قالب:الحركة الشعبية تفلق وتراوغ

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

" الحركة الشعبية تفلق وتراوغ "

الحركة-الشعبية-تراوغ.gif

العلمانية في أصلها فصل للدين عن الحياة ـ وليس السياسية فحسب ـ ولكنها تطورت في أوروبا إلى نوعين من العلمانية: علمانية راديكالية تطرد الدين من كل جوانب الحياة، وتحصره في المعابد والزوايا والتكايا ولا تسمح له بأي دور في الحياة العامة، ويمثل ذلك النوع من العلمانية الفكر الماركسي اللينيني الذي ساد في الاتحاد السوفيتي المنهار و الكتلة الشرقية ردحا من الزمن وتأثرت به حركات كثيرة في العالم العربي ودول ما يسمى بالعالم الثالث عموما، ولم يكن السودان نشازا من هذا النبت الشيطاني عبر الشيوعيين السودانيين الذين يلفظون أنفاسهم الآن في السودان. أما العلمانية الأخرى فهي علمانية متسامحة تتعايش مع الدين ـ أي دين ـ وتسمح له بدور محدود في الحياة العامة خارج المعابد، ولعل معظم دول أوروبا الغربية ـ خاصة أيام حربها مع الاتحاد السوفيتي ـ تمثل هذا النموذج. ولأن معظم الذين أسسوا الحركة الشعبية ـ أو التحقوا بها فيما بعد ـ ينتمون إلى مدرسة اليسار الإفريقي ومعظمهم من الماركسيين، فالحركة الشعبية تتبنى في أطروحاتها وبرامجها وسلوكها السياسي النوع الأول من العلمانية الراديكالية التي تسعى لمحاصرة الدين ما استطاعت خاصة الدين الإسلامي؛ إذ أن النصرانية لها حماتها وممولوها. ولعل هذا ما بدا واضحا للعيان منذ توقيع اتفاقية نيفاشا واستلام الحركة الشعبية لمقاليد الأمور بجنوب السودان. والأمثلة على راديكالية علمانية الحركة الشعبية أكثر من أن تُحصى؛ لكن آخر مثال على ذلك ما أ قدم عليه والي غرب بحر الغزال من إغلاق ومصادرة ممتلكات جامعة القرآن الكريم بالولاية، رغم الأصوات التي تعالت من مسلمي الجنوب احتجاجا على هذا التصرف غير المسئول باعتبار أن مباني الجامعة من الأوقاف التي لا يجوز التصرف فيها لغير أغراضها. ومن الأصوات التي جأرت بالشكوى من أعمال الحركة الشعبية بالجنوب الرائد لوبلياي عبد اللطيف شول من القوات الوطنية الشعبية ونائب الناطق الرسمي لقوات دفاع الجنوب سابقا؛ إذ ذكر في رسالته التي بعث بها إلى رئيس الجمهورية مطالبا بالانسحاب من اتفاقية نيفاشا ونشرتها صحيفة (الرائد) يوم الجمعة السادس والعشرين من الشهر الماضي سبتمبر 2008م ما يلي (مسلمي جنوب السودان الضحية الأولى لاتفاقية نيفاشا التي تماثل اتفاقية البقط التاريخية في السودان، وظهر ذلك جليا في إغلاق مساجد الله التي أمر الله أن يُرفع فيها اسمه وتعطيل شعيرة الزكاة ومنع رفع الآذان في كثير من المساجد وغيرها من الممارسات التي لا تُحصى ولا تُعد يضيق المجال عن ذكرها لذلك نحن نرفع كلمة حق أريد بها الحق وأنت سيدي الرئيس أهل لنصرة الحق.)

والغريب أن الحركة الشعبية إمعانا في المراوغة وذرا للرماد على العيون قامت بتعيين مستشار ديني لرئيس حكومة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت؛ إذ تمت تسمية شيخ الدين المهدي الكباشي لهذا المنصب، وجاء في الخبر أن ذلك يأتي في إطار تنظيم عمل المسلمين في الجنوب واستجابة لتوصيات ملتقى مسلمي الجنوب الأخير!! فهل هناك مراوغة أكثر من تعطيل مؤسسات المسلمين بالجنوب ثم ادعاء الحرص على تنظيم عمل المسلمين بالجنوب بتعيين(شيخ) (الدين) مستشارا لحكومة كبرى الحركات العلمانية بالسودان؟

حسن عبد الحميد ... صحفي سوداني