سيف عبدالفتاح يكتب: دولة التسريبات:عصابة فى غابة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سيف عبدالفتاح يكتب: دولة التسريبات:عصابة فى غابة


(3/16/2015)

سيف عبدالفتاح

فلنتأمل ماهو شكل الدولة الذى رشح بعد التسريبات ،حتى يمكن التعرف على إجابة لتساؤل مشروع ،أهذه الدولة وبتلك المواصفات التى نريد ،أهذه الدولة التى يخرج عيال الدولة كل مرة يستصرخون الناس ،يحذرون وينذرون إنهم يستهدفون الدولة ،إنهم يريدون تفكيكها وربما هدمها ونقضها، دولة الفساد العميقة القميئة التى لا تعانى من مجرد فساد بل منظومة الانقلاب تمارس الإدارة بالفساد،دولة القمع البوليسية ودولة الفاشية العسكرية التى تمثل ذروة سنام الاستبداد المقيم ، دولة الاستبداد التى شكلت تحالفا مع أهل الفساد، دولة تمارس البطش والقمع والقتل والاعتقال والتعذيب.

فى عبارة بليغة يصف الشاعر عبد الرحمن يوسف التسريبات "تتوالى التسريبات من داخل المكاتب المحصنة -أو التي كنا نظنها محصنة- تلك المكاتب التي يفترض أن تحتفظ الدولة فيها بأدق أسرار أمننا القومي..تتوالى التسريبات كاشفة عن ترهل في "كرش" هذه الدولة، و"ارتخاء" في عضلاتها، و"ضمور" في عقلها.الدولة التي تتظاهر بالقوة وهي على أجهزة التنفس الصناعي، تستقوي على أضعف الناس بينما هي "ملطشة" أجهزة التخابر."

مشكلة التسريبات بالنسبة للمنظومة الإنقلابية أنها عرضت على عامة الناس وعموم الدول شيئًا من المفترض أنه كان سريًّا، ويرى بعض علماء السياسة أن أهمية السرية ترجع إلى سبب أو أكثر مثل لما تتمتع فيه المعلومات من حساسية ولذا تحاط تلك المعلومات بالسرية حتى عن المواطنين، ومن ثم تهدف التسريبات أن يكتشف المواطن ممارسات خطيرة خفية؛ حتى لا يتم تضليله ومواجهة التعتيم المقصود، فجاءت التسريبات لتقوض محاولات سلطة الإنقلاب إخفاء عملياتها وممارساتها عن الدول الأخرى وعن مواطنيها ،"كشف المستور" يعد أحد أدوات كشف المنظومة الإنقلابية ومساراتها، اعتبرت "جريدة لوموند الفرنسية" "بأن تسريبات المكالمات الهاتفية محرجة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتصف الفضيحة ب “سيسيليكس″ مثل فضيحة ويكليكس أو “سويسليكس″ البنكية التي انفجرت الشهر الماضي"، ووصفت الجارديان البريطانية "بأن عصابة تحكم".

وشأن الفوضى وحال العشوائية ليست بعيدة عن أسلوب الكفتة كمنهج حياة حتى وصفها أحد المواقع "بلد الكفتة والتسريبات .. رئيسها ملك التسريبات وتعشق التفجيرات وتنتظر رز الإمارات مرحبا بك في دولة الكفتة .. والتي ترفع شعار من ثلاث كلمات "تسريبات .. تفجيرات .. رز الإمارات" "تسريبات بالساعات ليست لأمين شرطة أو أي موظف بالدولة، لكنها لرئيس المخابرات الحربية ووزير الدفاع السابق والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.." ، وأكد البعض من النشطاء "أن التسريبات وبصرف النظر عن أي معنى سياسي تؤكد أننا بلد بلا قضاء ولا شرطة ولا قيادات عسكرية".

"دافيد هيرست" الصحفى المعروف يؤكد بالحجة والبرهان، بالوثوقية والحجية وبأدوات فنية "تسريبات السيسي حقيقية" هذا ما أثبته مختبر أدلة جنائية بريطاني ،أدان السيسي ما أسماه حروب الجيل الرابع، التي توظف فيها "التكنولوجيا" لتحقيق أهداف سياسية تنال منه إلا أن مختبرا جنائيا بريطانيا في التحليل الصوتي والخطابي قد وثق مقطعا لمدة 30 دقيقة من التسريبات.

وأسوأ من ذلك، فقد استبعد المختبر إمكانية أن تكون تلك الأشرطة قد زيفت أو تم التلاعب بها إلكترونيا، جاء استنتاجهم لا لبس فيه: "رأينا هو أن الدليل يقدم دعما قويا للرأي القائل بأن المتحدث موضع التساؤل هو السيد ممدوح شاهين صرح المختبر أكثر ن ذلك بأن:ليس ثمة مؤشرات على أن المادة الصوتية في التسجيلات قد تم تزييفها من خلال إدخال عدد كبير من المقاطع الخطابية القصيرة أو التصريحات، سيكون من الصعب جدا صناعة حوار مقنع بهذه الطريقة، وأكثر من ذلك، فإن المادة الخطابية تتحلى بسمات الحوارات الطبيعية التي سيتوقع المرء أن يجدها في أي تسجيل حقيقي".

دولة التليفون :أنه مع تعدد الأجهزة والأذرع الأمنية ، فإن جميع ما يصطلح على تسميته بالدولة العميقة أو الأجهزة السيادية كانت تسجل كل همسة وشاردة للأجهزة السيادية نفسها! وهو ماعُبّر عنه بـ "دولة التليفون"". فالدولة المصرية ما هي إلا عبارة عن أجهزة أمنية متعددة متناقضة ومتضاربة المصالح، "دولة ملوك الطوائف" تمتد ليشمل الأجهزة الأمنية والقضاء ورجال الأعمال والأزهر والكنيسة والبيروقراطية، والذي جعل تلك الدولة الحديدية شديدة المركزية هشة وبالون منفوخ يوشك أن ينفجر، دولة التليفون لا قواعد فيها أو نظام تدير الأمور بمنطق العزبة " هكلملك القاضى"،" هنكلم الإعلاميين بتوعنا"، " كلمهم إحنا عاوزين نقدية واحنا هنتصرف". تستغرب بعد كل ذلك أين المؤسسات والقواعد والإجراءات، أين الإدارة وأين الدولة؟!.

التسريبات ونظرة دونية للشعب المصرى : في تسريب "البت والواد" يتحدث اللواء عباس كامل بصراحة عما سماها "تلبيس العمة" للمشاهدين، وهو تعبير مصري دارج معناه خداع الشخص الذي أمامك وإيهامه بقصة أخرى مختلفة عن الحقيقة، ويبدو أن عباس كامل تأثر في هذا أيضًا بالسيسي، الذي يريد تلبيسنا العمة والادعاء أنه لا علاقة له بما يقوم به الإعلام المصري، رغم أنه من يحرك الخيوط كلها بين يديه.ا"لشعب المصرى جعان ..ومتنيل بنيلة" ،إنها نظرة الاستخفاف القابعة فى تلافيف عقلية العسكر.

التسريبات والإعلام : يقدم المنقلب نفسه إذن، باعتباره منفصلًا تمامًا عن التأثير في الإعلام المصري، رغم أن أي طفل يمكنه بسهولة رؤية العكس تمامًا،فمنذ الانقلاب العسكري، كان الهدف واضحًا منذ البداية، وهو إسكات أي أصوات من المحتمل أن تقدم صوتًا معارضًا لما يجري، أو ترفض الإملاءات المتوقعة من النظام الجديد لها.

وبالفعل تحقق ما أراده السيسي، وأعلنت جميع وسائل الإعلام تأييدها ومباركتها لـ"ثورة 30 يونيو" وظهر إعلام الصوت الواحد، الذي كان سائدًا، ولم يعد من المستغرب أن يتشابه خطاب الصحف والقنوات وتغطياتها لما يحدث، لدرجة أنها باتت تقدم نفس المحتوى تقريبًا، وأصبح مكررًا خروج الصفحات الأولى من الصحف وهي تحمل نفس العناوين.وكان مسك الختام، التسريب الذي نشر لمكالمة بين اللواء عباس كامل، والعقيد أحمد علي، المتحدث العسكري في ذلك الوقت، وهما يتحدثان عن "الواد يوسف الحسيني والبت عزة مصطفى والناس بتوعنا في الإعلام" ويملي عليه ما يجب أن تقوله الصحف والبرامج التلفزيونية بالحرف، وهو ما ينسف فكرة استقلالية الإعلام المزعومة ،ومنذ تقلده منصب الرئاسة، يحرص السيسي دائمًا على الاجتماع بصورة دورية برؤساء تحرير الصحف ومذيعي البرامج التلفزيونية، ولا يمل من توجيه التعليمات إلى الإعلام، وكيف يمكن أن يعالج القضايا المختلفة.

قضاء مسيس جائر وداخلية تفعل ماتؤمر :شاهين، مدير مكتب السيسي عباس كامل، والمنقلب نفسه سجل لهم أثناء نقاشهم حول كيفية "إصلاح ضال" فى ثوب التزوير لمشكلة قانونية كانت قد نشأت جراء إعتقال الرئيس المختطف، فوفقا للقانون المصري، تم احتجاز محمد مرسي مبدئيا بشكل غير قانوني في ثكنة عسكرية بدلا من سجن يخضع لإدارة الوزارة الداخلية، وكما اعترف شاهين نفسه، فإن وكلاء النيابة التابعين للحكومة إذا خسروا تلك المسألة، فإن كل الاتهامات الموجهة ضد مرسي سيتم طرحها، لأن اعتقاله وفقا للقانون المصري سيكون قد تم إعلانه بشكل غير قانوني، لذا كان شاهين وكامل وآخرون مشغولين بمحاولة استصدار قرارات من وزارة داخلية بتاريخ متقدم لتحويل الثكنة العسكرية في قاعدة أبو قير البحرية (بالقرب من الإسكندرية) إلى سجن، وتزويدها بسجلات زيارة ومجموعة من ضباط السجون، ولإضفاء اللمسة النهائية للموثوقية، فقد تمازحوا حول تزويدها بزنزانة التعذيب الخاصة بها.

التسريبات ودول الخليج : تسبب التسريبات الأخرى التي ينظر فيها السيسي وكامل إلى المانحين الخليجيين باعتبارهم "أنصاف دول"، ضررا أكبر للآذان الإقليمية ، وتم التلفظ فيه بألفاظ نابية وأسلوب مؤامراتي وعصاباتي يفتقر لأدنى لياقة خاصة حينما يرتبط الأمر بدول إقليمية، فدول الخليج تم نعتها بأنها «أنصاف دول!»، وأنها «تغار منهم!»، وأنها «لا تستحق النعمة وعايشين حياتهم بالطول والعرض»، وأن شعب مصر يعاني من ويلات الجوع والفاقة و «متنيل بستين نيلة» ، وأن فلوس دول الخليج «متلتلة وزي الرز»! ،عدا عما ذكر من كلام معيب في دولة قطر وفي حق أميرها ، مصر وعلاقاتها وفق "عباس" مع الخليج، تتم وفق مبدأ «هات وخد»؟ ، ولزم على مصر ومن الآن تطبيق مبدأ الابتزاز مقابل المواقف؟،عموماً، نظرة احتقارية هذه المرة لدول الخليج؟!.

هذه صورة تقريبية لدولة التسريبات ترسمها كلماتهم ، فهل هذه الدولة التى نريد ،تتصرف فيها السلطة خارج إطار القواعد والقانون؟! ، ولا تسير فيها السياسات وفق استراتيجيات، بل هى أحلام وأمانى ورغبات ، والتعامل مع عموم الناس والجماهير إما بمنطق "تلبيس العمة" ، فمن أبى لم يكن له إلا المطاردة أو الاعتقال أو القتل "بمنطق الغابة" ، نحن أمام تعامل بمنطقين إما "منطق العصابة" أو "منطق الغابة" خارج إطار كل قاعدة أو قانون ،لا مؤسسات ولا وظائف ولا أدوار ،عصابة مغتصبة تحكم وتتحكم تطغى وتستبد لا تعرف إلا التحكم بالقطيع إما بالترويع أو التطويع أو التركيع أو التجويع ، قضاء مسيس جائر وأمن قامع باطش، وعسكر حاكم طاغٍ وإعلام إفك فاجر تاجر، وشعب يريدونه غائبا مغيبا وعصابات بعضها يقتل ويروع ، وبعضها يمارس فسادا ويسرق ، فهل هذه الدولة التى نريد ، إن "ثورة يناير" يجب أن تصوغ "دولة يناير" التى تريد.

المصدر