للأسف.. المناخ غير مواتٍ!
بقلم: الأستاذ أوّاب إبراهيم
شهدت صالونات الحلاقة زحمة مساء الأحد الفائت، بسبب لجوء الكثير من الشبان إليها لتشذيب شعرهم وحلق لحاهم، تمهيداً للاحتفال الكبير صباح اليوم التالي.
الأزمة طالت كذلك محالّ الكوافير النسائية، التي اضطرت لفتح أبوابها حتى ساعة متأخرة من ليل الاثنين.
فالمناسبة المنتظرة تستحق ممن أعمارهم ما بين 18-21 عاماً الاحتفال. فللمرة الأولى منذ اتفاق الطائف تعترف الدولة اللبنانية بأهلية هذه الفئة العمرية لاختيار ممثليها في المجلس النيابي والمجالس البلدية.
تهاتفوا صباحاً، واتفقوا على اللقاء في ساحة النجمة وسط بيروت. نسّقوا المهام في ما بينهم.
البعض تولى شراء باقات الزهور، والبعض الآخر اشترى شوكولا وملبّس، فيما تولى آخرون الاتفاق مع فرقة للفنون الشعبية لتؤدي رقصة الدبكة وتطبّل في ساحة المجلس النيابي، فيسعد النواب الخارجون من المجلس بعد إقرارهم قانون تخفيض سن الاقتراع.
لم تطل الجلسة كثيراً، تراكض الشبان إلى مدخل مجلس النواب وسط اعتراض حرّاسه. حاولوا قراءة ملامح النواب الخارجين ونظرات أعينهم.
لكن أحداً من النواب لم يجرؤ على النظر في أعين الشبان المنتظرين. سقط القانون يا شباب، أنتم غير مؤهلين لاختيار من يمثلكم ويتحدث باسمكم.
سقط القانون وسقطت معه آمال ضخّ بعض الحيوية في شرايين الحياة السياسية المتيّبسة.
لا منطق في خريطة المصوّتين، فقانون تخفيض سن الاقتراع لم يلتزم بحلف سياسي ولا بوثيقة تفاهم. فلا «لبنان أولاً» صمد أمامها ولا ثانياً ولا ثالثاً.
العصب الطائفي هو السائد هذه المرة. الفائز في الامتحان هو الكتل النيابية التابعة لحركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية، وسقطت كتل المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والنواب المسيحيون في الامتحان، فامتنعت عن التصويت، أما الرئيس سعد الحريري فقرن امتناعه عن التصويت بعبارة «بكل أسف».
بكل أسف لماذا، وعلى ماذا؟ اعتادت الطبقة السياسية على إلصاق مواقفها الخاطئة بأنها مفروضة عليها من الخارج، أو من سلطة الوصاية السورية التي كانت قائمة.
اليوم، بماذا تلصقون أسفكم يا ممثلي الأمة اللبنانية (حسب نص الدستور)، ما هي الضغوط التي دفعتكم لإسقاط القانون الذي طالما أكدتم موافقتكم عليه خلال السنوات الماضية، ووقّعتم العرائض التي جمعتها المنظمات الشبابية.
مَن لحَسَ هذه التواقيع اليوم، وما الذي تغيّر. حتى النواب الشباب الذين تفاءل بهم البعض عند انتخابهم علّهم يتولون حمل هموم الشباب وتبنّيها، فإذا بهم يشيخون فجأة وينضمّون إلى زملائهم النواب العجّز، عجّز العقل والذهنية والمشروع.
«هو مطلب محق، لكن المناخ غير مواتٍ». ذريعة ساقها بعض النواب لتبرير إسقاط المشروع. إذاً ما هو المناخ المطلوب كي يكون إقرار المشروع مواتياً.
فلبنان يعيش منذ الانتخابات النيابية الأخيرة هدوءاً واستقراراً داخلياً غاب عنه طوال سنوات مضت، وإن كانت هناك فرصة سياسية لتمرير المشروع فهي الآن.
«إقرار تخفيض سن الاقتراع يجب أن يقترن بمنح المغتربين هذا الحق أيضاً»، ذريعة أخرى ساقها النواب المسيحيون لتبرير إسقاطهم القانون. ولكن من قال إن منح المغتربين حق التصويت سيكون لمصلحة المسيحيين.
هل هناك إحصاء لطوائف هؤلاء. فلمصلحة من سيكون منح حق التصويت لملايين المسلمين المنتشرين في البرازيل والأرجنتين وأفريقيا وكل دول العالم، ما الذريعة التي سيسوقونها حينها؟! والأهم هو، ما المانع الذي يقف دون إقرار قانون يمنح المغتربين حق التصويت؟!
أما الذريعة الأكر طرافة لإسقاط المشروع فهي أن «الشباب اللبناني بحاجة لتوعية قبل منحهم حق التصويت».
من أنتم أيها النواب كي تقرروا أن الشباب غير واعٍ. ومن الذي فحص وعيكم، هل خضعتم لامتحان قبل أن تصبحوا ممثلي الشعب اللبناني؟
فلماذا تشترطون الوعي فيمن يختاركم. ألا تدركون أن ارتفاع نسبة الوعي لدى الناخبين ستؤدي إلى عدم انتخابكم مرة أخرى، والانتباه لأخطائكم ونفاقكم وكذبكم على الناس.
أنا أدعو إلى عصيان مدني ينفذه الشباب من الفئة العمرية بين 18-21 عاماً. عليهم أن يرفضوا تحميلهم أي مسؤولية مدنيّة أو جزائية على أفعالهم، ويجب أن يعاملوا كأحداث قصّر، ومن يرتكب منهم جرماً يجب أن ينقل إلى مبنى الأحداث في سجن رومية، وهذا يأتي استناداً الى رأي ممثلي الأمة الذين أقروا في مجلس النواب عدم أهليتهم.
وأدعو المنظمات الشبابية التي تتبع لأحزاب أسقطت مشروع تخفيض سن الاقتراع إلى الثورة على أحزابها، وإسقاط قياداتها التي كانت تضحك عليهم طوال المرحلة الماضية، وكانت تستغلهم لحشد المؤيدين في الساحات والجامعات.
المصدر
- مقال:للأسف.. المناخ غير مواتٍ!موقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان