كتب السعيد الخميسى : فيلم عربى قديم " أبيض وأسود.....؟ "

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
كتب السعيد الخميسى : فيلم عربى قديم " أبيض وأسود.....؟ "

بتاريخ : السبت 22 فبراير 2014

  • لم تعد الشاشات تعرض الأفلام العربية القديمة " أبيض وأسود " إلا نادرا وفى الليالى الممطرة الباردة السوداء التى تنقطع فيها الكهرباء حيث السادة المشاهدون ملتحفون ونائمون فى سبات عميق .

أما الأفلام السياسية القديمة جدا فمازالت تعرض فى وطنى مصر فى رابعة النهار والشمس ساطعة والمشاهدون مستيقظون يرونها رأى العين بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة..! .

وكأن الشعب المصرى مختوم على قفاه , مكتوب على جبينه أن يعيش فى جلباب الماضى من باب من نسى ماضيه ضاع وتاه .

الفيلم هو هو, المخرج هو هو , السيناريست هو هو , القصة هى هى , الذى تغير فقط أن الزمان غير الزمان والمكان غير المكان والمشاهدون ليس هم المشاهدون لأنه قد ولدت أجيال جديدة تعودت أعينها على الشاشات الملونة والأفلام الملونة ولم تعد تحتمل مشاهدة أفلام قديمة رديئة طويلة بايخة تجلب التثاؤب والنوم العميق فى عصر لامكان فيه للكسالى النائمين.

  • نعم وبوضوح تام وبدون لف ولادوران , مايحدث فى مصر الآن مسرحية هزلية قديمة وفيلم أبيض وأسود قديم يريدون من خلاله الرجوع بشعب مصر إلى حقبة الخمسينات والستينات حيث لاصوت يعلو فوق صوت المعركة ولم يكن هناك معركة ولايحزنون وأسألوا " أحمد سعيد " مذيع "صوت العرب " الذى كان صوته يجلجل فى الآفاق بأننا انتصرنا على اسرائيل وأسقطنا طائراتها وحطمنا دباباتها وكسرنا عنقها وركبنا فوق ظهرها .

فهلل الشعب وكبر ثم نام هادئ البال مستريح الضمير ليستيقظ فى الصباح على أكبر نكسة فى تاريخ مصرالقديم والحديث .

حيث احتل العدو الصهيونى أجزاء كبيرة من الأراضى المصرية وارتوت أرض سيناء بدماء المصريين وارتفعت الرايات السوداء على بيوت الشهداء وأعلن الشعب المصرى حالة الحداد حزنا وكمدا على الكذب والزور والبهتان ولحق بنا العار الذى لم يمحوه إلا نصر أكتوبر فى العاشر من رمضان فى العام 1973.

  • إن جر الشعب المصرى إلى ذكريات الماضى الجريح ثم تجميله وتحسينه بإلقاء قصائد الإطراء والمديح عليه ليستسيغه ويقبله الشعب من جديد أمر مرفوض شكلا وموضوعا. لأن قطار الزمان لايمكن أن يسير للوراء ويتجه للخلف ويحن للماضى الأليم المهين .

لقد سئم الشعب , كل الشعب من العودة للماضى والعيش فى جلبابه المرقع المهلهل القديم لأن كل الشعوب تقدمت وتحضرت وغيرت جلبابها وبدلت ثيابها وتبرأت من كل ماض أليم وتطلعت للمستقبل وتسلحت بالعلم والتكنولوجيا واحترمت حقوق المواطن وتبنت الديمقراطية طريقا لبناء نهضتها وبسواعد أبنائها وتخلت عن الديكتاتورية وأسقطت صنم العبودية .

فعلها الأقارقة فى القارة السوداء وفعلتعا رومانيا فى أوروبا الشرقية وفعلتعا أندونسيا فى دول شرق أسيا . الكل رفع راية الحرية والديمقراطية وصلوا على حكم الفرد والديكتاتورية أربع تكبيرات لاركوع فيها ولاسجود .

  • فهل نأتى اليوم فى مصر وبعد ثورة عظيمة مجيدة فى 25 يناير 2011 بذل فيها الشعب كل غال ورخيص وارتوت أرض مصر بدماء الشهداء أمام آلة الطغيان لينتزع الشعب حريته وكرامته من بين أنياب الطغاة لنعيد الكرة من جديد إلى عهد الرأى الواحد والزعيم الواحد والإعلام ذى الوجه الواحد ومن يخرج عن هذا السياق فلايلومن إلا نفسه..! . هل نحن شعب لانستحق الحرية.؟

هل نحن شعب لانستحق الديمقراطية.؟ هل نحن شعب لانستحق الكرامة الإنسانية.؟ هل كتب على جباهنا أننا عبيد مناكيد..؟

هل كتب على وجوهننا أننا من سلالة العبيد.؟ هل الحرية حلال على شعوب العالم حرام على المصريين .؟ هل الديمقراطية مشروعة وجائزة لشعوب العالم ومحرمة على شعبنا فى مصر

هل هذا قدرنا الذى اخترناه وطريقنا الذى رسمناه ومنهجنا الذى حددناه..؟ وإن لم يكن هذا ولاتذاك فما القصة من الأصل..؟ وماتفاصيلها..؟

  • القصة أننا فى مصر نعانى مما لايعانيه أى شعب آخر على وجه الأرض .

نعانى من أمراض مزمنة مستعصية فى جسد هذا الوطن فيه تغلغلت وفيه تحكمت وفى سويداء قلبه باضت وأفرخت وتكاثرت كالجراثيم المستوطنة فى المستنقعات الآسنة العفنة .

نعانى من جراثيم الفساد فى مفاصل الدولة ومؤسساتها التى تنخر فيه كالسوس حتى حولت جسد الوطن الصلب المتين إلى " برادة " قديمة لاقيمة لها ولاوزن لها ولاثمن لها .

وما تصريحات المستشار هشام جنينة عنا ببعيد فقد كشف المستور وازاح الستار وكشف الأسرار وهدم كل الأسوار الشاهقة التى كان يختبأ وراءها الفاسدون والمفسدون على تراب هذا الوطن .

حقا.. تحولنا من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد بتقنية عالية حديثة متخصصة . والسمكة تفسد من رأسها , أما عندنا فى مصر فقد فسد رأسها وخياشيمها وزعانفها وجسمها وذيلها..!؟

  • يقول العلامة الشيخ الغزالى رحمه الله " إن الأمم تضيع بعد ما تبدد آخر فرصة للنجاة والأقدار التى تنزل بصعود هذا أو هبوط ذاك ليست حركات عابثة .

إنها أقدار تزن بدقة هائلة مسالك الأفراد والجماعات " .

فهل نحن اليوم فى مصر نضيع آخر فرصة للنجاة ونفشل فى تطهير مؤسسات الفساد لنضيع على الأجيال القادمة فرصة العيش فى وطن حر آمن ياتيه رزقه رغدا من كل مكان..؟

هل فشلنا اليوم فى بناء وطن ديمقراطى يكفل الحريات العامة والحقوق والواجبات..؟

هل فشلنا اليوم فى انتزاع فتيل الأزمة وإعادة بناء جسور الوطن على أساس من الثقة والصدق بين شرائح المجتمع.؟

هل أضعنا فرصة تأسيس وطن قائم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان..؟

إن كانت الاجابة بنعم فالسؤال الأهم هو: ومن يتحمل المسئولية؟ بل ومن سيدفع فاتورة هذا الفشل الذريع..؟

  • ويقول الشيخ الغزالى رحمه الله فى موضع آخر" إن الفساد السياسى مرض قديم فى تاريخنا , هناك حكام حفروا خنادق بينهم وبين جماهير الأمة لأن أهواءهم طافحة وشهواتهم جامحة , لايؤتمنون على دين الله ولادنيا الناس ومع ذلك فقد عاشوا آمادا طويلة .

وقد عاصرت حكاما تدعو عليهم الشعوب ولاتراهم إلا حجارة على صدرها توشك أن تهشمه .

" إن إعادة تشغيل مصنع الفساد السياسى والاقتصادى من جديد وتسويق بضاعته الراكدة فى سوق السياسة العفن لهو ردة عن الديمقراطية وكفر بها لصالح ثلة قليلة من الفاسدين تغلغلوا فى مفاصل الدولة واستولوا عليها بوضع اليد وسجلوها باسمهم فى الشهر العقارى وكأن مصر أصبحت " عزبة " لهم ولأبنائهم وأحفادهم فى كل مناصب الدولة الحساسة الهامة وهذا هو عين الفساد .

  • ضرب من المستحيل الذى يرفضه هذا الجيل أن نعيد عرض الفيلم العربى القديم فى حقبة الخمسينات والستينات لكن بأبطال جدد على شاشة المسرح السياسى من جديد.

لأن شباب اليوم لن يقبلوا الدنية فى دينهم , ولا فى عيشهم , ولافى حريتهم ولا فى حقهم فى حياة ديمقراطية سليمة خالية من كولسترول الضحك على الذقون يتمثل فى ديقراطية شكلية صورية وهمية ترتكز حول تأليه فرد واحد وحزب واحد وإعلام واحد وطريق واحد وتستند فى أصولها على تزوير أى إنتخابات قادمة لنعيد من جديد إلى الأذهان زمان الخمس تسعات..! ؟ .

لامكان للأفلام الهابطة الرديئة التى تخدش الحياء السياسى للشعب المصرى. فالزمان غير الزمان والجيل غير الجيل والثقافة غير الثقافة .

إن محاولة تصدير سياسة الخوف " والجدار له آذان تسمع" قد ولى وأدبر لان الشعب المصرى قد أسقط جدار الخوف باندلاع ثورة يناير وقطع آذان الخوف ولم تعد هناك جدر تتجسس ولاآذان تسمع لأن من يتجسس على الشعب اليوم يجد له شهابا رصدا من شرفاء هذا الوطن.!؟

إنهاء الدردشة

المصدر