ممدوح الولي يكتب: اعتذار لطلاب مصر الأبطال

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ممدوح الولي يكتب: اعتذار لطلاب مصر الأبطال


18-05-2014

الاستاذ.ممدوح الولي

بصدور الحكم بالسجن أربع سنوات لنحو 37 طالبًا أزهريًّا وغرامة 30 ألف جنيه، بتهمة الاشتراك في أحداث الشغب والعنف والتظاهر دون الحصول على تصريح مسبق من الجهات المختصة.

ينضم هؤلاء إلى غيرهم من مئات الطلاب القابعين بالسجون منذ شهور، بسبب تظاهرهم الرافض للانقلاب العسكري الذي يهمن على البلاد منذ الثالث من يوليو الماضي.

ولم يعد غريبا أن تتجاهل تلك الأحكام القاسية قيادات الأزهر، بداية من شيخ الأزهر الذي اختار من البداية الوقوف في صف الانقلاب، أو رئيس جامعة الأزهر المستمر في منصبه بعد سن الستين كمكافأة، على قيامه بفصل عدد من الطلاب والطالبات، ومنعهم من دخول المدن الجامعية ومن دخول الامتحانات إلى جانب فصل عدد من أساتذة الجامعة.

كما يعد أمرا غريبا أن يتجاهل تلك الأحكام من يسمون بالنخبة من السياسيين، وقيادات الأحزاب وكتاب الأعمدة بالصحف الحكومية والخاصة، حيث الهدف الواحد للجميع وهو إرضاء قائد الانقلاب، سواء طمعا في عطائه أو خشية بطشه، أو خوفا من فتح ملفاتهم الشخصية وإذاعة مكالماتهم الشخصية في حالة عدم انصياعهم لرغباته.

وليت الأمر يقتصر على الصمت والتواري خجلا عن عدم استطاعة الجهر بالحق، لكنه اتساق مع التردي الأخلاقي والمجتمعي، تطوع كثير من أفراد تلك النخبة المعروف فسادها للكافة، بإطلاق سيل من الاتهامات الكاذبة لهؤلاء الطلاب الشرفاء، بل مطالبة بعضهم بالمزيد من القسوة معهم، وكأن ما حدث معهم غير كاف!.

- ونسى الجميع أن حق التظاهر حق دستوى في كل بلاد العالم المتحضر، حتى في دستور الانقلاب نفسه، ونسوا أن قائد الانقلاب قد استند إلى المتظاهرين في الثلاثين من يونيو في قيامه بانقلابه على الرئيس الشرعي المنتخب، ونسى هؤلاء أن قائد الانقلاب طلب من المواطنين النزول للتظاهر لتفويضه.

كما ينسى الجميع أن حق التظاهر مكفول وبحماية من الجيش والشرطة والبلطجية لمؤيدي الانقلاب فقط، سواء في ميدان التحرير أو بميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية، أو في غيرها من الميادين بالمحافظات، مع قيام الطائرات بإلقاء الهدايا عليهم، بينما يتم إلقاء الغاز والخرطوش والرصاص الحي على الآخرين.

- هل نسى قادة التنظيمات السياسية تباهي كل منهم بما قام به من تظاهر ومعارضة للأنظمة خلال حياتهم الطلابية أو الشبابية، ألم يقل هذا دائما المرشح الرئاسي الكومبارس وقادة التحالف الاشتراكي مرات عديدة ؟

ويبدو أنني كنت حالما وأنا أنتظر الإنصاف من هذه النخبة المجرمة، التي تواصل حصد المال والنفوذ على حساب الحقيقة، وعلى حساب المصالح القومية للبلاد، حين أطلب منهم موقفا تجاه اعتقال وحبس وسجن الطلاب.

بينما هم قد صمتوا مع مقتل الطلاب الذي تكرر مرات عديدة بجامعة الأزهر والقاهرة وعين شمس وغيرها من الجامعات، فمن سكت عن الدم فقد مات ضميره، وتحول إلى كائن آخر لا صلة له ببني الإنسان.

- أسئلة عديدة تثور مع توالي عقاب الثوار من الطلاب بهذا القسوة، أين علماء السياسة والاجتماع؟ الذين يدركون أن الشباب هم طليعة التغيير في كل المجتمعات، وأن المجتمعات التي تنهض هي التي تتيح الحرية لشبابها للتعبير عن آرائهم وابتكاراتهم، وأنه بدون رفض الواقع فلا تقدم لأي مجتمع، أليس هؤلاء الشباب هم قادة المستقبل؟ وماذا نتوقع لحال بلادنا عندما يتولون أمورنا وقد ذاقوا طعم الظلم والافتراء؟

- من كل ما سبق، أعتذر نيابة عن كل إعلامي شريف وعن كل مصري حر رافض لممارسات الانقلاب الدموية، لهؤلاء الطلاب والطالبات الأبطال، ولأسرهم التي تحملت عناء الإنفاق عليهم في مدرجات الجامعة وفي زنازين السجون، وأحيي ثباتهم وصمودهم وعطاءهم رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة.

ونحن على ثقة من تعويض الخالق لهم عاجلا أو آجلا، فلن يضيع الله أجر من أحسن عملا، ونحن شهود على طهارتهم ونقائهم، وأنهم لم يتلفوا شيئا كما يدْعُون عليهم، وسيأتي اليوم الذي يظهر الله فيه الحقيقة، وما يتم من زج بعناصر للتخريب خلال المظاهرات لتشويه صورة الطلاب الشرفاء، والاستعانة بإعلاميين فاقدين للمهنية يكتفون بنشر بلاغات الداخلية الكاذبة دون تدقيق وتمحيص لإجلاء الحقائق.

- ويظل السؤال هل هذا البلد هو الذي قام بثورة في الخامس والعشرين من يناير؟ وذاق طعم الحرية والكرامة وكسر حاجز الخوف؟، وهل يمكن أن ينساق كل هؤلاء السياسيين والإعلاميين والحكوميين، وراء نزوات ورغبات قائد الانقلاب فيوافقونه على ما يقوله، مهما كان شاذا وغريبا، ومهما كان مدمرا للسلام الاجتماعي ومحدثا للمزيد من الانقسام المجتمعي ومُريقا للدماء؟.

كيف يتحول تيار سياسي له جذوره الضاربة بالمجتمع وينتشر أفراده في كل قطاعات المجتمع، وحاز على الغالبية في انتخابات ديمقراطية عديدة، إلى تنظيم إرهابي غير مسموح له بالوجود بالمرة، لمجرد رغبة في ذلك من قبل قائد الانقلاب كي يغطي على مجازره التي ارتكبها، ورغم إعلان الداخلية نفسها عن ارتكاب تنظيم معين للحوادث التي استندوا إليها في اتهاماتهم.

وكيف يتحول تنظيم شبابي من تيار رافض للدكتاتورية إلى تنظيم محظور، لأنه تجرأ ورفض ممارسات قائد الانقلاب، رغم أنه كان شريكا لهم في مظاهرات الثلاثين من يونيو.

أليس منكم رجل رشيد يواجه قائد الانقلاب بجرائمه ومجازره؟، وما تسبب فيه من كوارث طوال الشهور الماضية التالية للانقلاب الدموي، وما لحق بأرزاق الناس من ضرر نتيجة تراجع الاستثمارات والسياحة والتحويلات وارتفاع معدلات الفقر والتضخم والبطالة.

- أين الضمير؟ وأين النخوة؟ ألا تخجلون من أنفسكم؟ وكيف تواجهون أسركم وأقاربكم بأفعالكم؟ وماذا سيكون موقفكم أمام الناس عندما يندحر الانقلاب الدموي؟ والذي نراه قريبا بإن الله، وفوق كل ذلك ماذا ستقولون لربكم عن صمتكم وتخاذلكم وخنوعكم وافتراءاتكم؟

المصدر