فى مواجهة الفاجعة... (( عربائيل ))
بقلم : م. شاهين فوزي
(15/03/2014)
كان الانقلاب العسكرى العلمانى فى مصر بداية لسلسلة من الاحداث والتفاعلات التى ما زالت تتوالى على الأمة كاشفة لها عن حقيقة مرضها وعلة دائها المستشرى فى الجسد العربى والاسلامى على مدى عقود من الخداع والتغييب.
فها نحن الآن فى مواجهة الفاجعة المرة التى طالما حاول معظمنا أن يتهرب منها ، أو يتغافل عنها ، وللاسف الشديد فإن قادة العمل الاسلامى كانوا على رأس هؤلاء المتغافلين عن حقيقة الأنظمة التى تحكم بلداننا منذ تخلصت شكلياً من قوات الاحتلال الأجنبى لترزح تحت نير الاحتلال العسكرى بغطاء اعلامى زاعق من دعاوى الوطنية والقومية الزائفة.
كنا قد تصورنا بعد ثورات الربيع أن زمن الانبطاح للصهاينة والتبعية للغرب قد أوشك على الزوال ، ولكن خلال عامين كانت الثورة العربية المضادة قد هبت رياحها لاقتلاع نبتة الحكم المدنى فى مصر كمقدمة لازالة أثار الثورات فى ليبيا واليمن وتونس ، وتجميد الوضع فى سوريا توطئة لاستمرار نظام سفاح دمشق.
لقد انتفضت الكتل الصلبة داخل الأنظمة الموالية لمصالحها ولسادتها وصانعيها فى واشنطن بل و فى تل أبيب ، وآزرتها الأنظمة التقليدية مالياً واعلامياً و دبلوماسياً ، ولأن ذلك يجرى برعاية صهيونية تكاد أن تكون مباشرة ، فلم يكن من الغريب أن نرى استهداف حماس فى غزة كحركة ارهابية يتم من قلب القاهرة استعداداً لتنصيب كنز اسرائيل الجديد كرئيس لمصر المنكوبة.
اصبحنا اذن نعيش فى دولة كبرى تتجاوز الحدود تستهدف المقاومة فى فلسطين وروافدها ومنابعها فى طول البلاد وعرضها ، فتنعت الاسلاميين بالارهاب بينما ترحب علناً بالصهاينة وتدعم قصف غزة من منطلق الحرص على السلام والاستقرار للدولة الكبرى (عربائيل).
(عربائيل )هى دولة تمتد الى معظم اراضى العرب من المحيط الى الخليج دولة صارت تفتخر بالتعاون مع الصهاينة واعلام أضحى يجاهر بالعداء للمقاومة و يسمم عقول الناس سعياً لتثبيت اسرائيل كصديق مسالم وحماس و أخواتها كعدو ارهابى يجب استئصاله ، و يا حبذا لو تم الاستئصال على يد الشقيقة اسرائيل.
أما جيوش عربائيل فقد تخلصت من عقيدتها القديمة ومن وهم العدو الصهيونى الأمريكى ، وأضحت عقيدتها هى الحرب على الارهاب والسيطرة على البلاد والعباد ، وهو ما تثمنه دائماً الشقيقة اسرائيل ، و فى إطار الحرب على الارهاب لا مانع من المشاركة فى احتلال أفغانستان و غزو العراق ، بل لا نستبعد أن يقوم جيش عربائيل بقصف غزة أو غزوها برياً لتحقيق السلام الشامل بين الشقيقتين اسرائيل و عربائيل.
و نحن نواجه تلك الحقيقة القاتمة ندرك الآن أن كل تلك النخب العسكرية والسياسية التى تدير عربائيل قد صنعت على عين واشنطن وتل أبيب ، أما النخب الاعلامية والفكرية والحزبية فلا يمكنها ان تبرز للوجود دون أن تعتمدها مخابرات وأمن دولة عربائيل
لعل تلك الحقائق الصادمة المتوالية فى الشهور الأخيرة تدفع الكثيرين لمراجعة اولويات الفكر الاسلامى ، فاسطورة العمل الاصلاحى من خلال الدخول الى منظومة الحكم فى عربائيل قد تبددت وتحطمت معها تجربة أول رئيس اسلامى منتخب تدعمه الجماعة الإسلامية الأكبر ، لأن القوة الحقيقية تكمن فقط فى يد عسكر ومخابرات عربائيل ، وهى قادرة على اصطناع احزاب وحركات جماهيرية وعلى استخدام بعضها واختراق بعضها الآخر حتى ممن يتشدقون بالشعارات الاسلامية كحزب السلفية السيسية ، أو من يهرفون بالوسطية و الديمقراطية كمعظم اتباع مصر القوية وغيرها من الحركات والائتلافات التى باركت نكبة 3 يوليو ولم تبال كثيرا بالمجازر والمحارق والمذابح، بينما يمتعضون لأن الانقلابيين قد قلبوا لهم ظهر المِجَن و سلطوا عليهم أذرعهم الاعلامية ترميهم بالخيانة وتسفههم ليل نهار.
لقد حكمتنا أنظمة استبداد عديدة تحت رايات( سايكس – بيكو) تحت راية الملكية الدستورية تارة وتحت راية القومية العربية الديكتاتورية تارة ، ثم انضوينا تحت الرايات الشعوبية القُطرية بعد التحاق المنطقة كلها بالحلف الأمريكى الصهيونى ، وكان التطور الطبيعى لتلك الأنظمة البديلة للاستعمار الغربى المباشر هى دولة ( عربائيل).
علينا إذن أن نستعد للتعامل مع نظام عربى جديد واضح الالتحاق بالكيان الصهيونى يروج إعلامه للحروب الصهيونية بلا خجل ولا مواربة ، وهو ما سيتطلب تنظيراً جديداً لأولويات المرحلة التى صار فيها الانسان العربى محاصر بين كيانين استعماريين متحالفين ( اسرائيل ، عربائيل ).
لكن الواقع ينبئنا أن من تزهق دمائهم على يد أجهزة ( عربائيل) صاروا اكثر ممن يقضون على يد إسرائيل ، بخلاف القمع والتنكيل والاعتقالات والتعذيب التى صارت معلماً من معالم عربائيل حتى صارت متفوقة فى تلك الفظائع ولا ينافسها فى هذا الاطار سوى كوريا الشمالية وبورما وافريقيا الوسطى والصين!! ولله در أحمد مطر الذى تنبأ بما نواجهه من فواجع حين قال:
الناس ثلاثةُ أمـوات
في أوطاني
والميت معناه قتيل
قسم يقتله " أصحاب الفيل "
والثاني تقتله " إسرائيل "
والثالث تقتله " عربائيل "
وهي بلاد
تمتد من (الفرات) إلى النيل
والله إ شتقنا للموت بلا تنكيل
والله اشتقنا
واشتقنا
ثم اشتقنا
أنقذنا ... يا عزرائيل..
@shahinfawzy
المصدر
- مقال:فى مواجهة الفاجعة... (( عربائيل )) موقع:نافذة مصر