لماذا قرر الانقلاب تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود قبل 11/11؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
لماذا قرر الانقلاب تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود قبل 11/11؟


لماذا قرر الانقلاب تعويم الجنيه.jpg

(06/11/2016)

كتب: محمد فتحي

مقدمة

رغم توقعات معظم الخبراء والمحللين التي كانت تؤكد أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي سيلجأ إلى تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود واتخاذ قرارات قاسية تزيد من معاناة الجماهير ولكن بعد مرور عاصفة "ثورة الغلابة" التي دعت لها جهات ثورية يوم الجمعة القادم 11/11، فإن السيسي فاجأ الجميع وأصدر هذه القرارات قبل أسبوع واحد من اليوم الموعود.

ويرى الباحث الأمريكي إريك تراجر أن قرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه استعراض ثقة من الحكومة قبل احتجاجات 11 نوفمبر. وكتب تراجر، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عبر حسابه على تويتر: "أخيرًا اتخذت مصر قرارًا بتعويم الجنيه، إنه استعراض ثقة من الحكومة في مواجهة السخط المتزايد قبل احتجاجات 11 نوفمبر".

وبحسب مراقبين فإن سلطات الانقلاب استغلت دعوات التظاهر في 11 نوفمبر الحالي تحت شعار "ثورة الغلابة"، والترويج لها والتخويف منها بشكل كبير، وضخمت وبالغت في تضخيمها لتمرير بعض القرارات الاقتصادية الصعبة، مثل تحرير سعر صرف الجنيه، وزيادة أسعار الوقود، وحاول النظام، من خلال أجهزته الأمنية، التهويل بسبب تظاهرات 11 نوفمبر، واستغلالها أفضل استغلال لخدمة أهدافه.

وحاولت حكومة الانقلاب، برئاسة شريف إسماعيل، امتصاص الغضب الشعبي، من خلال مؤتمر صحفي حضره عدد من الوزراء، وأغلبهم من المجموعة الاقتصادية، للحديث حول إجراءات الحكومة لحماية محدودي الدخل جراء القرارات الاقتصادية الصعبة، بحسب تعبيرهم.

ويرى مراقبون أنه سيترتب على القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة زيادة في أسعار أغلب السلع، مع انخفاض قيمة الجنيه، فضلاً عن ارتفاع سعر الوقود، ما سيراكم الغضب الشعبي، وهو ما يوشك أن ينفجر في وجه النظام الحالي.

سياسة الصدمة الواحدة

وكشفت تقارير إعلامية نقلاً عن مصادر برلمانية مقربة من صناعة القرار بحكومة الانقلاب أنه وفقًا لاستطلاعات خاصة بأجهزة سيادية في الدولة، فإنه على الرغم من تصاعد حالة الغضب بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب تردي الأوضاع المعيشية، إلا أن قطاعًا كبيرًا من الشعب لم يتخذ قرارًا بالمشاركة في التظاهرات المرتقبة.

وتابعت أن الاتجاه الغالب كان استغلال حالة الغضب ومعرفة عدم نزول قطاعات كبيرة من الشعب والاستجابة لدعوات التظاهر، في اتخاذ عدد من القرارات الاقتصادية الصعبة، معبّرة عن ذلك بقولها: "علشان يكون الموضوع مرة واحدة" أي تكون صدمة واحدة بدلاً من عدة صدمات. ولفتت إلى أنه لم يتم اتخاذ كل هذه القرارات بشكل اعتباطي مطلقًا؛ حيث شاركت في وضع خطة التعامل مع ملف تعويم الجنيه، كل أجهزة الدولة المعنية، خصوصًا السيادية، التي كان لها دور بارز في هذا الصدد.

وبحسبت محللين ومتخصصين فإن الفشل في تأمين حصة مصر من الوقود لا سيما بعد امتناع السعودية للشهر الثاني على التوالي عن إمداد حكومة السيسي بالوقود وهناك قرارات أخرى صادمة في الفترة القريبة القادمة رغم أنها تضر بشكل كبير للغاية بالطبقات الكادحة التي يمكن أن تقضي عليها تماماً، فضلاً عن تأثر الطبقة المتوسطة، كما أنها تهدد وجودها في الأساس.

نظرية "بص العصفورة"

الكاتب الصحفي، هاني شكر الله، يؤكد على هذا المعنى؛ حيث أعرب عن حيرته من الرؤية السياسية/ الأمنية أو لعلها الأمنية/ السياسية، وراء حزمة الإجراءات الأخيرة، بما تنطوي عليه من تخلٍّ يكاد يكون كاملاً عن التدرجية وتمهيد التربة وأسلوب بص العصفورة"، في إشارة إلى نظرية تقوم على أسلوب الإلهاء أو التشويش وصرف الانتباه بالتركيز على موضوع مختلف عن الموضوع الذي يراد التعتيم عليه بهدف تضليل الرأي العام.

وأضاف شكر الله، في رؤيته التي طرحها على صفحته على موقع "فيسبوك" للتعامل الحكومي مع القرارات الأخيرة: "الظهر للحائط ولا بد مما ليس منه بد، والوضع النهار ده أفضل مما سيكون عليه بكرة في الشارع وفي الكتلة الحرجة، وعليه خلّص في أسرع وقت، فتوجه الصدمة بكامل قوتها مرة واحدة وتأمل في ما توفره المدفعية الإعلامية والأمنية من تغطية لتمريرها وتغامر بقدرتك على التعامل مع رد الفعل".

وتابع:

"أما الخطة فهي وجّه الصدمة مبكرًا لتستعجل رد الفعل واحتمالات الانفجار، بمنطق أن انفجار اليوم أسهل ضربه من انفجار الغد، ومذبحة اليوم تستبق وتقطع الطريق على صدام غير مأمون العواقب في الغد، أي أنها تتعلق بيقين عند أولي الأمر بأن الانفجار آتٍ في كل الأحوال، وفي استعجاله درء لاحتمالاته المستقبلية"؟ واستطرد "أم هو غرور الإلهام ووهْم الشعبية الطاغية وآثار تطبيل المطبلين وتزمير المزمرين وعجرفة العقلية الأمنية، في ظل غياب شبه تام لكادر سياسي محنك في الجماعة الحاكمة"؟

المخابرات العامة تدير المشهد

وبحسب صحيفة "العربي الجديد"، فإن جهاز الاستخبارات العامة لعب دورًا كبيرًا في عملية تعويم الجنيه، من خلال تشكيل غرفة عمليات لا تزال تعمل حاليًا، برئاسة رئيس الجهاز، اللواء خالد فوزي.

وبحسب المصادر فإن فوزي يتواجد في مقر الجهاز منذ الصباح الباكر وحتى وقت متأخر في المساء، لمتابعة عملية تعويم الجنيه وإدارة العملية وضبط الأوضاع، فضلاً عن متابعة الاستعدادات لمواجهة تظاهرة 11 نوفمبر، رغم رصد عدم وجود استجابة كبيرة في النزول إلى الشارع، رغم التعاطف الشعبي الكبير معها، بفعل الأوضاع المعيشية السيئة.

وكشفت عن اتصالات واجتماعات مع رجال أعمال نافذين، تحديدًا العاملين في مجال الصرافة، ورؤساء بعض البنوك، لبحث عملية كيفية إدارة ملف التعويم، فضلاً عن ضبط الأسواق لتوفير العملية الصعبة.

تحذيرات من انفجار شعبي وشيك

ورغم الثقة التي يبدو عليها نظام السيسي فإن ثمة أصواتًا تحذر باستمرار من اندلاع ثورة شعبية عارمة تطيح بالنظام على خلفية القرارات الأخيرة ومصادرة الأوضاع السياسية والاقتصادية؛ حيث يصف مدير وحدة البحوث والبيانات بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية محمد جاد بأن مصر في "لحظة شديدة السوء".

ويشرح جاد وجهة نظره بالقول: إن مصر على مشارف أزمة مالية فضلاً عن الأزمة الاقتصادية؛ بسبب وجود معدلات بطالة مرتفعة وتزايد للتضخم، وزيادة الضرائب بعد إقرار قانون القيمة المضافة، وركود اقتصادي في ظل غياب شبكة أمان اجتماعي حقيقية وفاعلة.

وكان الإعلامي عماد الدين أديب قد حذر في مداخلة هاتفية يوم 21 من أكتوبر الماضي من اندلاع ثورة عنيفة لا تبقي ولا تذر على خلفية فشل السيسي في حل الأزمات والوفاء بوعودة المتكررة بتحقيق الرفاهية للمواطنين وتحسين دخولهم المعيشية.

المصدر