فتحي يكن .. داعية الحرية .. الشيخ عبدالله درويش/مؤسس الحركة الاسلامية
شبكة الميثاق الاعلامية - السبت 20 / 06 / 2009 - 02:09 مساءًً

الدكتور فتحي يكن الداعية الإسلامي الذي عرفته كل أجيال الدعوة المعاصرة وحركتها الإسلامية المنتشرة في شرق الدنيا وغربها بأنه واحد من أولئك الأفذاذ الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه)، وكذلك فقد عرفته لبنان فارسا مقاوما في كل المراحل التي عانت لبنان من وجود الإحتلال، وكتاباته كلها تقريبا كانت معتمدة في تربية أجيال الدعوة الإسلامية المعاصرة، لأن كتاباته كانت تخاطب الفرد بشكل مباشر ومن غير أي حواجز، فقد كان أسلوبه رحمه الله تعالى سهلا شيقا، ولم يضمن كتاباته كلاما غريبا عن
القارئ مهما كان مستوى ثقافته، ومع ذلك فإن فحول الدعاة كانوا وما زالوا يجدون في كتاباته ذلك الغنى وذلك العمق في المعاني الدعوية التي تجعل المسلم قادرا على فهم الإسلام بسهولة ويسر، سهولة تتناسب مع سهولة هذا الدين ويسر يتناسب مع ما في كتاب الله تعالى من اليسر (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)؟ ولذلك كانت قيادته للدعوة الإسلامية ولجبهة العمل الإسلامية في لبنان قيادة فيها هذه السهولة وهذا اليسر، وعندما أراد دخول المعترك السياسي استقال من قيادته للدعوة حتى يتفرغ لمعاركه
الجديدة في المعترك السياسي، وعندما طلب منه بعض إخوانه أن يبقى على رأس العمل الدعوي حتى وهو يخوض المعترك السياسي كانت إجابته: - كما أن الله تعالى لم يجعل للعبد قلبين في صدره فإنه أيضا لم يجعل له عقلين في رأسه -، فقد كان يحب التخصص، ويحب إتقان العمل، وحتى يكون الإتقان لا بد من التخفيف من الأحمال.
فتحي يكن رحمه الله كان يرى في الحرية أساسا راسخا وهو في قيادة الدعوة كما كان يرى فيها نفس الأساس وهو في المعتركات السياسية، وما كره في حياته يعد الكفر بالله مثلما كره الظلم والإستبداد، ولذلك تجده وهو يتحدث عن الحرية يؤصل لها من الشرع ويقيم على ذلك الأدلة الواضحة، إلى درجة أنه يرى أن الحرية تسبق الشريعة، وتسبق النطق بالشهادتين، ولا يعني رحمه الله السبق في الرتبة وإنما هو سبق الزمن، فالحرية
التي هي عكس الإكراه زمنها قبل المطالبة بأي شيء من الدين، لأن الشريعة والعقيدة لا يعتد بهما من المكلف إذا كان مكرها، فلا إيمان إلا لحر غير مكره، ولا يتم التكليف الشرعي إلا بالحرية، وإليكم أهم ما قاله رحمه الله حول الحرية وكيف يرى أنها تأتي دائمًا في المقدمة وفق أولويات التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة، والحرية مناط التكليف، فلا يقبل إيمان المكره حتى يزول إكراهه وحى يكون آمنا، قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه)، وقد أقام المرحوم يكن بعض الأدلة على أولوية الحرية فقال: الأدلة على ذلك كثيرة منها: (1) الخطاب الإلهي بدأ بالدعوة للعدل، والحرية ثمرة العدل، فقال تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحْسَانِ وإيتَاءِ ذِي القُرْبَى ويَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ والْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
(2) إن مشروعية الجهاد والقتال في الإسلام إنما تنعقد عندما يحال بين المسلمين وبين الدعوة إلى الإسلام، أي عندما تغيب حرية الدعوة، وعندها تترتب الخيارات البديلة "الجزية أو القتال"، وهذا مناط قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
(3) إن اعتناق الإسلام يجب أن يأتي نتيجة اختيار حرّ، بدليل قوله تعالى: {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}؛ فالحرية مطلوبة شرعًا كمدخل لاعتناق الدين، وصدق الله تعالى حيث يقول {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
(4) أن الفاروق عمر بن الخطاب أمر القبطي بضرب ابن عمرو بن العاص قائلاً: "اضرب ابن الأكرمين".
ثم التفت إلى ابن العاص زاجرًا، وقال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟".
(5) أن رسالة ربعيّ بن عامر إلى رستم قائد جيوش فارس حملت أولويات الدعوة الإسلامية، وفي طليعتها تحرير الناس من الطغيان والتسلط، حيث قال له: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار، من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام".
(6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حلف الفضول الذي حضره في الجاهلية قبل الإسلام والذي كان يهدف إلى رفع الظلم والبغي وإشاعة أجواء الحرية والعدالة "لو أني دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت"..
ومع ذلك فلا بد من القول بأن الحرية ليست بديلاً عن الشريعة، وإنما هي عون على تطبيقها، فهي بذلك مطلب إسلامي ملحّ، وحالة صحّية منشودة، تمكّن الدعاة من الانطلاق في دعوتهم، كما تمكّن الدعوة من بلوغ أهدافها في تطبيق الشريعة.
ومن البديهي أن تتعطل حركة الدعوة عندما تختفي أجواء الحرية.. وكل ذلك يعني أن الأولوية للحرية.
أي (الحرية أولا) كما كان يقول دائما رحمه الله رحمة واسعة، رحم الله الداعية القائد، والسياسي البارع، والكاتب المبدع، والمربي الفاضل، والأخ المحب لكل من حمل الإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة، اللهم اجعل أخانا فتحي يكن من أهل الفردوس الأعلى.
والله غالب على أمره
المصدر
- مقال:فتحي يكن .. داعية الحرية .. الشيخ عبدالله درويش/مؤسس الحركة الاسلامية موقع :شبكة الميثاق الاعلامية