مآتم الأمة.. هل لها نهاية؟!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مآتم الأمة.. هل لها نهاية؟!
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د/ توفيق الواعي

بينما الأمة تعيش مآتم القائد البطل الشيخ أحمد ياسين، وبينما الحسرة لا تزال تملأ القلوب، وتدمي النفوس، وبينما الدمع المحتجَز في المآقي على حاله.. إذا بنا- على غير ميعاد- نفجع في خليفته القائد الشهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته بحقٍّ ثلاث جهات:

أولاها: العملاء والخونة، الذين باعوا أنفسهم لشياطين الصهيونية، والمستعمر دائمًا لا يستطيع أن يعيش دون أولئك العملاء الذي يدلونه على العورات، ويقودونه إلى سحق القادة الشرفاء، وإلا فقل لي- بحق الله عليك- من الذي يدل الصهاينة على من خرج يصلي، أو نزل إلى الشارع لقضاء حاجة، أو... أو...؟!

لعل أول هؤلاء العملاء هم الذين سُمُّوا بالسلطة الفلسطينية، أو قل بالنكبة الفلسطينية، الذين أتى بهم اليهود وأذنابهم، والذين تربَّى في أحضانهم من جنَّدتهم الصهيونية ومنحتهم الحصانة والحماية والرعاية والأموال والأماني، ويعملون جاهدين على تصفية القضية الفلسطينية، والجهاد الفلسطيني وبيع المقدسات ولو على أشلاء الأمة ودمائها ومقدراتها.

وهؤلاء الذين عناهم الشهيد البطل عبد العزيز الرنتيسي عند استشهاد الشيخ ياسين بقوله: "لم يعد سرًّا أن هناك مخططاتٍ "تصفوية" للقضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، وهناك للأسف الشديد من يسيل لعابه كي يعطي دورًا في تصفية القضية ليحقق حضورًا لنفسه في بيئة ترفضه، وهذا الصنف من أبناء الأمة موجود على طول وعرض الخريطة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وإن أحداثًا من هذا الحجم الثقيل كفيلة بأن تُزيد من عزلة وإقصاء هؤلاء المنافقين، وبالتالي تقليص أخطارهم، وإضعاف قدراتهم على التصدي للمجاهدين، والتآمر على الأمة، وهؤلاء المنافقون كانوا يدًا على أمتهم لصالح الصهاينة والأعداء، وجرائمهم كانت- وما تزال- من الوزن الثقيل، وذلك كفيل بوضعهم في دائرة الاتهام وإضعاف دورهم الهدام، وهذا ينعكس سلبًا بالتالي على قدرة العدو على المواجهة معه وعلى تنفيذ مخططاته، وما أظن أن دماء الشيخ ياسين الطاهرة إلا قد وحدت الصف الفلسطيني على اختلاف شيعه السياسية على خيار المقاومة الوحيد".. هذا ما كتبه الرنتيسي قبل استشهاده!!

ثانيتها: تلك السلطات التي ضاعت وتاهت وأهلكت حتى استنسر البغاث في أرضنا، وتعملقت الجرذان في ساحتنا، فالسلطات التي قطعت الألسن، وقتلت الطاقات، وبددت المقدرات، وتبخترت في أزياء الطواويس، واستنامت حتى أصبحت إسرائيل (الكيان الصهيوني ) دولةً عظمى، وجيَّشت العالم حولها، وسخرت أعظم الدول لخدمة سياستها، وأصبح البعض لا يملك إلا العِمالة والخضوع، وتركنا مصير الأمة في مهب الريح.. تُذبح وتُستباح، ولا نصير ولا مجير، وتركنا المدافعين والمجاهدين في سبيل دفع الضر وحماية العرض يُحرقون بالطائرات، ويدمَّرون بالصواريخ وهم عزَّل ولا مُغيث، وقد خاطبهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في مقال بعنوان (صرخة)، فقال:

"ماذا ينتظر قادة العرب؟! سؤال يتردد في كل مكان وفي كل وقت، تقرؤه في العيون الحائرة، والقلوب الملهوفة، وفي العبرات والآهات، وفي الدماء المراقة، والأشلاء المتطايرة؛ بل فيما يعتمل من غل في الصدور، وفيما نراه منقوشًا على صفحات القبور، ولكنه يبقى سؤالاً بلا جواب.

فإذا لم تحركهم لنادتنا دماءُ أطفالنا، وأشلاءُ رجالنا ونسائنا، ودموع وآهات الثكالى واليتامى والمعذَّبين من أبنائنا وشعبنا المجاهد؛ فمتى يتحركون؟ وإذا لم تحركهم نخوة المعتصم لأنين المسجد الأقصى مسرى الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو يشكو ذلك الاحتلال، وتدنيس اليهود لباحاته ومآذنه وقبابه، وحرقِهم لمحرابه، واستغاثته لزلزلتهم لقواعده وأركانه، واستعدادهم لهدمه لبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.. إن لم يثوروا لكل ذلك.. فمتى يثورون؟!

إذا لم تُخرجهم عن صمتهم طائرات الأباتشي، والـ(إف 16) الأمريكية، التي تروع ليلنا، وتهدم بيوتنا، وتشرد أسرنا، وتلاحق القيادات السياسية والعسكرية.. فمتى يتحركون؟!

يا قادة العرب، لن أناشدكم ما لا طاقة لكم به، فأنا أذكى من أن أفعل ذلك.. باستطاعتكم إيقاف العدو بشيء من الرجولة وبعض المواقف التي يمكن أن تهدد أسواقه، فثروتنا المنهوبة، وأرصدتنا في البنوك الأمريكية، وأسواقنا المفتوحة أمام بضائعه.. كل ذلك يتحوَّل إلى آلة حرب لتدميرنا.

يا قادة العرب، شعوبكم تتحرق شوقًا لنجدتنا ونصرتنا، وتتلمَّظ على جمر النار لحرمانها من نصرة المسرى الكريم، وتتوق للجهاد في سبيل الله دفاعًا عن كرامة الأمة التي مرَّغها الصهاينة في التراب؛ فلماذا تسلِّطون عليهم الكلاب الصهيونية والأمريكية؟! ولماذا تجلدون ظهورهم بالهراوة البريطانية؟! فإن كنتم قد تخلَّيتم عن نصرتنا.. فإنكم يسعكم أن تغضوا الطرف عمن يريد نصرتنا".

هكذا كان الرنتيسي يخاطب السلطات التي أعطتها الشعوب القيادة لتحفظ كرامة الأمة، وتدافع عن بيضتها، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.

والجهة الثالثة: هم اليهود ومَنْ وراءهم من أعداء الإسلام ، تلك الوحوش البشرية التي نبَّهنا القرآن الكريم إلى عداوتهم وشدةِ كراهيتهم للمسلمين؛ ولكننا تخاذلْنا وفرَّطنا حتى تمكنوا منا، وهم المفسدون في الأرض، القاتلون للأنبياء والمرسلين؛ ولهذا جعل الله إذلالهم وردعَهم إحدى سننه التي لا تتبدل: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (الأعراف: 167)، وأعمال اليهود اليوم لا تترك لهم حبيبًا أو نصيرًا، وكذلك من والاهم، وسار في ركابهم.

واليوم- وفي خضمِّ هذه الحوادث الجسام- لابد أن تُستدعَى الشعوب الإسلامية والأمة العربية لتقوم بالدور المطلوب؛ لتنتصر على ضعفها ووهنها، وتردع المخرِّبين والعملاء، وتُرِي الصهيونيةَ- ومَن وراءها- أن دماء الشهداء قد أنبتت العزائم والأبطال الذين إذا استُشهد قائد منهم قام قائد، قؤول إذا قال الرجال فعول.

وبعد: فسلام عليك يا رنتيسي- أنت وشيخك- في الأولين والآخرين إلى يوم الدين، وإن شعوب الأمة على دربكم لسائرون حتى النصر- إن شاء الله- وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى