صبحي صالح: الإسلام لا يمكن فصله عن الحياة
بقلم:محمد مدني-الإسكندرية
أكد صبحي صالح عضو لجنة تعديل الدستور والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين أن مصر المستقبل، التي يسعى الإخوان ومَن معهم لإقامتها، لها تصور وملامح يسعون إلى تحويله من خيالٍ إلى واقعٍ ملموس، مشددًا على أن الإخوان كانوا وسيظلون يعتبرون الإسلام دينًا ودولةً، ولا يمكن أن يتم فصل الدين عن واقع وحياة الإنسان بأي حالٍ من الأحوال.
وقال خلال لقاء بمعرض الإسكندرية الدولي للكتاب والبرمجيات، مساء أمس، بعنوان "الإخوان المسلمون وآفاق المستقبل": "الذين يرون أن الإسلام علاقة بين العبد وربه أُذكرهم بقول الله تبارك وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)) (الأنعام)، وربما تكون هذه العلاقة بين العبد وربه فقط في (صَلاَتِي وَنُسُكِي)، أما المحيا وهو مجمل الحياة وهي علاقة العبد مع مجتمعه فهي منهج حياة، وبالتالي يكون الله تعالى قد نظَّم العلاقة بين العبد وربه على نحو لا يقبل غيره، ومع الناس فنظَّمها الله أيضًا على نحو لا يقبل غيره، و"الممات" عقيدة يعتنقها العبد فيقدم الصلاة والنسك والحياة إلى ما بعد الموت؛ ولذلك الإسلام منهج حياة شامل".
وشدد على أن الدولة التي يسعى الإخوان المسلمون لإقامتها ليست دولة رجال الدين وحكم المشايخ وقال: "نعلم أن الله جعل الحياة مجالات تخصص، وجعل لكل اختصاص أهل ذكر، ونحن لا نخلط الأمور فبناء الدولة يحتاج تخصصًا في السياسة والعلوم الإستراتيجية، والفصل بين السلطات، وتوضيح حدود هذا الفصل وملامحه، وهذا له أهله ورجاله، فلا نقبل أن يضع لنا أصول دولة تكون أقل دولة في العالم، لكن دولة تنافس العالم بتخصصها ودستوريتها ومؤسساتها، فيها حق الشعب في مراقبة الحكام والشفافية دولة، يُسأل فيها الحاكم، والشعب فيها صاحب السيادة عليه".
وأضاف: "حين يرد كل أمر إلى تخصصه نكون بصدد تطبيق المنهج الإلهي (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: من الآية 43)، والآية جاءت في صيغة الوجوب وكل أمر في القرآن يقتضي الوجوب وبالتالي فلن نستدعي متخصصًا في علم الوعظ واليوم الآخر ليشرع للدولة قانون دستوري ومعاملات بين الناس فهذا اختصاص مختلف نفهم معني الدستور ونفهم في أصول الممارسة السياسية الصحيحة، ولا ننطلق من الوعظ إلى الفراغ فهذا جهل والجاهل لا يصنع أمة".
وأوضح أن الإسلام الذي نعرفه ونعرف دولته يقوم على فلسفة أصيلة قوامها أن الشعب أقوى من الحكومة وإرادة الشعب أقوى من الحكام، ولذلك وجدنا الرجل الذي قال لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لا سمع لك ولا طاعة يا ابن الخطاب حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب الطويل فالشعب إذن يعطي المشروعية ويسحبها فتحترم إرادة الأمة.
وأكد أن منهج الإخوان يحترم ويحتكم إلى صناديق الانتخاب والخضوع لنتائجها فلا قداسة ولا عصمة ولا امتيازات لأحد ولا نؤمن بهذا لكن نؤمن أن من أراد أن يمثل الأمة يجب أن يحصل على مشروعية وجود بإرادة الأمة، وقال: "نرى أن الانتخابات هي الآلية العلمية للتعبير عن الأمة ولذلك يجب أن يكون التعبير صادقًا وحقيقيًّا ناتجًا عن إرادة حقيقية لم تمتد إليها يد العبث، فالانتخابات مستودع إرادة الأمة التي تعطي الشرعية".
وأوضح صالح أن الإخوان يسعون إلى دولة عمادها سيادة القانون والجميع أمام القانون سواء فلا فضل لأحد على أحد والقانون يطبق على الكبير قبل الصغير وعلى الحاكم قبل المحكوم، وقال: "نريد عدالة قوامها قول النبي "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"، ونريد قضاء يضبط العدالة يحمي الحقوق ويحافظ على الحريات ويقتص من الحاكم ويقمع كل متغول على حقوق الناس ويحمي المصلحة العامة فلا نقبل إلا قضاءً متخصصًا لا محل فيه إلى قاضي يجلس على منصة القضاء لأنه ابن المستشار فلان فقد انتهى هذا الزمن وأقول لن نسمح بعودته".
وتابع: "يفهم بعض الناس أن تطبيق الشريعة الإسلامية يعني مجموعة من المشايخ تحكم بين الناس ومن فهم أن الإسلام على هذا النحو لم يفهمه بشكله الصحيح، فالقضاء مؤسسة وسلطة تقوم على حسن السيرة والاستقامة وفهم دقيق وجرأة في الحق فلا نسعى إلى دولة وهمية أو كيان فوضوي ونسعى إلى تصور لدولة حريات في مصر لا محل فيها لقانون استثنائي أو طوارئ لا يصادر فيها فكر ولا تقصف فيها أقلام ولا قيود في التفكير إلا قواعد المصلحة العامة شأن كل بلاد العالم فلم نأتِ ببدعة في السياسة أو اختراع في القانون؛ لأننا نريد دولة قوية راسخة وقضاءً مستقلاً لمنافسة العالم ولن نفعل مثل الغرب والذين يعبدونهم، فالحريات التي يدعو لها الإسلام لا يعرفها الغرب ولن يصلوا إليها فهي حرية لا إكراه في الدين، وهي حرية متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا أما حرية الغرب فهي حرية الفوضى والانحلال ويعاقبون عن الفكر والرأي فعندما يعبث رسام كاريكاتير ويقوم بإهانة المقدسات قالوا إبداعًا آما أحد المحققين التاريخيين حينما بدا يراجع حدثًا تاريخيًّا وهو المحرقة اليهودية "الهولوكوست" وتبين أنها حدث غير صحيح قُبض عليه وقُدم للمحاكمة بينما المقدسات لديها حريات، مستباحة وحتى الحريات عندهم نفاق سياسي، ونحن لا نعرف هذا النوع من النفاق".
ووجه "صالح" رسالةً إلى مَن أسماهم "المولعين بالديمقراطية الأمريكية"، قائلاً: "هي وَهْم، والإسلام هو الأصل فالديمقراطية الأمريكية نفاق ودجل بدليل أنه وفق الدستور الأمريكي الشعب الأمريكي لا يختار رئيسه، ورغم أن العالم يقف على قدم وساق ليتابع أنزه انتخابات في العالم لكن الرئيس الأمريكي ينتخبه كبار المصوتين وعددهم ٥٣٢ شخصًا حتى لو الشعب رفض هذا الاختيار كما حدث في انتخابات جورج بوش الأب رفضه مثل انتخابًا".
واعتبر القيادي الإخواني أن الحديث عن حق المسلم وغير المسلم وعلاقة الإخوان بهذا الأمر ورؤيتهم أصبح "بضاعة كل موسم" التي يتاجر بها من يسعى ضد الإسلام، على حد تعبيره.
وتابع: "وأقول هذا من منطق التخصص العلمي وأتحدى أن تكون أي شريعة أو قانون في العالم أعطى لأقلية دينية تخالف المعتقد الأساسي للأمة مثل الإسلام الذي جعل حقوقهم مقدسة من أهدرها يأثم فلا نقبل المزايدة من أحد فدين الله لا يقارن بغيره"، معتبرًا أنه من عجائب الذين يتحدثون عن هذه الحقوق ويطالبون بديمقراطية الغرب أن يتناسوا لا إكراه في الدين في الوقت الذي نحن المسلمين في دول الحريات في الغرب وحقوق الإنسان التي ينشدونها لا يسمح لنا برفع المآذن أو ارتداء النقاب أو رفع الأذان أو اكتساب الجنسية أو ممارسة شعائر مثل فرنسا والنمسا وسويسرا والأعجب أن المسلم الذي يريد أن يعدد الزوجات فلا يعترف بها في هذه البلاد ثم يبيع هؤلاء على المسلمين حماية الحقوق الدينية.
وتابع: "أما بلاد الإسلام فقد أمنت الشعائر الدينية بلا قيد وبلسان كل مسلم أقول إن كل مسيحي يعلق صليبًا علي صدره ونسمح بمنارات الكنائس وصليبًا يعلو في أفق السماء والأجراس ترن بكل أمان فلم يتدخل أحد لمنع الناقوس بل إن الوظائف الحكومية في مصر يسمح للموظف القبطي أن يتأخر عن عمله كل يوم أحد ليحضر قداس الكنيسة، وأصبح عيد الميلاد المجيد إجازة رسمية لمصر كلها وغير كل هذا، فالمحامي المنتدب للدفاع عن حقوق غير المسلمين أمام محكمة العدل الإلهية هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال "من آذى ذميًّا فأنا حجيجه يوم القيامة"، ولا أقول هذا الكلام تجارة انتخابات فديننا أعز من ذلك؛ لذلك نحن نرفع شعار "الإسلام هو الحل" ومصرون عليه".
المصدر
- صبحي صالح: الإسلام لا يمكن فصله عن الحياة موقع إخوان أون لاين