لماذا الديمقراطية الآن!!؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
لماذا الديمقراطية الآن!!؟

2011-01-20

بقلم : د. عبد القادر ابراهيم حماد *

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". صدق الله العظيم. والله سبحانه وتعالى يرشد عباده إلى هذا الأدب الكامل، ويحذرهم أن يعملوا بالأخبار قبل الكشف عنها، وقبل التثبت منها، لئلا يصيبوا أقواماً بسبب الجهالة ، وبسبب الأخبار الكاذبة التي لا تفيد علماً عند العقلاء فيصبحوا بعد ذلك آسفين، نادمين ، فيجب التوثق من الخبر بكل الوسائل الممكنة، كما يجدر بالمؤمن أن يحذق طرق الكشف عن ما يسمعه من أخبار، ويروض نفسه عليها ويتأنى . ففي التأني السلامة ، وفي العجلة الأسف والندامة .

قال الإمام الحسن رضي الله عنه في هذه الآية : "فوالله لئن كانت الآية نزلت في هؤلاء القوم خاصة، إنها لمرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء ".

وروي عن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال : إذا جاءني الخصم وفي يده عينه مفرغة – مخلوعة – لا أحكم له وأقول إنه مظلوم ، حتى أسمع لخصمه وأتثبت منه . فلعل هذا قد أفرغ وخلع عيني ذاك ؟

وعود على بدء، طالعنا الكاتب المخضرم عصام شاور بمقال له بعنوان: " احذروا أهل الظلمات وخاصة اليسار" والذي نشر على بعض المواقع الالكترونية والصحف– حسب علمي-، حيث نصب من خلاله نفسه واعظاً ومرشداً ومفتياً، مخالفاً بذلك الشروط التي يجب أن تتوافر في المفتي على الأقل، إلا أن ذلك ليس بغريب على هذه المرحلة من تاريخ أمتنا وشعبنا التي كثر فيها المفتين... علم من علم، وجهل من جهل.

قد يتفهم البعض دوافع بعض المأجورين أو المارقين والعملاء من نشر وفبركة أخبار من جهات مشبوهة محسوبة على هذه الجهة أو تلك داخليا أو خارجياً لتحقيق مكاسب سريعة، وتسجيل انتصارات وهمية، أو التشويش على مسيرة الشعب الفلسطيني الذي يتربص به الأعداء من كل جانب، أما الذي يهد الحيل، ولا يمكن أن يقبله العقل فهو أن تقوم صحف رصينة ومواقع الكترونية يشهد لها الداني والقاصي بالموضوعية بنشر مقالات مبتورة لبعض الكتاب، حتى ولو كانوا بحجم كاتبنا المبجل عصام شاور، أو من يحاول من بعض " المسترزقين" أو "المتطفلين" على مهنة الصحافة نشر بعض المقالات الإنشائية التي يبجل فيها هذا الحزب أو تلك الجماعة، التي لا يقرأها أحد، وان قرأها ماعت نفسه، وهدرت معدته إلى حد " التقيؤ" لأن كثير من هذه المقالات هي مجرد صف كلام، ونفاق لا قيمة له، لكننا مع الأسف نروج لكتابات بعضنا البعض. ولذلك من النادر أن تجد بين أبناء الشعب الفلسطيني أو حتى أمتنا شخصاً واحداً لا يعاني من القرحة أو أمراض المعدة الأخرى من ريح وغازات وتلبك.

لا أفهم أبداً ولا يمكن لعاقل أبداً أن يفهم لماذا جعل شاور من نفسه مؤرخا وواعظا، فهل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي صنفها من ضمن من الأحزاب اليسارية العنكبوتية المجهرية والتي هي فصيل رئيس في منظمة التحرير الفلسطينية، سجل عليها موقف واحد تجاه شعبها وأمتها، أم أن كاتبنا- سامحه الله- جعل من نفسه كاشفاً للغيب عندما يقول: " وإلا تكون الجبهة الديمقراطية قد جاهرت بعدائها للإسلام والمسلمين بعدما كانت تكتمه وتبطنه، وعلى الشعب الفلسطيني أن يحذر اليسار كله لأنه منبع للطغاة والقتلة على شاكلة المخلوع بن علي وعبد الناصر وغيرهم من طغاة العصر" رغم أنه حسب معلوماتي المتواضعة في الدين لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى. لست هنا بمعرض الدفاع عن الديمقراطية التي أكن لها كما لغيرها من الفصائل الإسلامية والوطنية كل احترام وتقدير حتى ولو كانت هذه الفصائل عنكبوتيه بحد وصف شاور، ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا الديمقراطية الآن تحديداً. فكل مواقفها على الملأ ودونما شكليات أو كلمات جوفاء، والقاصي والداني يعلم علم اليقين أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومنذ تاريخها وحتى يومنا، عملت وتعمل بتفانٍ للمّ الشمل الفلسطيني وإنهاء الانقسام، وأن القضية الوطنية للشعب الفلسطيني هي جلّ مواقفها وأوراقها وخطاباتها الرسمية؛ ومتابعاتها الدؤوبة خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الشعب الفلسطيني ... وهي دائما ومن موقعها الوطني والثوري؛ تعلن أنها ستواصل بما ينبغي للوطني والثوري الحقيقي أن يعمل في هذا الدور الوحدوي، وأن تؤدي واجبها الثوري مهما بلغت الصعوبات والمشقات على هذا الدرب.

كان من الأجدر بشاور والصحف والمواقع التي نشرت مقاله أن تتأكد من صحة ما نشر، خاصة وأن الديمقراطية كما قرأت نشرت أكثر من بيان نفت فيه علاقتها بالبيان المشبوه الذي اعتمد عليه شاور، خاصة وأن الفساق وممن أجادوا الكذب من بين أبناء جلدتنا يملئون أطباق الثرى، فعلى المرء أن يتثبت ، ويتأنى . ولا يتعجل بالحكم على أحد ، وقد أمره الله بالآية السابقة بالتثبت والتبين ، فإذا أطاع وتثبت فقد عبد الله وأمن على نفسه من الوقوع في عاقبة الحكم على الناس بالباطل والإفك والبهتان.

ولسوف تبدي لنا الأيام ما نجهل، لكن الخوف أن نظل جاهلين حتى لو أبدت لنا الأيام، فنحن الأمة الوحيدة على الأرض التي تكرر أخطاءها مثنى وثلاث ورباع ومائة، دون أن يرف لها جفن، وكان الله في عون المسلمين.

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات