سمير العيوطي يكتب: صولة الأنصار والرد المُنهار
بتاريخ : الثلاثاء 18 نوفمبر 2014

بعد فيديو "صولة الأنصار" الذي أرق الجميع وأرعب وأحزن الكثيرين، وبعد هذه المشاهد الموجعة التي ألمتنا جميعاً، وهذه السيطرة الوافية من قبل تنظيم " ولاية سيناء " أو جماعة "أنصار بيت المقدس" سابقاً.
والذي ينقل لنا تصوير بعض العمليات التي قام بها التنظيم في مختلف المناطق الحدودية، وإعلانه صراحة عن مسئوليته عن مذبحة "كرم القواديس"، كان هذا الفيديو بمثابة رسالة تحدي من "ولاية سيناء" لا لأي فصيل يماثلها في مصر ولكن لــ "الجيش المصري".
ونظراً لحساسية موقف الجيش بعد هذه الرسالة القوية والصادمة، ظل الجميع، سواء مؤيدي الجيش أو معارضيه، ينتظر الرد الشافي من المؤسسة العسكرية على هذه الرسالة.
وكان من المتوقع، أن يكلف رئيس الدولة بشخصه، وزير الدفاع بالرد على هذه الرسالة، وانتظرنا جميعاً أن يخرج علينا المتحدث العسكري ليلتها ببيان يوضح الأمر، ولكننا فوجئنا جميعا برئيس الدولة.
يكلف وزير داخليته بحضور ما تش " مصر – السنغال "، الذي تكبدنا فيه الخسارة على أرضنا، دون التعليق على الفيديو الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وشغل الرأي العام حتى عن الاهتمام بالما تش. ثم بفضل الله خرجت علينا المؤسسة العسكرية فى اليوم التالي بالرد على تلك المذبحة.
ولكن وعلى غير المتوقع لم يكن الرد من خلال بيان رسمي يقدمه المتحدث العسكري بنفسه، بل كان الرد من خلال فيديو هزيل مهترئ يزيد الفاجعة أضعافاً، ويحمل بين لقطاته دلالات خطيرة تدل على ضعف ووهن وسطحية المؤسسة العسكرية.
1-عدم رد الجيش على هذا الفيديو الكارثي "صولة الأنصار" ببيان قوى وتفصيلي دقيق يوضح الوضع الأمني الحقيقي، وقوة سيطرة الجيش في هذه المنطقة، مع تفنيد أسباب هذا الاهتراء الأمني في سيناء، والذى مكن أنصار بيت المقدس من تنفيذ هذه العمليات وتصويرها بمنتهى الأريحية والدقة، يمثل كارثة حقيقية.
2-الكارثة الثانية، عندما يقوم الجيش بالرد بفيديو يحمل اسم "رساله الجيش المصري من سيناء"، وكأنها واحدة بواحدة وسنرى من الأقوى .. هنا نتوقف كثيراً
أولاً: ليس من المنطق ولا المعقول أن يضع جيش الدولة نفسه نداً أو خصماً متساوياً مع أي تنظيم، مهما بلغت قوته .
ثانياً: يا جيش مصر، عندما تتنازل وتهوى بهيبتك لتنافس تنظيم ما، فعليك إن لم تهزمه في المنافسة من الضربة الأولى، على الأقل أن تقترب إلى منافسته على طريقة الأهلي والزمالك مثلاً، ولا تصدمنا بهذا الفيديو المهترئ السابق ذكره على طريقة أسمنت أسيوط والبرازيل.
ثالثاً: بعد هذا السحق الذي أوديت بنا وبنفسك فيه بهذا الفيديو الخالي تماماً من أي مشاهد قوية تثبت قوتك وسيطرتك على أرض سيناء بما يتناسب مع الفيديو المقابل.
كنا ننتظر على الأقل إنتاج فني مكتمل الأركان حتى ولو بالكذب، يهدأ من روع من ارتعدت فرائسهم من الرسالة الأولى لخصمك كما قررت أنت (أنه خصمك).
ليس بأن تصدمنا مرتين، الأولى بانعدام الحجة وضعف الرد، والثانية بالأخطاء الفنية الفادحة مثل ظهور الإحداثيات الواضحة في شاشة الطيران والتي أثبتت أنها ليست فى سيناء ولكن تقع داخل الصحراء الغربية جنوب مدينة سيوة بحوالي 79 كم وداخل الأراضي المصرية بحوالي 45 كم.
3-عندما نجد هذا الخصم البدوي الذي ولد وعاش وتربى في البادية السيناوية (الصحراء) ينشر فيديو أكثر من نصف ساعة أشبه بفيلم الجزيرة 2، في إثارته وإبراز ملامح القوة والجبروت دون أن يؤثر ذلك على كامل التقنية الفنية والمونتاج.
خاصة بعد أن علمنا أن الوجه الوحيد الذي ظهر واضحاً وتم تحديد ملامحه بدقة في الفيديو لحظة حرق بوكس الشرطة وقتل العساكر المساكين، قد قُتل فى احدى العمليات السابقة، أي أنه لم يعد يمثل أي خطراً عليهم، كل هذا يؤكد لنا أن خصمك ليس درويشاً ولا أبلهاً وأنك لست على قدر المنافسة.
4-ماذا تفعل بتهجير أهالي سيناء العزل ؟؟ سؤال يطرح نفسه بقوة، وهل هذا التهجير على غرار الطبيب الفاشل الذي لا يستطيع تحديد مكان أو نوع المرض فيؤثر الاستئصال، ثم يتبين له بعد ذلك أن ما تم استئصاله خالي تماماً من الأمراض.
وأن المرض يضحك وهو ينهش في عضو أخر في الجسد، أم أنه على غرار (المثل اللي بيقول مقدرش على ........ اتشطر على ......) وكلنا يعرف المثل جيداً.
5- هذا الفيديو يضع الدولة بأكملها في مكاشفة حقيقية، وهى أن ما تم تداوله عن تسليح جماعة الاخوان وأنصارها في اعتصام رابعة والنهضة وما تبعهما من احتجاجات.
وتهليل وسائل الإعلام به ليل نهار ليس صحيحاً، لأن المواطن قد يقارن بكل بساطه بين أعداد المعتصمين في الاعتصامين والمتظاهرين في الشوارع، وبين من ظهروا في الفيديو.
ويسأل نفسه إذا كان هذا العدد البسيط وبهذا السلاح الخفيف استطاع فعل هذا بالجيش، ماذا لو كانت كل هذه الأعداد الموجودة بالاعتصامات والاحتجاجات أيضاً مسلحين، بالطبع ستكون النتيجة على غير مانحن والجماعة فيه الآن، وهذا ينفى عنهم تهمة التسليح والإرهاب.
كانت هذه الفرصة بالنسبة لمؤسسة عسكرية منوط بها حماية البلاد، وعليها خلاف بسبب ممارساتها في الفترة الماضية، فرصة ذهبية، إذ أعطتهم مساحة من الرغبة والفضول والانتظار لدى الشعب في الاستماع إليكم وفهم ما يجرى من خلالكم والاقتناع بما هو مرفوض بالنسبة لكثير منهم منذ فترة من جانب.
والسخط والغضب من منفذي هذه العمليات والدماء الصادمة في الفيديو من جانب أخر، أما بعد هذا الرد المقيت، فقد خزلتم حتى من يؤيد الجيش دون تفكير.
وأخيراً على الجميع أن يتوقف فترات وليست لحظات، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد، لقد دخلنا في غيابة الجُب والظلمة تشتد وتزداد ظلاماً.
وهناك من لا يزالون لا يقدرون وضعنا المأسوي الصادم الذي نحياه، ولا يدركون حقيقة مانحن مقدمون عليه من ضياع ودمار، ومازالت أجهزة الدولة تمارس قمعها وتضرب بسوطها كل من انتقد أو عارض، لا تعلم أنها بذلك تمنح الكثير من الشباب الذى أصابه اليأس، تأشيرة مرور للفكر التكفيري الانتقامي، الذى قد يرد له ما سلبته منه الدولة من بقايا الكرامة والانسانية.
"عودوا إلى رشدكم فلم يعد من الوقت متسع"
المصدر
- مقال:سمير العيوطي يكتب: صولة الأنصار والرد المُنهار موقع: إخوان الدقهلية