مجروح ويفكر فى الاستقالة!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مجروح ويفكر فى الاستقالة!

21 يونيو 2009

بقلم: عماد الدين حسين

جوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا، يفكر فى تقديم استقالته واعتزال العمل السياسى، والتوجه إلى ميدان التدريس «الأفضل له ولأسرته»، ولأنه يشعر بأن الانتقادات التى وجهت إليه مؤخرا قد جرحته.

الانتقادات متعلقة بفضيحة النفقات البرلمانية التى أطاحت بالعديد من مسئولى الحكومة، ووجهة نظر براون التى نقلتها صحيفة الجارديان هى أنه يشعر بالاستياء «لأن الآخرين لا يكترثون لنزاهته.. أو كيف يمكن لهذا الهجوم المتواصل أن يؤثر عليه»، لكنه أى بلير «قادر على ترك كل ذلك غدا» أو بعبارة أخرى بيع المنصب من أجل كرامته.

لو سألت أى مواطن مصرى عن شعور براون بأنه مجروح، لأن معارضيه قد هاجموه، فقد يموت كمدا أو يموت ضحكا، أما لو سألت أى مسئول مصرى عن رأىه لسارع على الفور لاتهام براون بأنه إما ساذج وإما ساذج!.

هل هناك مسئول سياسى يشعر بالحرج، وإذا شعر هل يفكر فى الاستقالة، وإذا استقال هل يتوجه إلى مهنة التدريس...؟!!.

ثلاثة أسئلة تبدو لمواطنين كثيرين فى العالم الثالث غريبة أو «عبيطة»، لأنها تدخل فى دائرة المستحيلات حتى فى بعض البلدان الأوروبية أو المحسوبة على الدول المتقدمة.

فى اليابان، اعتاد بعض المسئولين قتل أنفسهم على طريقة الكاميكازى لأنهم لا يستطيعون مواجهة الناس والمجتمع بعد فشلهم فى أداء ما هو متوقع منهم، أو انكشافهم فى قضايا فساد، والأمر نفسه تكرر مع كوريا الجنوبية منذ أيام، حينما انتحر رئيسها السابق، لكن مع اختلاف الوسيلة وهى تسلق جبل ثم إلقاء نفسه من أعلى، بعد التحقيق معه فى قضايا استغلال نفوذ عندما كان رئيسا.

لو طبقنا هذه القاعدة فى دول العالم الثالث لاختفت طبقة السياسيين تقريبا، لأن الأصل هو الفساد، والنزاهة هى الاستثناء.

فى مصر لدينا إعلام يوجه أطنانا من تهم الفساد كل لحظة لغالبية المسئولين كبارا وصغارا، لكن معظم المسئولين يطبقون نظرية «الصبر والطناش وحمار جحا»، ومفادها ترك الإعلام ليتحدث كما يشاء حتى لو كان الفساد مقرونا بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علنا بفسادهم.

وحتى إذا استبعدنا انتحار المسئولين، فإن شعورهم بالحرج أو الجرح يبدو مستحيلا، ثم إن القاعدة فى مصر هى أن المسئول يقال فقط ولا يستقيل.. قد يدخل السجن نعم.. لكن بعد خروجه من المنصب وشرط أن يكون قد ارتكب «الخطيئة الكبرى».

ثم إن يشعر براون بالحرج فهذا وارد.. أما أن يترك منصب رئيس وزراء بريطانيا العظمى لكى يعمل بالتدريس فتلك هى المعضلة.. لأن القاعدة فى مصر أننا وصلنا بمهنة التدريس السامية إلى أسفل سافلين... أغرقنا المدرسين فى لغز الكادر، والإداريين فى حافز الإثابة، وانتهى الأمر بمدارس تحقق صفرا فى المائة.. كم نحن متخلفون؟!.

المصدر