من ثمار الإسلام : التوحيد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
من ثمار الإسلام : التوحيد

بقلم:الشيخ سعيد حوى

مقدمة

خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
الداعية سعيد حوى

... إن دعوة الرسل عليه الصلاة والسلام تختلف عن أي دعوة أخرى من دعوات البشر المنبتّة عن هداية الله ، ولذلك كان شيئاً عادياً تماماً أن تكون آثارها وثمارها تختلف عن غيرها ، فإذا كان من ثمار الدعوات الأخرى الإغراق في الشهوات والملذات الحيوانية ، فإن من ثمار دعوة الرسل ضبط النفس إلا عن المتع المعقولة .

... وإذا كان من ثمار الدعوات الأخرى عدم التقيد بالحق والخير والمعروف ، فإنه شيء عادي أن يكون من ثمرات دعوة الرسل الالتزام بهذا ، وإذا كانت دعوات غير الرسل تعتبر الجمال مقدماً على الأخلاق ، فشيء عادي أن يكون من ثمرات دعوة الرسل اعتبار الجمال في الأخلاق الكريمة العالية .

... إن الفطرة تحس بالخير والشر ، وإن فطرة الإنسان تستشعر الثمرة الطيبة للدعوة الطيبة ، كما يستشعر ذوق الإنسان حلاوة الثمرة الطيبة ، وإن فطرة الإنسان تستشعر الثمرة الخبيثة للدعوة الخبيثة ، كما يستشعر ذوق الإنسان مرارة الثمرة الرديئة .

... ولذلك كان عند الفطرة نوع بصيرة تستطيع بها أن تميز ثمرات الرسول الحق من ثمرات مدعي النبوّة الكاذب ، وأن ترى في آثار كلٍ ما يدل على صدق الأول وادعاء الثاني .

... وقد أشارت الكتب السماوية إلى هذا المعنى

... فقال الله تعالى في القرآن

... {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً} الأعراف 58 .

... ويذكرن في إنجيل يوحنا الباب السابع الفقرة الخامسة عشر على لسان المسيح قوله

... احذروا من الأنبياء الكَذَبَة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخلٍ ذئاب خاطفة من ثمارهم تعرفونه ، هل يجتَنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً .

.. يقول الله تعالى

... {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} الفتح 29 .

... ويذكرون في الباب الثالث عشر من إنجيل متى على لسان المسيح عليه السلام

... قدم لهم مثلاً آخر قائلاً يشبه ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله وهي أصغر جميع البذور ، ولكن متى نمت فهي أكبر البُقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتي وتأوي في أغصانها .

... يعرف النبي من ثماره ، لذلك كان لا بدَّ من كتابة هذا الباب لتبيان أن ثمار محمد عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن تكون إلا ثمار نبي .

... وسنستعرض في هذا الفصل عشر ثمرات من ثمراته عليه الصلاة والسلام . في كل منها شهادة كاملة على أنها منبثقة من شجرة النبوَّ الطيبة العطرة المتميزة .

أولاً – التوحيد

... في الهند اليوم حوالي 200 مليون بقرة ، هذه الأبقار يعتبرها الهنود مقدسة ، وبالتالي فإنه لا يستفيدون منها بتاتاً ، ويحرمون ذبحها ، وأكثر من هذا فإن الشعب الهندي كله مسخر لخدمتها ، وتعيش على حسابه ، فكم يحتاج هذا العدد من الأبقار إلى مراع وطعام ؟

... وكم تعطل طاقات على حساب هذا النوع من الشرك ؟

... وزيادة على ذلك فإن لهذا البقر سلطاناً على كل شيء . تقف البقرة فتوقف وراءها السيارات ولا يزعجها أحد حتى تمضي هي فيمضي غيرها . وتبول في أي مكان ، وتخثي في أي مكان . وتعتدي على مال أي إنسان ، ولا أحد يجرؤ على أن يعترض سبيلها بشيء . وفي الهند هذه السنين مجاعة تهدد عشرات الملايين، ترى لو استفاد الشعب الهندي من البقر ألا تنحل شيء من أزمته ؟

... إن هذه الصورة من صور الشرك جعلت البشر مسخراً لخدمة البقر .

... وفي مصر اليوم أهرامات ضخمة جداً ، وأحجارها ضخمة جداً ، نقلت من أماكن بعيدة جداً ، نقلها آلاف من أبناء الشعب المصري إلى منطقة الأهرامات ، وتعبت في بناء هذه الأهرامات آلاف الأدمغة وآلاف الأيدي من أجل ماذا ؟

... من أجل أن يصنعوا قبراً لفرعون الذي كانوا يعبدونه كإله !! فكم أُنفق من جهد ، وكم أنفق من أموال ؟ بسبب هذه الصورة من صور الشرك ، بصرف النظر عما تمثله هذه الأهرامات من تقدم مدني .

... شعب من البشر مسخر كله لخدمة فرد من البشر .

... وفي العالم اليوم حوالي ثلاثة عشر مليوناً من الطائفة الإسماعيلية ، التي تعبد رجلاً كإله وتقدم له كل عام خُمس أموالها ، تجعله في كفة ميزان ، وتجعل الذهب في كفة أخرى حتى يتساويا ، وتقدمه له كهدية سنوية ، ثلاثة عشر مليوناً من البشر يستغلهم فرد باسم الألوهية . ليجهدوا ويقدموا ، أما هو فيأخذ ويكنز وينفق بلا حساب على أشياء كثيرة وقد يكون المرشح لهذا المنصب داعراً فاسقاً ماجناً ، ينال هذا كله ويصرفه في كل سبيل داعر ، ذلك أثر من آثار الشرك بالله ، أن يستغل فرد من البشر شعباً كاملاً من البشر باسم ألوهية الإنسان وعبودية الإنسان للإنسان .

... وفي العالم اليوم شعوب وثنية ، وقديماً كانت الوثنية منتشرة في العالم كله لم تخل منها أمة من الأمم

... الرومان واليونان ، والهند والصين واليابان والعرب .. والشعوب الإفريقية من مصر إلى غيرها .. فماذا تعني هذه الوثنية ؟ قبل أن نقول ماذا تعني نضرب أمثلة عن نماذج منها

أ – عند العرب

... 1 – روى البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال كنا نعبد الحجر ، فإذا وجدنا حجراً هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر ، فإذا لم نجد حجراً جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به .

... 2 – وقال الكلبي كان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً ، وجعل ثلاثاً أثافيَّ لقدره وإذا ارتحل تركه .

... 3 – وقال صاعد في كتاب ( طبقات الأمم ) كانت حمير تعبد الشمس ، وكنانة القمر ، وتميم الدبران ، ولخم وجذام المشتري ، وطيء سهيلاً ، وقيس الشَّعرى العبور ، وأسد عطارد .

... 4 – وقال الكلبي كان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه ، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به ، وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً .

... 5 – وكان لكل قبيلة من العرب صنم ولكل ناحية أو مدينة صنم خاص وكان في فناء الكعبة وحدها ثلاث مائة وستون صنماً للعبادة .

... 6 – قال سعيد بن جبير في شرح الأزلام الأزلام حصى بيض كانوا إذا أرادوا غدواً أو روحاً كتبوا في قدحين في أحدهما أمرني ربي وفي الآخر نهاني ربي ، ثم يضربون بهما فأيهما خرج عملوا به .

ب – عند الهنود

... يقول أبو الحسن الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين عن حال الوثنية في الهند

... بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس ، فقد كان عد الآلهة في ويد ثلاثة وثلاثين ، وقد أصبحت في هذا القرن 330 مليوناً ، وقد أصبح كل شيء رائعاً وكل شيء جذاباً ، وكل مرفق من مرافق الحياة إلهاً يعبد ، وهكذا جاوزت الأصنام والتماثيل والآلهة الإلاهات الحصر وأربت على العد ، فمنها أشخاص تاريخية وأبطال تمثل فيهم الله – زعموا – في عهود وحوادث معروفة ومنها جبال تجلى عليها بعض آلهتهم ، ومنها معادن كالذهب والفضة تجلى فيها إله ، ومنها نهر الكنج الذي خرج من رأس مهاديو الإله ، ومنها آلات الحرب وآلات الكتابة وآلات التناسل وحيوانات أعظمها البقرة ، والأجرام الفلكية وغير ذلك ، وأصبحت الديانة نسيجاً من خرافات وأساطير وأناشيد وعقائد وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يستسغها العقل السليم في زمن من الأزمان .

جـ - والفرس

... كانوا يعبدون ملوكهم ونيرانهم ، واليابانيون يعتبرون ملكهم ابن الشمس المعبودة ، واليونانيون يعبدون إله المطر فلاناً وإلاهة الحب فلانة وإله الحرب فلاناً .. وهكذا ..

... فماذا تعني هذه الوثنيات كلها ؟

... تعني أن الإنسان اعتبر نفسه أقل من الحجر ، وأقل من الشمس وأقل من الحيوانات ، وأقل من مظاهر الطبيعة كلها ، بل جعلها في مقام السيد ، وجعل نفسه في مقام العبد الذليل ، وجعلها تتحكم فيه بواسطة وبغير واسطة .

... وقال النصارى إن المسيح ابن الله وأعطوه حكم الأب – تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً –

... فأصبح المسيح عندهم إلهاً ، كما اعتبر الهنود بوذا من قبل إلهاً ، وهؤلاء وهؤلاء صنعوا التماثيل لهذا وهذا وعبدوها ، فأصبحت كلاً من الديانتين ديانة وثنية شركية من ناحيتين من ناحية عبادة الأصنام ومن ناحية عبادة الإنسان ، ونتج عن هذا عند النصارى أن اعتبروا خليفة المسيح الممثل في البابا له حكم المسيح من حيث طاعة أوامره ونواهيه ، فأصبح التحليل والتحريم والتضليل والتخريف الذي عليه طابع الديانة المقدسة الصادر من قبل البابا هو كل شيء .

فكانت مآسي وفظائع من حَجْرٍ على العقل ، وقتل للأنفس ، وسلب للحريات ، ومقاومة لكل حق وقد ذكر التاريخ من ذلك الكثير .

... وألحَد ناس قديماً وألحد ناس في هذا العصر ، فماذا يعني الإلحاد ؟

... يعني الإلحادُ أن الإنسان عبد الكون كله بدلاً من أن يعبد أجزاء منه ، وخلع على الكون كله صفات الألوهية ، فالكون يخلق ويَرزق ، ويُعطي ويمنع ، ويحيي ويميت ، ويتصرف ويعمل ورتب ويبدع ويكوِّن ، واعتبروا أنفسهم أعظم ما في هذا الكون فعبدوا أنفسهم ؛ اعتبروا أن الإنسان مصدر التشريع ، ومصدر الحاكمية ، ومصدر الأمر والنهي . وهو حر أن يفعل وأن يترك وأن يعمل كل شيء فغلبتهم شهواتهم ، وظلموا بعضهم ، وأصبح كل واحد من هؤلاء يعتبر نفسه إلهاً ، وأخيراً اعتبرت الفلسفة الشيوعيّة الشعب كله إلهاً يفعل ما يشاء ، لا رادَّ لحكمه ، وتمثل الشعب بأفراد تصرفوا كآلهة ، فحدث على يدهم من المآسي ما لم يحدث على يد غيرهم ، حتى إنه قتل في زمان ستالين وحده تسعة عشر مليوناً من أبناء الشعوب المسماة بالاتحاد السوفييتي .

... فلم يكن الإلحاد إذن إلا صورة من صور الشرك ، انتقل به الإنسان من الجزئية إلى الكلية ، ومن الشرك الواضح إلى الشرك المقنع ، فأعطى الكون كلّه صفات الألوهية بعدما كان يعطي أجزاء منه ، وعبد نفسه وتعبّد لها بعدما كان يعبد غيره .

... ومحمد وحده بوحي من الله ، من يوم بعثته إلى قيام الساعة ، هو الذي وضع الإنسان في محله الصحيح فعلمه

... 1 – أن الكون كله ، قمره وشمسه ونجومه وأرضه وحيواناته من بقر ونمر وأسد وعجل ، ونباتاته كلها ، وأحجاره ومعادنه وكل شيء فيه خلق للإنسان ! فالإنسان سيده والإنسان مكرم ومفضل عليه .

... {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} البقرة 29 .

... {أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} لقمان 20 .

... ومن حق الإنسان أن يستفيد من الأرض وخيراتها ، ومن القمر وما فيه ومن المريخ وغيره ، كل الكون مسخر للإنسان والإنسان أكرم ما فيه

... {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الإسراء 70 .

... 2 – وأن الله خالق الكون والإنسان ، هو وحده الإله المتصف بكل كمال ، المنزه عن كل نقص ، المستحق وحده للعبادة . والإنسان عبده وحده .

... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} الذاريات 56 .

... فالناس كلهم عباد الله . ورسولهم ونبيهم ، وملكهم وخادمهم ، وكبيرهم وصغيرهم ، ولا يجوز أن يعطوا عبوديتهم لأحد سواه .

... { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا اله إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء 25 .

... {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَاكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} آل عمران 79 .

... {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ الهكُمْ اله وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا} الكهف 110 .

... لا إله إلا الله

... لا حجر ولا قمر ولا بشر ولا كون ولا مجلساً نيابياً يحلل ويحرم كما يشاء ، ولا شعب ولا حاكم ولا محكوم ولا البشرية كلها .

... كل الكون للإنسان ، والإنسان لله . مقام الإنسان السيادة على المخلوقات ، لأنها مسخرة له ، والعبودية لله وحده بنقلة واحدة نقل محمد - صلى الله عليه وسلم - البشر من أحط الدركات إلى أعلى الدرجات ، وبذلك وجد المسلم ، وهذه أول ثمرة من ثمار محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي أول ثمرة من ثمار كل نبي ولكن الناس انحرفوا

... مكتوب في نسخ التوراة الموجودة الآن

... ( لو دعا نبي أو من يدعي الإلهام في المنام إلى عبادة غير الله يقتل هذا الداعي وإن كان ذا معجزات عظيمة ) الباب الثالث عشر من سفر الاستثناء ، وفي الباب السابع عشر منه

... ( لو ثبت على أحد عبادة غير الله يرجم رجلاً كان أو امرأة )

... ومكتوب في نسخ الإنجيل الحالي

... ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) إنجيل يوحنا الباب السابع عشر – 3 .

... وفي الباب الثاني عشر من إنجيل مرقص – 28 – ( فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسناً سأله أية وصية هي أول الكل فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) .

... وبهذه النظرة إلى الكون والإنسان ، فتح المسلم أقفال الكون بالتجربة والمشاهدة ، يدفعه في ذلك عقيدة أن الكون كله للإنسان ، وعليه أن يستفيد منه ، ولئن وصلت الحضارة الغربية اليوم إلى القمة في تسخير الكون ، فذلك بسبب أنها أخذت هذا المعنى عن الحضارة الإسلامية ، ولولا ذاك لما كان في أوروبا حضارة ولا علم وأين يكون ومحاكم التفتيش وسيف الكنيسة مسلطة على رأس كل من يفكر ، يقول بريفولت في كتابه بناء الإنسانية

... ما من ناحية من نواحي تقدم أوروبا إلا وللحضارة الإسلامية فيها فضل كبير وآثار حاسمة لها تأثير كبير .

... ويقول في موضع آخر

... لم تكن العلوم الطبيعية التي يرجع فيها الفضل إلى العرب هي التي أعادت أوروبا إلى الحياة ، ولكن الحضارة الإسلامية قد أثرت في حياة أوروبا تأثيرات كبيرة ومتنوعة منذ أرسلت أشعتها الأولى إلى أوروبا .

... ولكن للأسف فإن أوروبا أخذت جزءاً فقط من هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضوع ولو أخذته كله لأفلحت واهتدت .

... إن هذه الثمرة من ثمار محمد - صلى الله عليه وسلم - التي لا يصلح الإنسان إلا بها ، ولا يأخذ محله الصحيح إلا إذا اعتقدها ، لا يمكن أن تكون على هذا الكمال والتمام في دعوة محمد عليه الصلاة والسلام لولا أنه رسول الله حقاً . أراد الله به أن ترجع الإنسانية عن الانحراف إلى الاستقامة .

الكاتب / الشيخ سعيد حوى

المصدر