سيف عبدالفتاح يكتب: الاحتفال بعيد العمال على طريقة السيسي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سيف عبدالفتاح يكتب: الاحتفال بعيد العمال على طريقة السيسي


(5/3/2015 )

سيف عبدالفتاح

في إطار الاحتفالات الفاشلة التي يقوم بها النظام الانقلابي وباعتبار أن تلك الاحتفالات كانت سابقة على تلك المنظومة الانقلابية، فإن الدولة كما يراها المنقلب أربعة أركان؛ أجهزة أمنية، وجيش، وقضاء، وإعلام ، أسقط المنقلب عن عمد "شعب" مصر بكل مكوناته لأنه ليس في حسبانه الشعب فى حسبانه حينما يطالبه بحشد أو تفويض ليحقق مآربه فى "اللقطة" ثم يقوم ب"تلبيسهم العمة"، أو أن هذا الشعب يقوم بالشحاتة عليه لا من أجله، الشعب وفق وصفه المعتمد "شعب جعان ومتنيل بنيلة " ويقع العمال على رأس القائمة، ليمارس المنقلب مزيدا من الإغفال والإهمال، يأتي عيد العمال وقبل عدة أيام منه يحتفل المنقلب بهذا العيد في أكاديمية الشرطة، وحينما تنتقل الأمور إلى أكاديمية الشرطة فإن الأمر غالبا ما يتعلق بمسائل أمنية وتأمينية، وفي إطار يتعلق بعسكرة الاحتفالات ليس ذلك أمرا مستغربا أن يحتفل بعيد العمال من غير عمال حقيقيين، إلا من حفنة من هؤلاء الذين يدبجون المديح والنفاق للمنظومة الانقلابية ورئيسها المنقلب.

وها هي المؤسسات التي تحدث عنها المنقلب باعتبارها الدولة تقوم بكل عملها في مناهضة الشعب وحقوقه، ومناهضة عموم الناس لرفع معاشها وتحسين حياتها، فهذا قرار من وزير المالية ينفي أن يتم صرف علاوة اجتماعية لهذا العام، يرفع المنقلب المستبد مرتبات العاملين التابعين لوزارة العدل وكذا الشرطة والجيش أكثر من مرة، ويقيم الاحتفالات ويقوم بالانفاق ببذخ عليها ، إلا أنه حينما يطالبه هؤلاء من هذا الشعب البسيط من عماله وموظفيه فإن الرد المباشر ضمن سلسلة "مفيش" "معنديش" "مش قادر أديك"؛ هي مفردات خطابه الذي يصدره مواجهة المطالبات والحقوق التي تتعلق بالبسطاء من شعب مصر، مطالبهم ليست بالكبيرة واحتياجاتهم ليست بالكثيرة ولكنها من الضرورات التي تتعلق بمعاشهم ومواجهة تحدياتهم.

وإذا كانت تلك هي الحكومة التي تصدر سياسة "مفيش" للتعامل مع المطالب الشعبية فإن الجهات الأمنية لم تأل جهدا سواء بشكل مباشر أو عن طريق وسائطها من بلطجية ومن خلال حوادث مدبرة فى مواجهة تلك الإضرابات والمطالب العمالية بكل بطش وبكل وسائل القمع وتحاول أن تجعل من تلك الاضرابات في واقعها عملا مجرما شأنه شأن الاحتجاجات والظاهرات الأخرى، ومن هنا فليس من المستغرب أن ترى تلك الأجهزة تفرق اعتصاما أو تختطف عمالا حتى يصل الأمر تزامنا مع الاحتفال بعيد العمال إلىتعرض عمال شركة المشروعات الصناعية والهندسية بمدينة نصر في يومهم السادس للاعتصام بمقر الشركة بمدينة نصر، بعد تنظيمهم عددًا من الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء ومقر إدارة الشركة بميدان طلعت حرب؛ احتجاجًا على عدم صرف مرتباتهم المتأخرة منذ 6 أشهر، بعد تجاهل إدارة الشركة تنفيذ مطالبهم، لكن دون استجابة، إلى إطلاق نار من أحد المجهولين رغم أن أجهزة الأمن تؤمن الاعتصام ووفقا للعمال الذين صرحوا لوسائل الإعلام فإنهم قد تعرفوا عليه فقد كان هذا الشخص منذ يومين يقف ويتحدث إلى قوات الأمن التي لم تتحرك للقبض عليه أثناء إطلاقه النار على العمال؛ في محاولة منه لإرهابهم وفض اعتصامهم.

ومن العجيب حقا ألا تقوم وسائل الإعلام التي اعتادت على تزييف الأمور ونشر الإفك فيما يتعلق بحركات احتجاجهم وعدم الوقوف خلق مطالبهم أو حقوقهم ولا نرى مشهدا واحدا في تلك القنوات الانقلابية الرسمية منها والخاصة أي تفاعل ايجابي مع الطبقة العمالية أو مطالبها وحقوقها فقط قامت بعض القنوات التلفزيونية بمتابعة مظاهرات العمال في ميدان التقسيم في إسطنبول بتركيا، وهو أمر معهود يقوم به العمال كل عام في ميدان التقسيم خاصة هؤلاء الذين يمثلون مطالب عمالية أو يمثلون أيديولوجيات يسارية، من المؤسف حقا أن يهتم هؤلاء بتلك الاحتجاجات ولا يلقون بالا لاحتجاجات العمال المصريين بكافة فئاتهم وكذا الموظفين للمطالبة بحقوقهم وممارسة احتجاجاتهم بالمطالبة، أو بالاحتجاج أو بالتظاهر أو بالاعتصام والاضراب، وهو أمر يتعلق بجملة خيبة الأمل من جانب الفئات العمالية لمنظومة انقلابية لم تعد تقوم إلا بكل دورفي البطش والقمع عودة إلى الدولة البوليسية القمعية ودولة الفاشية العسكرية، هاهو الإعلام يمارس زيفه وإفكه ولا يحاول بأي شكل استعراض مظاهر الاحتجاج العمالية ليس بالتأييد ولكن بحيدة مطلوبة ولاشك أن تلك المواقف تزيد من مصانع الغضب ومعامله لدى عمال مصر.

قبل أيام أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكما نهائياً بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش، في حالة الإضراب، أو الاعتصام داخل منشآت العمل. وجاء في حيثيات حكم المحكمة أنها "استندت إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وفقا لقاعدة درء المفاسد، المقدم على جلب المنافع".

وبالتالي، يؤدي الإضراب إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع المرفق العام، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. بل الأدهي والأمر أن المحكمة رأت أن "الإضراب يخالف الفقه الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية، واعتبرت إضراب الموظفين جريمة وطاعة الرؤساء في العمل واجبة".

حكم المحكمة الإدارية العليا الذي يجرم حقا ويحرم حلالا أو مباحا من غير أي مسوغ وفي محاولة من هذا الحكم الذي يصادر هذا الاضراب ثم يربطه ببيت القصيد لديه في طاعة أولي الأمر فماذا عن أداء الحكام لكل ما يتعلق بواجباتهم حيال عموم الناس في قضاء حوائجهم وتيسير معاشهم وتسهيل كل ما يتعلق بتدبير شؤون حياتهم أيجب طاعة الحكام فقط وهم لا يقومون بأدنى الوظائف في تمكين الناس من معاشهم وحينما تحاول تلك المحكمة الإدارية أن تجد المخرج من نصل دستوري صريح بالحقوق التي تتعلق بالاحتجاج والاضراب فيحاول أن يلصق ذلك برأي الشريعة، والشريعة منه براء وبفهم عليل وكليل يصادر الحقوق والحريات، وحقوق المعاش والعمل بلا أدنى قيد أو شرط لمصلحة الحكام المستبدين المستهترين بمعاش الناس وما يقيم أودهم وما يرتقي بمستوى معيشة حياتهم.ضمن هذا السياق فهذه ثلاثة رؤى تتكامل فى بناء الصورة الكاملة لحكم تزامن مع الاحتفال.

يقول شيخ أزهرى* راعه التدليس على الشريعة ظلما وافتراءً وعدوانا "لقد وضع الإسلام قواعد العلاقة بين العامل أو الموظف وصاحب العمل، وعلى كل من الطرفين أن يلتزم بها، فما نص عليه العقد من حقوق وواجبات على كليهما أن يلتزم بها عملا بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة: 1، وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما، أو حرم حلالا"، وبمقتضى أداء العامل أو الموظف لعمله، يستحق مباشرة أجره حسب الاتفاق .

ويقول صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفـّه أجره". فإذا ماطل صاحب العمل في إعطائه حقه، كان ظالما، وللعامل أن يتخذ كل وسيلة مشروعة لنيل حقه، سواء بالتقاضي، أو بالتظاهر، وأخيرا بالإضراب عن العمل، فليس مقبولا إذن افتراء المحكمة الإدارية العليا على الشريعة الإسلامية، وادعاؤها أنها ضد الإضراب عن العمل".

وهذا رأى رصين لأستاذ اجتماع سياسى** قدير يؤكد أن هذا "الحكم ينطوي على مخالفة دستورية واضحة، ويعد نقضا لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر في ما يخص قوانين العمل والحق في الإضراب، أقحم "الشريعة"، بدون وجه حق، في تبرير هذه الجريمة الإدارية التي تحرم العمال من أحد أهم حقوقهم، وهو الحق في الإضراب.

استندت المحكمة، في حكمها، إلى القاعدة الفقهية الخاصة بدرء المفاسد وجلب المنافع، وكأنها ترى في "مصالح" المواطنين مفسدة، وفي سلطوية "رب العمل" وتعسفه مصلحة يجب حمايتها. يعكس حكم المحكمة الانتقائية التي يتم التعامل بها مع مسألة "الدين" والشريعة الإسلامية،بل إنه يدحض ما قاله السيسي، قبل فترة، فى أحد حواراته للصحافة الأجنبية، بأنه انقلب على مرسي، لأنه كان يسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

وهو قول فضلاً عن تهافته وانتهازيته، فإن حكم المحكمة يثبت عكسه تماماً،وجاء حكم المحكمة الإدارية في اليوم نفسه الذي كان يحتفل فيه السيسي مع "عماله" بعيد العمال. وكأن المحكمة تحاول مجاملة الجنرال على حساب العمال والموظفين.

بل الأكثر أنه يأتي في وقت يسعى فيه الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والمعروف دائماً بموالاته للسلطة والسعي إلى استرضائها على حساب العمال، إلى استصدار ما يطلق عليه "ميثاق شرف عمالي"، يرفض الإضراب، ويمنع العمال من حقهم الأصيل فيه، وهو ما صرح به رئيس الاتحاد، جبالي المراغي، في أثناء الاحتفالية.

وبحسب أحد الصحفيين الذين حضروا الاحتفال، كان المراغي يبالغ في "نفاق" الجنرال السيسي، إلى درجة أنه قال إن "العمال يتعهدون له بوقف الإضراب".

وهذا كاتب يسارى*** يدافع عن الحقوق والحريات متهكما وموضحا "شكرا لنيافة المستشار لبيب حليم الذى ضرب مثلاً لوحدة الأديان والوحدة الوطنية وكشف عن تحريم الشريعة الإسلامية للإضراب ...ولعنة الله على دعاة الحرية والديمقراطية الذين خدعوني طوال سنوات عمرى الماضية وجعلوني أسير فى طريق الحرام وأدعو للحرية والإضراب والخروج على الحاكم الظالم ".

نيافة الفقيه الشرعي المستشار لبيب حليم استند في حكمه على الشريعة الاسلامية فقال في حيثياته المقدسة " أحكام الشريعة الإسلامية استنت إلى قاعدة درء المفاسد المقدم على جلب المنافع، وقاعدة أن الضرر لا يزال بمثله، وأنه إذا كان الإضراب يؤدى إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع المرفق العام فإن الشريعة الإسلامية لا تبيح هذا المسلك لما فيه من إضرار بالمواطنين " ...

وهكذا نجد أن نيافته اعتبر أن الاحتجاج على الظلم, ونهب حقوق العمال, من المفاسد ، بينما وضع حقوق العمال وعرقهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم في درجة المنافع التالية لدرء المفاسد والتي يراها نيافته فى الإضراب والاعتصام وكأنه يقول للعمال " جوعوا لنعش نحن " نيافة المستشار لبيب حليم, هذه ليست شريعتنا بل هي تفسيرك الذى خالف الدستور المصري فى مادته رقم 15، وهو تفسيرك الذى خالف شريعة البشر منذ عهود ما قبل الميلاد وحتى الآن "."هم يا سادة يرون الشريعة الإسلامية مبرراً ومفسراً وطريقاً للظلم والاستغلال .. ونحن نراها دستوراً للجهاد ضد الفقر والجوع وظلم الحاكم . لكم شريعتكم ولنا شريعتنا".

هكذا يحتفل السيسي بعيد العمال على طريقته مستخفا بمطالب بسيطة ليست بالمعَجزة ومع ذلك يتجاهل كل ذلك يؤكد عليهم أن يجوعوا حتى يمكن بناء مصر ويتجاهل هذا المنقلب الحقيقة الكبرى أنه يقوم بالاغداق على كل من اعتبره الدولة، وإهمال واستخفاف بكل من يمثل الشعب ،فقط يُصدّر له خطابا ليس فقط "مفيش" ولكنه كذلك يمتد بهم إلى المطالبة بأن يجوعوا، ويتناسى أن أصحاب الفساد وأن كثير من الفئات تتغول على كل ثروات وموارد مصر حتى أتخمت وبدا الإفقار في بر مصر صناعة إنقلابية ولا يقومون إلا بكل تقتيرعلى شعب مصر وإسراف على كل ما يتعلق بتمكين دولة الفساد والاستبداد، ويتناسون القاعدة الذهبية أنه ما جاع من فقير إلا بما متع به غني، ويتناسون شعارأ أبديا يحفظه تاريخ المصريين محفور فى ذاكرتهم" ضد الفقر.. ضد الجوع ، الإضراب مشروع مشروع "،يعبرالعمال المعتصمون فى عبارة بليغة" أن أحد العمال حاول الانتحار، بعد أن يئس من الحصول على مرتبه لإطعام أولاده، ولكنه أصيب بغيبوبة كبدية، وتم نقله إلى المستشفى في سيارة إسعاف ،وأشار أحدهم إلى أن عيد العمال يمر عليهم هذا العام وكأنه"عيد الموت" بعد عدم حصولهم على مرتباتهم وتشريد أسرهم" إنها رؤية الاحتفال على طريقة السيسى بعيد العمال في مقام الاهانة والاستهانة والمهانة والاستخفاف بعمال مصر ومعاملتهم كسقط متاع، فهل هذا هو الاحتفال بعمال مصر؟!!.

المصدر