محمد طلبة رضوان يكتب : يا ولدي .. هذا عمك "عبد الفتاح"
بتاريخ : الثلاثاء 06 مايو 2014
أكتب لك يا ولدي لأنني أعرف أنك ستعيش في زمان غير زماننا، حين تكبر، ستكون الثورة قد انتصرت، ومصر في طريقها للتغيير الحقيقي، ومهما حكيت لك وقتها عن الأيام السوداء التي عاشها أبوك وأعمامك كي تستقل سيارتك من الجيزة إلى شبرا في 15 دقيقة، وتذهب إلى جامعتك.
فتجد المدرجات مجهزة والمكتبة عامرة، والأساتذة يبتسمون، وبعد التخرج تتزوج زميلتك التي أحببتها دون عناء، وتدعو كل هؤلاء لزفافك، لأن الشقة موجودة، والشغل موجود.
والحياة منتهى الأمل والتفاؤل، أقول مهما حكيت لك كم شقينا كي تصير أنت وأبناء جيلك بشر يتمتعون بالحد الإنساني من العدل والكرامة والحرية والحياة فلن تصدقني ..
أراك تتبجح وتقول: ايه يا بابا اللي أنت بتقوله ده، هو في بلاد كده في الخيال العلمي حتى، أنتوا بس اللي مزودينها عشان تحسسونا أنكم نحتوا في الصخر، خلاص يا عم الثورة عظيمة وانتوا عظماء، وأنت كنت بتطلع الأول على المدرسة على طول .. ارحم أمي ..
يا ولدي هذا عمك "عبد الفتاح" .. عبد الفتاح مين .. مش عارف الحقيقة، بس هو كويس يعني ..
شف يا سيدي ..
أهم ما يميز عمك عبد الفتاح ما يلي:
- 1- قاتل: وهذا طبيعي، هذا رجل مهنته القتل، محترف، نشأ في بيئة عسكرية لا تعرف لقتل العدو سبيلا، فقرر استثمار مواهبه الفذة في أبناء وطنه، كم قتل من أعمام لك، كانوا شبابا لا يقلون عنك أملا، وحماسا، وإقبالا على الحياة، والمستقبل .. أطباء، ومهندسون، وصيادلة، ومحامون، فتيان، وفتيات، ستجد صورًا لهم وشوارع بأسمائهم في زمانك، لكنهم الآن لحظة الكتابة ليسوا إلا مخربين، ومارقين، وهذه هي ثاني أهم صفات عمك عبد الفتاح ..
- 2- كذاب: يحترف كل أنواع الكذب، حجة في التزوير، داهية في التدليس، عبقري في تلبيس الحق بالباطل، وكتمان الحق وهو يعلمه، إذا قال إنه لن يأتي فاعلم أنه قد أتى أو على الأقل في الطريق، وإذا قال إنه لن ينزل فاعلم أنه يعد العدة للنزول، لن أتدخل معناها جهزوا الدبابات، ولن أترشح معناها جهزوا بوسترات الدعاية، حين ينحاز إلى الشرعية فاعلم أنه مع قطاع الطرق، وحين يخبرك بمجيء التتار، فاعلم أن أبويك جاءا لزيارتك ومعهما 3 كيلو موز و4 مانجة .. وجهز الخلاط ..
- 3- مسهوك: هذه لا تحتاج إلى شرح، لكن ثمة موقع كلاسيكي اسمه يوتيوب .. اعمل سيرش على "سهوكة" وسيظهر عمك عبد الفتاح ثاني نتيجة بعد "شريف مدكور"
- 4- نخاس: قادر على شراء الذمم، والضمائر، يعرف لكل سعره، أو ذلته، يعرف كيف يشتري الغالي "ببلاش"، لا أحدثك عن الذين يعرضون أنفسهم في سوق العبيد لقاء لقمتهم، هؤلاء أي أحد قادر على شرائهم، إنما أحدثك عمن يخبرك تاريخهم أنهم شرفاء، ووطنيون، ومعارضون، ومنحازون للمستضعفين في الأرض، وليسوا للبيع بأي شكل، مهما كانت الإغراءات، عمك عبد الفتاح في شراء هؤلاء، خبير، وله في ذلك حيل وأحابيل، مدرسة ..
- 5 - مستبد: وهذه صفة ستجدها على امتداد التاريخ في كثيرين لكن القليل منهم- وعمك عبد الفتاح من هؤلاء القليل – يستطيعون أن يصلوا إلى أقصى درجات القمع وهم يتغنون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ويصكون معان جديدة لمفاهيم مستقرة مثل الديموقراطية، وحرية الرأي، والوطنية، والدولة الحديثة .... وهلم جرا==
- 6 - مفسد: قبل أن يقفز عمك عبد الفتاح على مقاليد الأمور، كنا في كرب، لم يكن لنا من الديموقراطية سوى إجراءاتها، صندوق، وانتخابات، ومنافسة، وضرب فوق الحزام وتحته، ومعارك حامية، ونتائج معقولة، (70 % آخرها) هزائم تحدث، ليست عيبًا، وأمل في غد، كانت الديموقراطية هي ديكتاتورية الأغلبية، لكن الأقلية كان لها درع وصوت، بعد أن جاء عمك عبد الفتاح، قرر أن الديموقراطية هو رأي النظام، والخيانة هي أي رأي آخر، وهذا أسهل، بدون وجع قلب، ومن هنا بدأ الفساد، لينتهي ..
- 7 - مفسد "تاني": قبل أن يأتي عمك عبد الفتاح، كان الناس يختلفون إلى درجة السب والقذف والتخوين، لكنهم كانوا يتعلمون، بعد أن جاء عمك صار القتل والسحل وحرق المحلات أخبارًا يومية، الأب يبلغ الشرطة عن ابنه لأنه مناضل، صاحب العمل يقطع أرزاق موظفيه لأنهم على غير مذهبه، الزوج يطلق زوجته بفتوى شرعية لأنها لا تحب عمك عبد الفتاح، أعراض الناس تنتهك على شاشات التليفزيون ، حياة الناس الشخصية تذاع على الهواء، العادي في تصرفات الناس يجري تفسيره بوصفه خيانة، الخيانة انقلبت إلى وطنية، والدماء وجهة نظر، والأوسخ: صار التشفي في كل هذا "عادي جدا" .. بيحصل
- 8 - مفسد ثالث: المؤسسات الدينية قبل عمك عبد الفتاح كانت متخلفة عقليا وزمنيا ودينيا ودنيويا، لكنها تجد من يخبرها بذلك ويطالبها بالإصلاح، كانت في طور المخاض، بعد أن جاء عمك صار الأزهر المريض، هو الأزهر العريق العظيم المرجعية القدوة، وكله فل وكله تمام .. وعلى المتضرر اللجوء إلى الله .. قل مثل هذا على الكنيسة ..
- 9 - مفسد "رابع": قبل أن يأتي عمك عبد الفتاح كان أملنا أن نقنع عمك "مرسي" بالاشتباك مع فلول الدولة القديمة للتخلص منهم، وبناء دولة ديموقراطية حديثة، لكن الأخير كان يصر على التماهي مع هذه الدولة والتصرف كفلاح "أراري" يلبد، ويتمسكن لحد التمكين، بعد أن جاء عمك عبد الفتاح عادت دولة الفلول بكل أجهزتها القمعية على جناح الثورة .. وصار منتهى آمالنا أن نبقى على قيد الحياة دون أن نُعَيّر بين الناس بأننا ثائرون!!
أخيرا: وهذه هي أهم صفاته التي عجلت بالفرج، أنه "واهم" ..
المصدر
- مقال:محمد طلبة رضوان يكتب : يا ولدي .. هذا عمك "عبد الفتاح" موقع: إخوان الدقهلية