مفاهيم إسلامية (تذكرة بمفاهيم أساسية) (2)

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مفاهيم إسلامية (تذكرة بمفاهيم أساسية) (2)


بقلم : الدكتور محمد عبد الرحمن

بعض مبادئ دعوة الإخوان المسلمين وضوابطها:

إن الدعوة التى بدأها الإمام الشهيد وأسس بها جماعة الإخوان المسلمين، لم يأت فيها بجديد، وإنما أحيا أمراً نساه وغفل عنه كثير من الناس، ونادى بالعودة والتمسك العملى بالإسلام والقرآن، وبتحقيق أهداف الأمة الإسلامية ورسالتها فى الأرض، ولم تكن كلماته وتوجيهاته وخطواته إلا ترجمة وشرح لهذه المبادئ والقواعد الإسلامية.

ولم يكن الإمام الشهيد فى دعوته ردّ فعل لحدث أو ظروف ومناخ، ولكنه فى الأصل والأساس انطلاقاً من الواجب الإسلامى كان الباعث لنشأة الدعوة يتمثل فى "الاعتقاد الجازم بأن رضا الله – سبحانه وتعالى – وبراءة ذمتنا يوم العرض عليه، توجب علينا العمل الجماعى لأداء تكاليف الشريعة عامة ولإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى خاصة وفق الفهم الصحيح الشامل للإسلام (والذى عبرت عنه رسالة التعاليم عموماً وركن الفهم منها على وجه الخصوص).

وينبنى على هذا الباعث أن تكون كافة ممارساتنا الجماعية نابعة من المنطلق التعبدى وأن يكون العمل الجماعى - وكذلك الجماعة – ليست غاية ولا وسيلة ، ولكنها فريضة، وأن الحاجة إلى الجماعة تظل قائمة ما دام التكليف الشرعى الباعث على إنشائها لم ينتف .

وبهذا يمكن تلخيص الرسالة التى تسعى الجماعة لتحقيقها – كما وضحها الإمام الشهيد " العمل على أن تكون كلمة الله هى العليا، بأن تسود قيم وأحكام الإسلام وشرائعه فى ربوع العالم {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } [ الأنفال:39] ، وذلك :

أ‌- بالنهوض بالأمة الإسلامية لتتبوأ مكانة أستاذية العالم وتقوم بواجب الشهادة على العالمين { لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [ البقرة:143].

ب‌- وبالتعاون فيما بيننا على القيام بالتكاليف والواجبات الشرعية المناطة بنا، ويتمثل هذا فى الأهداف التالية:

1. تكوين الفرد المسلم

2. والبيت المسلم

3. المجتمع المسلم

4. تحرير الوطن من كل سلطان أجنبى

5. إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق.

6. إعادة الكيان الدولى العالمى للأمةالإسلامية بتحرير أوطانها وتحقيق الوحدة المنشودة، وإقامة الخلافة المفقودة، واسترداد الديار السليبة.

7. أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام فى ربوعه([1]).

لقد اهتم الإمام الشهيد ببناء الجانب العقائدى والفهم الصحيح وتربية الأفراد، واعتبر أن ذلك أساس الإصلاح الذى ينطلق منه إلى كل جوانب الإصلاح المطلوبة وكان يقول : " إذا وجد المؤمن الصحيح وجدت معه أسباب النجاح " وكذلك صبغ دعوته وأقامها على هذه السمات الإسلامية:

[1] أنها إسلامية صميمة،على الإسلام تعتمد، ومنه تستمد([2]).

" إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة مبدأ"([3]).

[2] الاهتمام بتربية الفرد وإصلاح حاله فهو ركيزة الإصلاح وأن يتسع هذا ليشمل تكوين الجيل المسلم الذى يكون أساس الدولة الإسلامية .

[3] أهيمة إيقاظ الأمة وتربية المجتمع وصبغه بالصبغة الإسلامية فى أخلاقياته وسلوكه وعرفه العام.

[4] وأن يعرف هذا الشعب حقوقه وكيف يطالب بها وكيف يحافظ عليها، فلا يخدعه أى حاكم وهذه هى الضمانة الأساسية لعدم انحراف الحاكم حتى ولو كان الذى يحكم هو الإخوان المسلمون.

[5] عالمية الدعوة، " والإخوان المسلمون لا يختصون بهذه الدعوة قطراً دون قطر من الأقطار الإسلامية، ولكنهم يرسلونها صيحة يرجون أن تصل إلى آذان القادة والزعماء فى كل قطر يدين أبناؤه بدين الإسلام"([4]).

[6] شمولية التصور للإسلام، وشمولية العمل والإحاطة به فى جميع المجالات .

[7] استخدام الوسائل السلمية فى الدعوة والنضال الدستورى والكفاح السياسى، والبعد عن العنف وإراقة الدماء.

[8] التعاون مع قوة الأمة جميعاً الساعية للإصلاح، وفق المبدأ " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيها" .

وليس من مبادئ الإخوان احتكار العمل والمناشط فى مجال الإصلاح بل يرحبون بكل جهد ويحفظون لكل ذى فضل فضله.

[9] أنها تهدف إلى الأمرين معاً:

أ - الإصلاح الجزئى والمشاركة فى أعمال الخير والبر العامة.

ب- الإصلاح الكلى الشامل ليتحقق به الأهداف الإسلامية الكبرى وأن هذا يحتاج أن تتعاون عليه الأمة جميعاً وأن تنهض به.

[10] عدم التمحور حول رأى فقهى فرعى أو مذهب معين، بل هى تسع الجميع: " إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب إلى طائفة خاصة ولا تنحاز إلى رأى عُرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهى تتوجه إلى صميم الدين ولبه "([5]) .

هذه بعض المبادئ والسمات لدعوة الإخوان ومن أراد المزيد نحيلهم إلى رسائل الإمام الشهيد والكتابات التى شرحت الكثير منها.

إن ميدان العمل المطلوب واسع جداً والفجوة المطلوب اجتيازها فى إصلاح حال الأمة كبيرة واتساع مساحة الأمة الإسلامية شاسعة ممتدة، وبالتالى لا يستطيع فريق أن يحتكر التواجد والعمل ويلغى الآخرين لكن يسعى الجميع للتنسيق والتعاون وفق قواسم مشتركة ويحتفظ كل فصيل بشخصيته ورؤيته الخاصة مادام ليس فيها هجوم على أصل الدين أو مصلحة الوطن الأساسية.

أما اللجوء للتنازع وهجوم كل فصيل على الآخر، فهذا لا يؤدى للإصلاح، وعلى الجميع أن يركز على العمل الإيجابى فميدان الجهاد فيه متسع للجميع كما قال الإمام الشهيد بل وألزم الإخوان ألا تلتفت لهذه العرقلة أو ذلك الهجوم عليها من غيرها، واعتبر أن ذلك كفاحاً سلبياً لا تتورط فيه الجماعة ولا ترد على أصحابه بالمثل.

إن التصور المتكامل للعمل للإسلام للإصلاح وتحقيق رسالة الأمة بلا شك هو التصور الأكثر صواباً والمحقق لآمال الأمة، حيث يكون الفهم الشامل الصحيح للإسلام هو منطلقه، وتكون الأهداف العامة التى يسعى إليها شاملة لكل الجوانب ، وأن تكون ضوابطه ووسائله وميدان عمله معبرة عن هذا الشمول مكافئة للواقع والتحدى الذى يواجهه وضمن إطار الشرع وأحكامه، وأن يراعى التدرج وسنن التغيير والتمكين .. الخ كل ذلك يعطينا وصفاً ونموذجاً للعمل الجماعى الذى نتوحد على أساسه، لكن يبقى ذلك وصفاً وادعاءً حتى تأتى سنة الله فى الاختبار والابتلاء والتمحيص ومعيار الزمن فى الاستمرار والتواصل لتحكم على ذلك التجمع أو غيره بانه جدير بهذا النموذج الذى يحمل الدعوة ويتحرك بها.

لقد أكدت دورة التاريخ وما مرت به جماعة الإخوان من ابتلاءات،فأكدت مدى صدق الجماعة واستمرارها وثباتها جيلاً بعد جيل حتى أصبحت هى المشروع الرائد على ساحة الأمة الإسلامية كلها، تعمل وفق مبادئها وأهدافها لإيقاظ الأمة وإنهاضها لتقود معها هذه المهمة وتحقق الرسالة المنشودة.

وأما مستوى التطبيق لهذه المبادئ والرؤية العملية الشاملة فهو موكول للجهد البشرى ولا يدعى أحد الكمال أو العصمة أو القداسة، والمرجعية هى للإسلام وأحكامه وكل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلي الله عليه وسلم ولا يقف الإنسان أمام حالة فردية يحكم بها ويترك مسار الجماعة وواقعها العملى عبر عشرات السنين وما تحملته من محن، وما قدمته من عمل وإنجاز.

المصدر