عامر شماخ يكتب: الإخوان في ضيافة مجرمي أمن الدولة المنحل!!
21-02-2012
مقدمة
استطاع مبارك في أقل من عشر سنوات من بداية حكمه، تكوين جيش من الجلادين الساديين، منزوعي الرحمة، قساة القلوب.. من مرتزقة أمن الدولة.. هؤلاء الطغاة لا يعرفون شيئًا عن الإنسانية، ولا يفرقون بين الحيوان والإنسان.. صنعهم المخلوع التعس على عينه، ولقَّنهم دروس العنف والإرهاب، ونزع الدين والضمير من قلوبهم، وقام بتسفيرهم إلى بلاد اليهود وأعداء الإسلام كي يتلقوا دروسًا في حرب الأخلاق والقيم، وتجفيف منابع الدين، .
وهيأ لهم المكانة والسلطان، وأخضع لهم الجميع، فكان ضابطًا صغيرًا في الجهاز برتبة ملازم يتصل برئيس جامعة أو بوزير، يأمره وينهاه، والآخر ليس عليه سوى الطاعة والتنفيذ.
وكان هؤلاء المساخيط مكلفين بالكيد للإخوان، والترصد للجماعة وملاحقة أعضائها، وقد أدوا الدور الشيطاني وزيادة، فما من وسيلة لقمع الجماعة إلا ارتكبوها، وما فاتت ساعة من ليل أو نهار إلا وهم يستدعون أخًا، أو يعتقلون آخر، أو يعذبون ثالثًا، أو يلفقون تهمة لرابع.. إلخ.
وكانت سمعتهم عند الإخوان كسمعة إبليس عند أهل الإيمان، فكان الإخوان يستعيذون بالله منهم، لشدة قسوتهم وغبائهم، ولعدائهم للصالحين.. فكان سماع الأخ لكلمة (استدعاء) لمقابلة أحدهم- وهم يحملون عادة أسماء حركية- في مقر من مقراتهم، يمثل تعـذيبًا في حـد ذاته، ففي هذا اللقاء غير المرغـوب فيه والذي يتم- غالبًا- بغرض استيفاء المعلومات، أو التعرف على وجهات نظر الجماعة في حدث من الأحداث أو قضية من القضايا، أو محاولة منع تحرك إخوان منطقة من المناطق من تنفيذ نشاط ما، يكون الأخ قلقًا مضطربًا، دائم الذكر والدعاء؛ لعلمه أنه على موعد مع (قلة الأدب) والتطاول، وربما التعذيب الشديد.
أنت الآن في مقر أمن الدولة
كانوا في غالبية هذه المقار يضعون الإخوة الذين يتم استدعاؤهم في حجرة انتظار كبيرة، بطريقة غير آدمية، ويعينون عليهم جنودًا سود الوجوه، أغبياء، يمنعونهم الكلام أو الحركة، أو قضاء الحاجة أو الصلاة، ومن يخالف ذلك يلق من الإهانات الألوان والأشكال، دون نظر إلى شكل أو سن أو منصب.. وفي الغالب يستمر هذا الانتظار لساعات؛ لضمان تعذيب الذي تم استدعاؤه -نفسيًّا- قبل عرضه على الضابط المختص.. وفي جميع الأحوال فإنه لا يستطيع أن ينصرف، أو حتى يهمس لطلب الراحة أو التأجيل.
وفي أحيان كثيرة كان يقع العذاب على كل المنتظرين، فتجد من يظهر فجأة من هؤلاء الجنود الشائهين، ليأمر الجالسين بالوقوف ورفع أيديهم لأعلى، أو الجلوس على هيئة القرفصاء، أو الاستعداد لعصب أعينهم بقطعة من الملابس التي يرتدونها، أو يسمعونهم أصواتًا عالية مزعجة، أو يسلطون عليهم أنوارًا مبهرة.
وفي أحيان أخرى كان المنتظرون يفاجَئون بمن يضربهم على أقفيتهم بشدة من الخلف، أو يبصق على رءوسهم، أو يسبهم سبًّا فظيعًا دون سبب.. وهكذا.
وقبل أن يدخل الأخ على الضابط يكونون قد وضعوا عصابة على عينيه، فلا يعرف مَنْ حوله ولا ما حوله، وربما حقق معه اثنان أو ثلاثة فلا يعرف من هم ولا كيف يجلسون.. أما الحوار بين الطرفين فهو غير متكافئ بالمرة، فالضابط يسأل والأخ يرد، .
والضابط يشتم وعلى الأخ السكوت وإلا تعرض لما هو أقسى من الشتم، وتماديًا في إذلال الأخ يعرض عليه الضابط (التعاون) مع الجهاز، أي يكون عميلاً لأمن الدولة، وهذا أمر غاية في القسوة على من يعرفون مجتمع الإخوان، فهذا الطلب- تحديدًا- يفقد الأخ الثقة في نفسه؛ إذ يقول: لولا إنهم وجدوني دون المستوى من الثبات والتحمل لما عرضوا على أن أكون جاسوسًا على إخواني.
استفزازات ومساومات وتجريح
ولا تخلو هذه اللقاءات من استفزازات، وتشكيك في الجماعة وقادتها، كما لا تخلو من مساومات، وتهديدات، وفي أحيان أخرى ضرب وتطاول.. وكم وقعت حوادث جراء عدم رضاء بعض الإخوان عن طريقة الحوار، فكانت مصائرهم كارثية، فمنهم من اعتُقل من فوره ومورست ضده شتى صنوف العذاب، ومنهم من تم تهديده بشلّ تجارته وحرمانه الحرية.. وقد كان، ومنهم من صار- بسبب موقفه هذا ورفضه تطاول هؤلاء الأقزام- ضيفًا دائمًا على مقار أمن الدولة وسجون المحروسة.
كان عموم الإخوان لا يخشون السجون، قدر ما يخشون تلك المقار الشيطانية، التي تحكمها فئة من أحط البشر، ممن لا يتورعون عن فعل أي شيء مقابل إرضاء أسيادهم الذين حكموا مصر، فأذلوا أهلها وسرقوا خيرها، وتركوها خرابًا يبابًا ينعق في أعاليها البوم والغربان.