قطب العربي يكتب: مرحلة انتقالية.. تانى!
وكأنها كانت كلمة السر، أو إشارة البدء، فما إن تحدث حمدين صباحى، زعيم التيار الشعبى، لوائل الإبراشى على قناة دريم، رافضا للعنف والتخريب، منددا بمن سيعتدى على مقار الإخوان أو المنشآت العامة أو الخاصة، حتى انطلق رجاله فى الفيوم لمحاصرة ديوان عام المحافظة واقتحامه، وهو المشهد الذى تكرر لاحقا فى محافظات الغربية والدقهلية، وبنى سويف، والأقصر، والقليوبية.
ولم يقتصر المشهد على حصار المقار الحكومية، أو رشقها بقنابل المولوتوف، بل تعداه إلى محاصرة مقار للإخوان ولحزب الحرية والعدالةوإحراقها، ووصل الأمر إلى محاصرة منزل محافظ كفر الشيخ، وإحراق سيارته.
هذه بروفة مبكرة لحشود 30 يونيو، دحضت مجددا أى حديث عن السلمية، وكشفت الطريقة التى تعتزم الشرطة التعامل بها، لم يكن ممكنا أن نلغى عقولنا، ونصدق أحاديث السلمية التى ترددت كثيرا خلال الأيام الماضية، لم يكن ممكنا أن ننسى الدماء التى سالت والمنشآت التى حرقت، والطرق والكبارى التى قطعت، والمواصلات التى عطلت فى مليونيات سابقة رفعت شعار السلمية.
وفى الوقت نفسه دعونا نذكركم بالنتيجة فى كل مرة، الفشل تلو الفشل، وهو ما تكرر فى بروفة الأيام الماضية، فقد تمكن المحافظون من دخول مكاتبهم، وممارسة أعمالهم، رغم الحصار وتراخى الشرطة، بل تواطؤ بعض رجالها فى بعض المواقع.
العنف إذن لن يصل إلى نتيجة سوى القتل والتخريب، والحل السلمى متاح الآن أمام الجميع، وهو أسرع مما يعد به زعماء حشود 30 يونيو حمدين صباحى والبرادعى وتوفيق عكاشة وأحمد شفيق.
لقد طرح كل من صباحى وعكاشة ما وصفاه بخارطة طريق لما بعد الخلاص من مرسى! ورغم أن الخطة مهلهلة، ولا تقدم بديلا متماسكا، بل إنها تكشف عن تناقضات بين شركاء الحشد، إلا أن ما استوقفنى فيها، هو تحديد فترة انتقالية جديدة لمدة ستة أشهر بدءا من تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية ذى الصلاحيات الرمزية، الذى يعاونه رئيس حكومة، لم ولن يتم الاتفاق عليه.
وخلال الفترة الانتقالية الجديدة سيتم تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لصياغة دستور خلال ستة أشهر! لعل الجميع الآن يتذكر أن خارطة طريق مشابهة وضعها المجلس العسكرى عقب الإطاحة بمبارك، وكانت مدتها أيضا ستة أشهر، لكنها طالت لمدة ثمانية عشر شهرا، فهل يحتمل الشعب المصرى العودة إلى نقطة الصفر لنبدأ مرحلة انتقالية جديدة قد تستمر فى هذه المرة ستين عاما أخرى!
الغريب أن "أبناء يونيو" يستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير، فبدلا من الانتظار لفترة انتقالية قد تطول لسنوات أو لعقود، أمامهم الآن فرصة تاريخية لانتزاع السلطة بطريقة سلمية قانونية خلال شهرين فقط، ذلك أن رئيس الجمهورية سيحدد موعدا خلال هذين الشهرين لانتخابات مجلس النواب بعد أن يعود مشروع القانون من المحكمة الدستورية، الذى تعهد المستشار حاتم بجاتو بتمريره فى المحكمة الدستورية خلال أسبوع واحد فقط.
وبما أن هذه القوى التى تعمل تحت مظلة حركة تمرد تدعى امتلاكها الآن لعشرين مليون توكيل، وهذا رقم كفيل بحسم جميع المقاعد النيابية أو معظمها لتشكل هذه القوى الأغلبية الكاسحة فى المجلس الجديد، وتتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة.
والأهم أنها ستتمكن من طرح ما تشاء من تعديلات دستورية، وقد يكون من بينها نص ينهى حكم رئيس الدولة الحالى بعد إقرار تلك التعديلات، والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة، وبذلك نكون قد أرسينا قواعد مهمة لعملية التحول الديمقراطى فى بلادنا.
سأظل متمسكا بالأمل أن يعود" المتمردون" لرشدهم قبل أن يُدخِلوا مصر فى أتّون حرب دموية، ستحرق أصابع مَن أشعلها قبل غيره، فالحشود التى يدعون إليها ستقابلها حتما حشود، والتوقيعات تقابلها توقيعات، والعنف سيستدعى عنفا مضادا، والخاسر فى هذه المواجهة هى مصر وثورتها وشبابها الطاهرون.
اللهم احمِ مصر من كل مكروه وسوء.
المصدر
- مقال:قطب العربي يكتب: مرحلة انتقالية.. تانى! موقع: إخوان الدقهلية