحف، فليس هناك سوى مكتب إرشاد واحد في مصر، والمرشد العام يمثل تيار (الإخوان) على مستوى العالم كمرجعية فكرية وروحية كأي تجمُّع إسلامي آخر، ونحن نتشاور مع إخواننا في لندن وغيرها من العواصم، ولنا طرقٌ لتنسيق علاقاتنا في حدود ما تسمح به قوانين تلك الدول.


اخوان العراق

  • مشاركة (إخوان) العراق في مجلس الحكم الانتقالي يُسيء إليكم، ورغم ذلك تقولون: "أهل مكة أدري بشعابها".. فما ردكم؟!
أولاً.. نحن- كمبدأ- لا نقرُّ التعامل مع محتلٍ، وبالتالي فليس هناك إساءةٌ كما تقول، لكنَّ للعراق ظروفًا معقدةً، ولا نملك صورةً حقيقيةً عن الأوضاع هناك، ولا نستطيع أخذَ قرار نيابة عن إخواننا هناك؛ فهم يعيشون الصورة أفضل منا، وفي الفقه الإسلامي هناك أحكام الضرورة، مثل أكل لحم الخنزير وهو محرم إلا في حالة الاضطرار؛ لذلك فأهل البلد الذي وقع تحت الاحتلال لهم أن يقدِّروا ظروفهم وحدود مسألة الاضطرار خاصة بهم، وهم يتحملون المسئولية الشرعية أمام اللَّه ثم أمام شعبهم.


قضايا اقتصادية

الجماعة تعتمد أساسًا على أفرادها في ذلك، فأية مجموعة تقوم بنشاط تتحمل تمويله إذا كان يحتاج لذلك؛ لأن الجزء الرئيسَ من نشاطنا يعتمد على الجهد البشري، وحركتنا كجماعة في المسجد أو النقابة أو الشارع وغير ذلك تكلفتها الأساسية هي الجهد البشري الذي يبذله أفراد (الإخوان)، مثل موسم الانتخابات مثلاً، نعتمد في دعايتنا على تحركات أفرادنا ومحبينا وجيوبنا إذا تطلب الأمر، على عكس المرشَّحين الآخَرين الذين يُنفقون مبالغَ طائلةً؛ ولذلك يندهش الناس لحجم نشاطنا الذي يأتي تطوُّعًا للَّه وليس للحصول على رضا مرشَّحٍ أو جهةٍ ما.
  • قالوا إنك مليونير الجماعة وممولها الرئيسي.. فما رأيك؟
أحمد اللَّه على ستره، ولست مليونيرًا، ومن عنده دليلٌ غير ذلك فليقدمه، ودوري داخل (الإخوان) مثل أقل فرد من الجماعة، وللأسف فبعض الصحف تُجيد فنَّ (الفبركة)، فصحيفة لن أذكر اسمها- احترامًا للقواعد المهنية- جعلتني خبيرًا في زراعة الموز، وأخرى جعلتني خبيرًا في حفر الأنفاق، وأنا لا علاقة لي بحفر الأنفاق ولا أعرف عن الموز إلا أكلَه، ومجلة أخرى قالت إن ثروتي تقدر بـ135مليون دولار، وهي أمور للأسف يتم تأليفها وتناقُلها؛ ونتيجة هذه (الفبركة) اتصل بي البعض يطلب مني مساعدته في مشروع ما أو منحِهِ قَرضًا أو إنقاذَ شركته المتعثِّرة!!
  • يتحدث البعض أحيانًا عن أرصدة (الإخوان) المالية ومشروعاتهم.. فما قولك؟
الجماعة ليس لها أية أرصدة مالية، والمسائل كما يقولون "ماشية عندنا بالستر"، عبر مساهمات أفراد الجماعة، كما لا يوجد للجماعة مشروعات اقتصادية تتبعها، فقبل عام 1954م كان ذلك موجودًا بالفعل، ولكنه تعرَّض للضرب والمصادَرة، ومنذ ذلك الحين توقف (الإخوان) عن هذا النشاط إلا بشكل فردي كشأن باقي أفراد المجتمع.
  • يلحظ البعض غياب البعد الاقتصادي عن فكر الجماعة ورؤاها.. فهل لـ(الإخوان) أجندة اقتصادية؟
نحن جماعة إسلامية، السياسة والاقتصاد جزء من نشاطها، ولكن العادة أن النشاط السياسي يحظَى بالبروز والاهتمام، وهذا لا يعني أن (الإخوان) ليس لديهم أجندة اقتصادية ورؤىً لحل مشاكل البلاد؛ فلدينا دراسات وخبرات عندما تُتاح لنا الفرصة لتقديم حلولٍ لمشاكل البلد سنفعل، والدليل عندما تواجدنا في النقابات أقمْنا مشروعات التكافل والعلاج والصناعات الصغيرة وتيسير امتلاك شقق للشباب، ولنا تجربة في مجال المدارس والمستوصفات، وهي مساهماتٌ لها بعدها الاقتصادي الواضح، ولكنَّ التضييق علينا يمنعُنا من الانطلاق بالشكل المناسب، فليس مسموحًا لنا بإنشاء بنوك أو مؤسسات اقتصادية كبيرة، وقد يكون لنا تصوراتٌ لعلاج أزمات اقتصادية، ولكن لابد من مجال للممارسة والتطبيق.
  • كرجل أعمال وقيادي إخواني.. كيف ترَون المخرج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد؟
المدخل الأساسي للإصلاح الاقتصادي هو الإصلاح السياسي أولاً؛ لأن شعبًا لا يحصل على حريته وحقوقه الأساسية لا يستطيع أن يُنتج ويعطي بشكل أساسي؛ فالحرية والإصلاح السياسي مدخل رئيسٌ ولو حتى بشكل متدرِّج للإصلاح الاقتصادي، وثانيًا محاربة الفساد والقضاء على صوره التي تنهب ثروات الوطن، وثالثًا تحقيق أكبر قدر من عدالة التوزيع في الموارد والحقوق المترتبة على العملية الإنتاجية، ورابعًا تأمين رأس المال وأصحاب رءوس الأموال بصورة مختلفة وليس الجانب الأمني فقط.
فسياسة تعويم الجنيه في تقديري الشخصي لم تتم بناءً على دراسات موضوعية، وتمت بشكل متسرِّع ولم توضَع الضوابط التي تضمن نجاحها، وأنا لست ضد قرار التعويم وإنما ضد تنفيذه بشكل عشوائي، فمن المفترض توفير العملة الصعبة للمستورِد مع إعلان سعرٍ مفتوحٍ للجنيه، أما إذا لم يتم ذلك، وهو ما حدث بالفعل؛ فقد ظهرت السوق السوداء بقوة وحدثت مضاربة على الدولار قفزت بسعره فوق حاجز الـ7 جنيهات؛ ولذلك أشعر بأن السياسات الاقتصادية عندنا ليست مدروسةً بشكل جيد ولا تنفَّذ بشكلٍ متكاملٍ.
  • هل لدى (الإخوان) حكومة ظل تستطيع إدارة شئون البلاد في حال توليكم الحكم؟
الأزمة في مصر الآن في جوانبها المختلفة- سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو التربوية أو الاجتماعية- تحتاج لتضافر كل القوى الوطنية الشريفة والحريصة على مصلحة البلد، فلا يمكن لأي تيار حتى (الإخوان المسلمون) أن ينقذ البلد مما هي فيه بمفرده، والحكومة نفسها- مع ما تملك من إمكانات ومؤسسات وسلطة- عجزت عن ذلك، فمن الظُّلم تحميل أي تيار مسئولية حلِّ أزمة البلد، فالمخرج يتطلب إستراتيجية طويلة المدى.
فمثلاً لمواجهة الفساد نحتاج مجموعةً من الإجراءات الإدارية والقانونية على المدى القصير والمتوسط، ولكن يظل الحل الصحيح هو الحل التربوي وتربية الضمائر، وهذا يحتاج لسياسات وإستراتيجية طويلة المدى، ونحن ندعو كل القوى- حُكامًا ومحكومين- لتحقيق أمرين، أولهما: الوقوفُ في وجهِ المشروع الأمريكي والصهيوني للسيطرة علي المنطقة، وثانيهما: العمل على استهداف نهضة الأمة والخروج من أزمتها، فلابد من خطِّ دفاع وخط بناء، و(الإخوان) لديهم البرامج والخبرات والكفاءات التي تمكِّنُهم من التعاون مع القوى الأخرى لإصلاح البلاد، وإمكانية الاستفادة من علاقاتنا على مستوى العالم، ولكننا لا نسعى للانفراد بالأمر؛ لأننا ندرك أن المسئولية ضخمة والعبء كبير.
  • كيف ترى دور (الإخوان) خلال الفترة القادمة؟
أذكِّر نفسي و(الإخوان) بالعمل الجادِّ على ثلاثة محاور، أولها: الدعوة وتبليغها لأكبر عدد من الناس في كل الظروف والأوقات، ولا تحدُّنا أيُّ قيود؛ لأنها دعوة اللَّه، ولا يستطيع أحدٌ حصارَنا لمنعِنا من تبليغِها، وثانيًا: تربية الإنسان لنفسه ومن حوله من المسلمين المتفهِّمين لفكرته، سواء من أسرته أو المحيطين به، وثالثًا: المساهمة في استئناف بناء نهضة مصر والأمة؛ لأنه تحدٍّ رئيسٍ بالنسبة لنا، ولا يمكن الوقوف عند مجرد النقد والحسرة على ما يحدث، فلابد أن نتحول لفاعلين إيجابيين.

* نقلاً عن جريدة (آفاق عربية)- بتاريخ 26/2/2004م

المصدر