عشية ذكرى14 شباط: ما هي خارطة انتشار القوى السياسية في لبنان؟
بقلم : فادي شامية
ما يزال الانقسام الحاد بين اللبنانيين مسيطراً، أجواء التهدئة الحالية تكاد تشرف على نهايتها مع اقتراب الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، فبالأصل لم تكن التهدئة وليدة قناعة، بل كانت نتيجة خوف الجميع من الحرب الأهلية بعد أحداث جامعة بيروت العربية، ومع انسداد أفق الحل الجذري أو المرحلي، يصر فريق 14 آذار على إحياء ذكرى استشهاد الرئيس الحريري، أمام ضريحه في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت، أي على مسافة أمتار قليلة من اعتصام حزب الله وحلفائه، والاتجاه العام للأزمة هو نحو مزيد من التصعيد، بعدما قيل إن تفاهماً سعودياً- إيرانياً قد سقط على أعتاب دمشق التي "تتحفظ" على إنشاء المحكمة الدولية قبل انتهاء التحقيق الدولي، وإزاء هذا التأزم ستكون الجماهير مدعوة من جديد، كل وفق ولائه السياسي، لمناصرة هذا الفريق أو ذاك، فما هي خارطة القوى السياسية، عشية الذكرى الثانية لاغتيال الحريري:
- في محافظة الشمال التي تضم أقضية: عكار، الضنية، المنية، طرابلس، زغرتا، بشري، الكورة، البترون، ويقطنها 25% من سكان لبنان وفق سجل النفوس، غالبيتهم من السنة والموارنة والأرثوذكس، ثمة أرجحية واضحة لقوى 14 آذار.
القوى المؤثرة في تلك المنطقة هي: تيار المستقبل والقوات اللبنانية، إضافة إلى الجماعة الإسلامية، التي تلتزم الحياد، لكنها ضد إسقاط حكومة السنيورة في الشارع، ولا قوة شعبية وازنة للقوى الإسلامية المؤيدة لحزب الله في الشمال، أما الزعامات السياسية التقليدية كآل كرامي فيبدو أن رصيدها بات أقل بكثير مما كانت عليه في السابق، لكن لقوى 8 آذار "جيوب" هامة في الشمال أيضاً، فمنطقة زغرتا تدين بالولاء لسليمان فرنجية في غالبيتها، رغم الحضور النسبي للوزيرة نايلة معوض، كما يوجد مؤيدون للحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعض القرى العلوية التي تجهر "بحنينها" إلى الفترة السابقة على خروج الجيش السوري من لبنان.
- في محافظة جبل لبنان التي تضم: جبيل وكسروان والمتن وبعبدا وعاليه والشوف، والتي تعد 24% من سكان لبنان وفق سجل النفوس، غالبيتهم من الموارنة والدروز، إضافة إلى سنة وشيعة وكاثوليك وأرثوذكس بنسب أقل، فإن الغالبية الساحقة من الدروز والسنة مع حكومة السنيورة، فيما يسود الانقسام الحاد الشارع المسيحي.
القوى المؤثرة في الجبل هي: الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية وأحزاب وشخصيات يمينية أخرى، وجميعهم في صف 14 آذار، ويواجه هذه القوى التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون، الذي يعاني من تآكل جدي في شعبيته المسيحية، إضافة إلى حزب الله المسيطر بشكل شبه كامل على ضاحية بيروت الجنوبية، وباقي شيعة الجبل.
- في الجنوب الذي يضم أقضية: جزين، صيدا، صور، النبطية، حاصبيا، مرجعيون، بنت جبيل، والذي يعد 22% من سكان لبنان وفق سجل النفوس، ثمة أرجحية واضحة لحزب الله وحلفائه، ولا سيما في المناطق ذات الغالبية الشيعية كصور والنبطية ومرجعيون وبنت جبيل، فيما يحظى الفريق المؤيد للحكومة بأرجحية في مناطق السنة والدروز لا سيما في صيدا وحاصبيا وقرى الشريط الحدودي.
القوى المؤثرة في الجنوب هي: حزب الله وحركة أمل في الوسط الشيعي، تيار المستقبل في الوسط السني، والحزب التقدمي الاشتراكي في الوسط الدرزي، والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في الوسط المسيحي، إضافة إلى بعض الزعامات المناطقية التي تتوزع بين مؤيد ومعارض.
- البقاع الذي يعد 15% من السكان وفق سجلات النفوس، ثمة غالبية واضحة لحزب الله في شماله: الهرمل وبعلبك، وغالبية مضادة في جنوبه، البقاع الغربي وراشيا، للمستقبل والإشتراكي والإسلاميين السنة، أما في زحلة والبقاع الأوسط فثمة تنازع، عبّرت عنه أحداث شتورة خلال "الثلاثاء الأسود".
القوى المؤثرة في البقاع هي: حزب الله وحركة أمل والكتلة الشعبية المتحالفة مع العماد عون، يقابلها المستقبل والاشتراكي والقوات اللبنانية.
- العاصمة بيروت التي تعد 14% من السكان المسجلين في النفوس، والتي يقطنها فعلياً أكثر من هذه النسبة بكثير، فإنها خليط من كل الطوائف والمذاهب التي يأتي في طليعتها السنة 42%، ثم الأرثوذكس بما فيهم الأرمن21%، ثم الشيعة 13%، ثم الموارنة وباقي الكاثوليك 12%، إضافة إلى مذاهب أخرى، والقوى المؤثرة فيها هي نفسها القوى المؤثرة في طوائفها في باقي مناطق لبنان.
توزيع القوى يظهر بوضوح شدة الفرز من جهة، وتحوله نحو الطائفية والمذهبية من جهة أخرى، فغالبية السنة والدروز باتوا في مواجهة غالبية الشيعة، فيما يسيطر الانقسام الحاد على المسيحيين، وثمة من ينشر استطلاعات رأي تفتقد للموضوعية لإثبات بقاء المسيحيين على ولائهم للعماد عون أو لإثبات العكس، وإزاء هذا الواقع فإنه لا ينبغي أن يركن أحد إلى هدوء نسبي لأن شرارة المواجهة إذا ما انطلقت فلن تبقي ولن تذر.
المصدر
- مقال:عشية ذكرى14 شباط: ما هي خارطة انتشار القوى السياسية في لبنان؟موقع:الشبكة الدعوية