منَعَ الحج.. فباء بالإثم وفاز بأنفلونزا الخنازير!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
منَعَ الحج.. فباء بالإثم وفاز بأنفلونزا الخنازير!


بقلم: الدكتور عبد الحميد القضاة

حرم آمن.. وربّ كريم، بيده الملك وهو على كل شيء قدير. يدبّر الأمر كما يشاء ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون, يتقبل من عباده الصالحين أبسط الأسباب فيبارك بها ما دامت مجبولة بالإخلاص وحسن التوكّل عليه وحده لا شريك له. وهو الذي يرحم ويحفظ عباده التائبين وهو خير الحافظين.

حجاج أقبلوا على الله من كل فجّ عميق، لم يمنعهم التهويل والتضخيم الإعلامي بل والتخويف العالمي من أنفلونزا الخنازير, أقبلوا عليه يحدوهم الأمل والتفاؤل وحسن الإقبال على العليّ القدير أن يعودوا الى ديارهم كما ولدتهم أمهاتهم, تصالحوا مع ذواتهم واستغفروا لذنوبهم، وسدّدوا ديونهم، وأدّوا للعباد حقوقهم وتخففوا من همومهم, أقبلوا على الله بكل إيجابية ورضا وطمأنينة، طامعين بما عنده من عفو وغفران وجنّات فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

في مثل هذه الحالة النفسية الإيجابية المتفائلة والمرتبطة بالعليّ القدير, يعمل جهاز المناعة في جسم الإنسان بأحسن صورة وأفضل أداء، خاصة في ظل ممارسات شخصية راتبة للنظافة يزيدها ألقاً وبركة كثرة الوضوء, مصحوبة بتفوّق وإحسان لنظافة البيئة والمكان، وفوق هذا وذاك غيث كثير ومطرغزير من مُزْن أرسلها الله تبارك وتعالى لينقي الهواء و يغسل الأرض.

فاز حجاج بيت الله الحرام والحمد لله رب العالمين، وفاز المجتهدون الآخذون بالأسباب, فهنيئاً لهم وللقائمين على الحرمين الشريفين وتقبّل الله جهدهم العظيم، وخسر المثبّطون والمهوّلون, ولكن الخاسر الأكبر هو من منع الحج هذا العام بسبب أنفلونزا الخنازير فباء بالإثم والوزر، ثم برز إليه المرض نفسه وهو في عقر داره، فأصيب به. وصدق الله العظيم إذ قال: {أينما تكونوا يدرككم الموتُ ولو كنتم في بروج مشيّدة} النساء 78.

وها هو وزير الصحة السعودي يعلن في مؤتمره الصحفي يوم الأحد 28/11/2009 بأن حج هذا العام ولله الحمد والمنّة آمن، إذ مرّ بسلام دون أوبئة وكوارث صحيّة, أمّا بالنسبة لأنفلونزا الخنازير فقد ثبت حصول 73 إصابة مات منهم خمسة حجاج فقط لا غير.

ورغم أن هذا الحج جاء في فصل الشتاء الذي طالما أخافونا منه، ورغم الزّحام والاختلاط في كل مكان, وهذا العدد الكبير الذي بلغ الثلاثة ملايين حاج, جاؤوا من كل حدب وصوب, رغم كل ذلك، تجلّت مشيئة الله وقدرته في حفظ ضيوفه، فلم ينتشر أنفلونزا الخنازير إلّا كما ذكر معالي الوزير, وهذا أقلّ بكثير مما حصل في أصغر ولاية من الولايات المتحدة الامريكية برغم كلّ لقاحاتهم وإجراءاتهم الصحية الوقائية المكثفة.

يأتي هذا التصريح الرسمي بعد سبعين يوماً من إعلان المملكة العربية السعودية ذاتها أنه طوال موسم العمرة في رمضان لم يثبت فيه سوى21 إصابة في المدينة المنورة وتسع إصابات في مكة المكرمة، وتوّج ذلك باجتماع ثلاثة ملايين معتكف ومعتمر ليلة ختم القرآن الكريم يوم الجمعة 28 رمضان في الحرم المكي، ولم يصب أحد باذى أو أنفلونزا الخنازير بفضل الله و كرمه.

وبعد هذا وغيره الكثير فإنني أتساءل:

- ألا يكفينا ما ظهر حتى الآن دليلاً على قدرة الله وحفظه لضيوفه الكرام في حرمه المقدس؟
- ألا يستدعي ذلك منا أن نردد دائماً وأبداً ما قاله الرجل الصالح كما ورد في سورة البقره آية 259 {فلما تبيّن له قال أعلمُ أن اللهَ على كل شيء قدير}.
- ألا يجب أن نوقن أنّ الأخذ بالأسباب وحدها على ضرورتها لا يكفي إلّا إذا كانت مجبولة بالإخلاص ثم بتوفيق الله و قبوله؟
- ألا يجب أن ننتبه فلا ننسى أن التهويل والتخويف الإعلامي العالمي ليس بريئاً ولا يخلو من إشغال وإلهاء على أقلّ تقدير؟
- ألا نتذكر ونوقن أنّ التزامنا بشرع الله وأوامره هو خير وسيلة للوقاية من الآفات والأوبئة جديدها وقديمها؟

وأخيراً، أكرر التذكير بأنّ ضيوف الرحمن في رعاية الله، فلا تقلقوا عليهم من أنفلونزا الخنازير. ولله الأمر أولاً وآخراً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر