مديرة معهد إعداد الدعاة: الداعيات في زماننا مجاهدات
محتويات
مقدمة
- كل امرأة تستطيع أن تدعو بالطريقة التي تناسب قدراتها
- الصلة الوثيقة بالله تعالى أهم مقومات الداعية الناجحة
- الخوض في الفتوى والثرثرة من أسوأ صفات الداعية
حوار: وفاء محمد
الداعية نادية شاهين- خريجة كلية الإعلام بجامعة القاهرة- وقد بدأت طريقها الدعوي بتلقي العلوم الشرعية بمراكز تحفيظ القرآن الكريم بالكويت، أثناء إقامتها مع زوجها هناك، ثم التحقت بمعهد إعداد الدعاة التابع للجمعية الشرعية بالقاهرة، وحازت المركز الأول بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، في أول دفعة للمعهد عام 1996م، ثم عُينَت مديرةً للقسم النسائي بالمعهد، وعضوًا بلجنة الواعظات بالجمعية، وواعظةً بأحد مساجدها.
وترى محدثتنا- في هذا الحوار مع موقع (إخوان أون لاين. نت)- أن من أهم الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية المسلمة ضرورة تحديد الأهداف، والتحلي بالإخلاص والتجرد لله تعالى، والتعاون، والأخوَّة الصادقة، والعمل الجماعي، والقراءة الواعية المتفتحة، وعدم الفتوى بغير علم، مع الجهاد بكل وسيلة، محذرةً من خطورة عدم اتصال الداعية بالله تعالى، سواءٌ بصلاة أم صيام أم قراءة لكتاب الله، إلى جانب اكتفاء الداعية برصيدها من المعلومات السابقة؛ فتصبح بغير زاد، يُضاف إلى ذلك انقطاعها عن أخواتها، ثم الاستهتار ببعض المعاصي فتصبح مألوفةً لديها، مع عدم محاسبة النفس.. والآن إلى نص الحوار:
- بدايةً: هل كل امرأة يمكن أن تدعو إلى الله تعالى؟
- كل امرأة تستطيع أن تدعو لكن بالطريقة التي تناسب قدراتها، وكما تعلمين فإن وسائل الدعوة متعددة، فمن تملك الدعوة عن طريق الدروس والخطابة تدعو، وإن استطاعت عن طريق المسابقات والرحلات تدعو، وهكذا.. فكل ميسر لما خلق له.
تقويم وخصوصية
- ما تقويمك لأداء الداعيات المسلمات في ظل الظروف الحالية؟
- الداعيات في ظل الظروف الحالية مقاتلات بمعنى الكلمة؛ إذ تحاول كل واحدة أن تؤدي ما عليها برغم كل الصعوبات.
- ما رأيك في إقبال النساء على طلب العلم الشرعي؟
- إقبال النساء على طلب العلم الشرعي يدل على سلامة الفطرة، كما يدل على أن الدعوة قد نجحت في إقناع النساء بأنه لا حل إلا في الدين، واتباع منهج الله، كما أنه دليل أيضًا على فشل أعداء الإسلام في جذب المرأة إلى الدائرة التي يريدونها.
- ما الدور الذي يمكن أن تؤديه المرأة في الدعوة؟! وهل هي أنجح في دعوة النساء من الرجال؟!
- للمرأة أدوار كثيرة في الدعوة.. في مقدمتها القدوة، والدعوة بالكلمة، والسلوك، والدعوة بالعمل الصالح، والدعوة بالأفكار الجديدة والابتكارات الحديثة، وكذلك الدعوة بالفهم الواعي والثقافة المتفتحة.
- ولا نستطيع أن نقول إن المرأة أقدر على دعوة النساء من الرجال بشكلٍ مطلق، ولكن نستطيع أن نقول إن كلَّ من يملك مفاتيح دعوة النساء- سواء كان رجلاً أو امرأةً- فهو قادر على القيام بالدور، لكن يجب على الجميع التسلُّح بالفهم الواعي والإدراك الكامل للواقع والعصر والزمن.
- هل هناك إطار يجب أن تلتزم به الداعية؟
- لا نستطيع أن نقول إن هناك إطارًا معينًا للموضوعات، لكن لا بد أن تكون الداعية فاهمةً ومدركةً لما تخوض فيه، وذكيةً بالقدر الكافي؛ بحيث لا تجلب على نفسها المتاعب من خلال كلمات غير محسوبة، كما أتمنى ألا تخوض الداعيات في الفتوى.. ذلك أن الفتوى يترتب عليها حلال وحرام.. قد تبني فتواها على ما تقوله المرأة أمامها في عجالة، فتفهم المسالة خطأً؛ مما قد ينتج عنه خطأٌ في فتواها، فأرى ألا تُدخل نفسها في هذه الدائرة.. أما إذا كان المقصود بكلمة (إطار) الجانب الأخلاقي أو الشرعي، فبالتأكيد عليها الالتزام بالإطار الشرعي في الملبس والسلوك، والالتزام بالأخلاق، فلا تنزلق في الكلام عن الأخريات، أو ما تعرفه من معلومات عن فلانة أو فلان وهكذا..
صفات وتحديات
- ما أهم الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية؟
- من أهم الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية سعة الأفق، والثقافة، والفهم الواعي للأشياء، والربط الواعي بين الماضي والحاضر، كما أن عليها أن تكون صبورة.. ليس من السهل استثارتها، غير ثرثارة.. فهي من أسوأ الصفات في الداعية، إلى جانب أنه يجب عليها أن تتحلى بحسن الخلق والصدق والأمانة في نقل الكلمة.
- بماذا تفسرين قلة الرموز النسائية على ساحة الدعوة بالنسبة للرجال؟
- على المستوى الحقيقي للدعوة أرى أن النساء أكثر، فهناك الكثير من النساء الداعيات، ولكن الظاهر إعلاميًّا هم الرجال، فالمشكلة إعلامية أكثر منها حقيقة واقعة.
- ما رأيك في مجالس العلم في البيوت؟
- مجالس العلم في أي مكان- سواء في البيت أو في المسجد- شيء رائع، ويكفي أنه يكف النساء عن إضاعة الوقت، وارتكاب المعاصي.. بل أعتبر أنها تقدم صورةً جميلةً وواقعيةً للمرأة المسلمة الداعية، فكثيرات لا يُقْدِمن على المسجد لصورةٍ في أذهانهن أن هؤلاء النساء لا يعرفْن الابتسام، ولا يتحدثْن إلا عن الموت، فإذا ما كان اللقاء في المنزل كان أقرب إلى طبيعة المرأة في بيتها.. لنذهب للناس ولا ننتظر قدومهم علينا.
- ما أبرز التحديات التي تواجه الداعية؟
- من التحديات التي تواجه الداعية كثرة المعلومات، والتقدم العلمي، والتكنولوجيا الحديثة، فكما أن الطباشير بالنسبة للمدرس لم يعد مطلوبًا في مقابل الأدوات الحديثة، أيضًا الداعية التقليدي صاحب الصوت الجهوري أو النمطي، أو المتحدث بلغة لا يفهمها الناس، أو المنفصل عن واقع الجماهير لم يعُد ناجحًا.
- لذا فعلى الداعية أن يواجه كل هذه التحديات، ويعمل جاهدًا على متابعة أدوات الدعوة الحديثة، واحترام عقلية الناس، وكذلك الحديث فيما يهمهم، وأن يربط القرآن والسنة بالواقع العملي، وأن يجد الحلول بدلاً من تهديد الناس بالويل والثبور.
مشكلات النساء
- كيف نربي كوادر قادرة على فهم مشكلات النساء- خاصةً الفتيات- بصورة عصرية؟
- عن طريق القراءة الواعية للواقع المحيط، سواء فيما يخص المواد الشرعية، وسواء كان في الواقع السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فمهمٌّ جدًّا أن تقرأ وتعيَ جيِّدًا ما حولنا، ومن الألم أيضًا ألا نعتمد في دراستنا للمواد الشرعية على مفاهيم تقليدية سابقة التجهيز، فهناك "فلكلور" شعبي نظن أنه شرعي، ونحاول بل نجتهد أن نقنع به الآخرين على أنه شرع، مثل قضية الحياء، خصوصًا فيما يخص المسائل الجنسية، دون أن نحدد ضابطًا للحياء، وكذلك الانتصار لبعض الآراء الفقهية، متجاهلين غيرها من الآراء.
- فاحترام الرأي الآخر ضروري أن نربي الكوادر الجديدة عليه، وعلى القراءة الواعية المتنوعة، فليس من الصحيح أن نقتصر على القراءات الدينية، ونبدو منفصلين عن الواقع بهذه الطريقة السافرة.
- ظهرت على الساحة صور جديدة للدعوة لم نكن نراها مع بداية الصحوة.. فما رأيك فيها؟!
- لا مانع طبعًا من ظهور صور جديدة للدعوة لم تكن موجودة من قبل، فكل شيء يتطور، والناس تمل النمط التقليدي، ومع ذلك لا بد من مراعاة جدِّيَّة ووقار العملية الدعوية، فلا نخلُّ بالثوابت الشرعية متعلِّلين بالوصول إلى قلوب الآخرين.. فما لا تصح بدايته لا تصح نهايته.
أخطاء وسلبيات
- ولكن ما أهم الأخطاء الشائعة بين الداعيات؟
- من أهم الأخطاء الشائعة بين بعض الداعيات بنسب متفاوتة: التحريم أو التحليل القاطع لبعض الأمور الخلافية، مثل: التليفزيون- الدش- المصايف- الأندية.. وبالطبع الأمور لا تُعالَج بهذه الطريقة أو بهذه العقول الضيقة التي تغلق على الناس أبواب الحياة، وكذلك عدم القراءة إلا في الدين، وعدم الاهتمام بقضايا الأمة أو القضايا السياسية، وكذلك الطعن المستمر في كل ما هو مغاير لفكر الأمة، وترديد كلمة "نحن" و"هم"، كأننا أصبحنا جبهتين، رغم أننا من هذه الأمة وهذا المجتمع.
- إضافةً إلى الاهتمام بخارج المنزل دعويًّا مع نسيان أهم قضاياها، وهي الأسرة، وأحيانًا الظهور بوجه مخالف لحقيقتها أمام الآخرين، لا أقصد بذلك وجهًا قبيحًا، ولكن بوجه مخالف لطبيعة شخصيتها في اصطناع الورع..، وهذا عند الانكشاف يبدو في منتهى القبح، فضلاً عن الجدية المتشنِّجة.
- حينما تظهر سلبيات في شخصية الداعية.. فما السبب؟
- أجزم بأنها تكون بسبب عدم الاتصال بالله، سواء بصلاة أم صيام أم قراءة لكتاب الله، فتصبح بغير زاد، إلى جانب اكتفاء الداعية برصيدها من المعلومات السابقة، فتصبح أيضًا بلا زاد، يضاف إلى ذلك انقطاعها عن أخواتها، ثم الاستهتار ببعض المعاصي فتصبح مألوفة لديها، مع عدم محاسبة النفس.. بالتأكيد تتحول الداعية من الصورة التي كانت عليها لا تلحظها هي لقلة المتابعة والمراقبة، ولكن يلمسها الآخرون.
مسئوليات ونصائح
- ما أهم مسئوليات المرأة الدعوية؟
- تعريف الناس بصحيح الدين، سواء فيما يخص الأخلاق أو المسائل الفقهية، ودلالة الناس على الخير، والتعريف بأساليب الحياة الطيبة، سواء داخل الأسرة أو العمل أو المجتمع، وأيضًا الإيجابية، والإتقان، والمشاركة، مع تعريفهم بسبب وجودهم في الحياة، وأن الدنيا مزرعة للآخرة، وكذلك تعريفهم بقيمة هذا الدين العظيم الذي ينتمون إليه.. والحقيقة فإن واجبات الداعية تشمل جميع نواحي الحياة.
- أخيرًا.. ما نصيحتكِ للداعيات؟!
- نصيحتي لهن هي ضرورة تحديد الأهداف- الإخلاص والتجرد لله- التعاون والأخوَّة الصادقة- العمل الجماعي- القراءة الواعية المتفتِّحة- عدم الفتوى بغير علم- الجهاد بكل وسيلة.. قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69).
المصدر
- حوار: مديرة معهد إعداد الدعاة: الداعيات في زماننا مجاهدات موقع اخوان اون لاين