قالب:اختبار التجربة الخاطئة
إذا قام أحد العلماء بوضع نظرية ما فإنه يقوم بوضع ثلاث نظريات أخريات تناقض النظرية الأولى ثم يقوم بتجربتها كل واحدة على حدا فذا نجحت إحداها فهذا يعني فشل النظرية الأم مما يطلق عليه ( اختبار التجربة الخاطئة ) . والقرآن الكريم – من ناحية نظرية ومنهاج – هو نظرية لا يمكن بآلاف من اختبارات التجارب الخاطئة إسقاطه أو إفشاله وإليك التجارب التالية وهي حقيقية : أولاً : في سورة المسد أنزل الله آياته تتحدث بأن أبو لهب (عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لن يسلم وأن مصيره إلى نار جهنم ، ثم عاش أبو لهب بعد نزول السورة عشرة سنوات كاملات وإذا أسلم أبو لهب فيها فهذا يعني فشل النظرية الأم ، مما يثبت استحالة تناقض القرآن ، وإذا نظرنا للموضوع من ناحية ( رجالة ) و ( جعلية ) فأي شخص تقوم بشن هجوم عليه فسيقوم بمحاولة إثبات إنك على خطأ فكان أبى لهب أن يقول : ( أها أسلمت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) ولكنه ظل على عميه حتى مات . ثانياً : تحدي العرب : وإعلان التحدي حاصل في قوله تعالى ((قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )) القصص 49 ، وقوله تعالى ((قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )) ، فلما عجزوا عن الكل ، تحداهم القرآن بعشر سور مثله فقال عز وجل ((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )) ، وعندما عجزوا تحداهم القرآن بسورة واحدة من مثله فقال الله تعالى ((وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )) ، ونتيجة الاختبار الثاني هو أن القرآن الكريم أعجز العرب من عدة نواحي لفظية ومعنوية وروحيو فوقفوا عن المعارضة ، وأدركوا أن العقول لم ولن تصل إلى مستوى القرآن في اللغة والبيان والمعاني وأيقن البشر على مر الزمان أن نواحي الإعجاز لا يمكن حصرها ، بل متجددة كلما زاد تدبر آية من القرآن توالت الاكتشافات العلمية لأسرار الكون مما يثبت دائما أن القرآن من عند الله ، وأنه معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) الدال على نبوته مهما طال الزمن . ثالثاً وهو الأهم : قوله تعالى (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )) ، فالقرآن الكريم مكون من أكثر من ستة آلاف آية في موضوعات مختلفة منها الإعتقادية والتشريعية والخلقية وقصص ، وفيه إشارات لنظريات علمية كثيرة في الكون وعلم الاجتماع والأخلاق والوجدان ، ولا نجد فيه معنى يعارض معنى ، ولا حكما يناقض حكما ، مع نزوله في ثلاث وعشرين سنة . ولا نجد أيضا في عباراته اختلافا في مستوى البلاغة ، ولا تفاوتاً في فصاحة التعبير ، في كل الآيات صيغةٌ زاهية وبيانٌ رائع ، وجمال لفظي في أبسط أسلوب ، وأوضحه وأقربه إلى العقل والقلب . وأسلوب القرآن يتفق مع مقتضى الأحوال ففي مجال التشريع يكون اللفظ دقيقاً محدداً والبيان هادئاً . وفي نطاق العقيدة أو العبادة ، يكون الأسلوب مؤثرا يهز النفوس ، ويثير المشاعر . وصدق قوله تعالى : ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )) فلا يمكن لشيء مهما بلغ من مكانة أن ينتج كتابا منسق العبارات والمعاني ، وشامل الأحكام والأغراض مثل القرآن الكريم .
جامعة السودان – كلية اللغات
|