محمود سلطان يكتب: ثورة يناير ستعود لتمسك بناصية البلاد
(4/28/2015)
جهات سيادية كثيرة تكره الناشط السياسي "وائل غنيم".. بذات قدر كراهيتها لـ د. محمد البرادعي.. والأخير يعتبره المناضلون السياسيون "أيقونة يناير".. والأول أحد أبرز مفجري الثورة.
خرج الاثنان من مصر، بعد المجازر الدموية التي تعرض لها المتظاهرون المؤيدون للرئيس الأسبق محمد مرسي.. وهما الآن في حالة صمت يثير حوله الكثير من الصخب، إذ يبدو أنهما لا يزالان يمثلان هاجسًا، يقض مضاجع الحكام الجدد.. بل إن البعض يرى أن ظهورهما في المستقبل، قد ينذر بتغيرات سياسية كبيرة في مصر، تشبه زلزال 25 يناير.
في أكتوبرعام 2013، رفضت "هيئة المفوضين" إسقاط الجنسية عن البرادعي.. وفي 25 أغسطس المقبل، من المتوقع أن تقول "هيئة المفوضين" رأيها في سحب الجنسية من وائل غنيم.
المدهش، هنا، أن الرأي الأمني الرسمي في مصر، يرى في "البرادعي" و"غنيم"، عميلين للأمريكيين والصهاينة!!.. وفي جلسة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، قال اللواء حسن عبد الرحمن، مدير مباحث أمن الدولة الأسبق، "إنهما عميلان للأمريكيين ولجماعة الإخوان المسلمين، لهدم الدولة المصرية"!!
والأكثر دهشة، أن هذا الجنرال "الفاشل" هو الذي ضيع "سيده" ـ مبارك ـ و"هدم الدولة" بتنفيذ مخطط حبيب العادلي، حيث خلت مصر بالكامل من الشرطة، يوم 28 يناير 2011، وأطلق البلطجية والمساجين الجنائيين، ليروعوا المصريين، ويضعون الشعب أمام خيارين: إما مبارك، وإما الفوضى!
الطريف أنه استدعي للمحاكمة كـ"شاهد" وليس متهمًا فيما لحق بالبلاد من فوضى، إثر انسحاب الشرطة، وفتح أبواب المساجين: وهل يعقل أن شخصين لا يحملان سلاحًا، مثل البرادعي وغنيم، يهزمان جهاز أمن الدولة العاتي والوحشي، والذي منحه مبارك سلطات روعت "التخين" في الدولة، وبلغت جرأته أن كان يتنصت ـ وكما ثبت ذلك بالوثائق ـ على قادة الجيش في عهد مبارك وطنطاوي؟!
هذا "الفاشل".. يذكرني بالجنرال الأكثر فشلاً "عمر سليمان".. والذي ادعى أن "حماس" اجتاحت سيناء وعبرت القناة بأكثر من عشرة آلاف مقاتل، واقتحمت السجون وحررت الإخوان المعتقلين، وقتلت المتظاهرين في ميدان التحرير!
وبدلاً من محاكمته عسكريًا بتهمة "الخيانة" أو "الإهمال الجسيم" ـ بعد اعترافه هذا ـ كافأه مبارك بتوليه منصب نائب رئيس الجمهورية!.. وبعد سقوط الديكتاتور.. يكون "سليمان" أسرع رجال مبارك اختفاء عن الوجود، في ظروف غامضة، ويدفن وتدفن "أسراره" معه.. وليطوى ملفه ـ مؤقتًا ـ إلى أجل غير مسمى.
وما يبعث على التفاؤل، أن كل هذه المطاردات والافتكاسات ـ إسقاط الجنسية ـ لم تفت في عضد ثورة يناير، فلا يزال وهجها يلمع في الضمير العام وفي ضمائر من صنعوها، ومع الأيام، ومع عمليات الفرز الجارية الآن، وجلاء صور اصطفاف الخنادق: من مع.. ومن ضد.. ومن اُستخدم لاختراق الثورة.. ومن سلمها مجددًا لسدنة النظام الستاليني المتوارث منذ ستين عامًا.. ستعود لتمسك بناصية البلاد.. فالردة.. أية ردة.. لا مستقبل لها.
المصدر
- مقال:محمود سلطان يكتب: ثورة يناير ستعود لتمسك بناصية البلاد موقع: الشرقية أون لاين