ما أسباب تأجيل الانتخابات المحلية.. !
2010-06-13
بقلم : ريما كتانة نزال
في خرق فاضح لقانون الانتخابات المحلية رقم (10) لعام 2005، قرر مجلس وزراء السلطة الفلسطينية تأجيل موعد الانتخابات، ولم يحدد المجلس مدة التأجيل، مما يعطي الانطباع بأن التأجيل الى أجل غير مسمى.
تنص المادة الخامسة من قانون الانتخابات المعمول به، على أنه يحق " للجنة الانتخابات المركزية ان تطلب تأجيل موعد الانتخابات في مجلس او أكثر من المجالس المحلية لمدة لا تزيد على على اربعة اسابيع اذا اقتضت الضرورات الفنية وسلامة الانتخابات ويصدر قرار التأجيل عن مجلس الوزراء". قرار التأجيل مخالفة صريحة للمادة المشار اليها أعلاه بأغليبة حيثياتها، باستثناء انه صدر عن الهيئة المسموح لها بالتأجيل، حيث أعطى القانون مجلس الوزراء صلاحية أخذ قرار التأجيل بناء على طلب من لجنة الانتخابات. الا اننا أيضا لم نلمس من خلال بيان لجنة الانتخابات المركزية بأنها قد طلبت التأجيل.. والحقيقة فانه ليس من سبب لديها يدفعها للمطالبة به، فقد اتخذت اللجنة جميع الاجراءات اللازمة لضمان مهنية وسلامة العملية الانتخابية.
لم يستند قرار مجلس الوزراء الى اية مبررات موضوعية تنسجم مع نصوص القانون، وهو بذلك يحمل في طياته تعسفا في استخدام السلطة، ويمثل كشكل من أشكال الاعتداء على حرية المواطن والحريات العامة. واذا كان الحرص على وحدة المجتمع والمؤسسات سببا في القرار، فان السؤال المباشر وغير المباشر الذي يثار يتصل بالاسباب التي حالت دون أخذ هكذا معطيات بنظر الاعتبار عندما قرر المجلس ذاته اجراء هذه الانتخابات. واذا كان الأمر يعود الى فيتو معلن او غير معلن من قبل اي تنظيم، فهل يجوز ذلك بشأن قضايا مفصلية كالانتخابات المحلية..! وهل قرار التأجيل يسارع حقا في تحقيق الوحدة الوطنية ووحدة مؤسساتنا..
ان الانتخابات المحلية أمر يختلف عن الانتخابات السياسية والعامة، حيث ان الحريصين من أبناء شعبنا لم يكونوا مع اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ظل حالة الانقسام، خشية من أن تكون سببا في تعميقه وتكريسه. لكن الانتخابات المحلية هي استحقاق دستوري أولا، وهي تتصل بهيئات خدماتية وان كانت لا تخلو من بصمات سياسية ثانيا، كما انه سبق وأجريت قبل بضعة سنوات من خلال عدة محطات، وكانت احداها مخصصة لمجالس غزة، ولم يكن في تلك الآونة حالة انقسام.
لهذا فان السبب الحقيقي كما يبدو من راء التأجيل ليس معزولاعن الخلافات او التباينات الداخلية لدى حركة فتح بشأن تشكيل بعض قوائمها، وبدون ان نقفز عن مجمل التفاعلات الاجتماعية والعائلية والعديد من الافرازات السلبية التي ارتبطت بذلك، ومنها ظهور العائلية كقوة متحكمة ومقررة في تشكيل القوائم، والتي يتوسع نفوذها في الفراغ الذي تتركه الاحزاب والقوى، وهذه بدورها تبدو وكأنها تتعايش مع هذه الحقيقة وتستسلم أمامها دون محاولة خلق اطار آخر يوازن المعادلة..
رغم ذلك كله، فان هذه الحقيقة لا تبرر قرار التأجيل، خاصة وان المعلومات المتداولة كانت تشير الى صيغ توافقية ذات طبيعة سياسية واجتماعية عامة لدى ما يزيد عن نصف عدد المجالس البلدية والقروية المعنية بالانتخابات، ومعروف بأن التزكية هي واحدة من تجليات العمليات الانتخابية. وفيما لو استكملت العمليات الديمقراطية وفق الجدول الزمني المحدد بالقانون، فليس هناك من ضير أو أذى لمتابعة هذه الانتخابات وبتنافس ديمقراطي كان ينبغي ان يكون موضع اعتزاز وتقدير بغض النظر عن أسماء وقوائم الناجحين، فهم جميعا يتنافسون في اطار البيت الوطني الواحد، وتحت سقف ومظلة القانون والمشروع الوطني. كما ان ذلك يستجيب لاستحقاق دستوري ولسائر القرارات المتخذة من المجلس المركزي الفلسطيني وفي اطار السلطة الوطنية.
وأخيرا، ان المدخل الوحيد لتصحيح هذا القرار الخاطئ يتمثل بالعودة الى القانون، وبإعادة تحديد موعد جديد للانتخابات بعد أربعة أسابيع، لأن التأجيل المفتوح على المجهول يفتح الباب أمام شيطان العودة إلى سياسة التعيين المرفوضة من الجميع. لقد اكتشف البعض ثغرات القانون، لكن من الطبيعي ان تجري الانتخابات بدون أية تعديلات على نصوصه، وحتى مع اتضاح ثغراته التي لمست في هذه التجربة في تشكيل القوائم، مما يستدعي المزيد من التدقيق عليه للتعديل في ضوء التجربة والاستخلاصات العملية.