زوجات معتقلي الإخوان بالدقهلية: اعتقال أزواجنا جائزة من الله
محتويات
مقدمة
- السجين الجنائي يقابل زائريه والمعتقل السياسي ممنوع
- ما يؤلمنا فقط انتهاك حرمات البيوت وتفزيع الأطفال
- ليس هناك أي تغييرٍ في فكرنا أو منهجنا
إحساس عجيب شعرتُ به عندما توجهتُ لمقابلة زوجات قيادات الإخوان المسلمين بمحافظة الدقهلية المعتقلين - والذين تمَّ اعتقالهم في حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت قيادات وأفرادًا من الإخوان في أكثر من محافظة - وكانت مشاعر غريبة قد انتابتني وأنا ذاهب لإجراء أحاديث معهن وبأي حال يمكن أن أقابلهن، وبأي كلامٍ أبدأ حواري معهن، وسرعان ما تغيَّر هذا الإحساس عندما قابلتُ زوجة المهندس محمد زكريا- رئيس قسم السيارات بمدارس الهدى والنور- وهو أب لولدين هما باسل في الصف الرابع الابتدائي وروان في الصف السادس الابتدائي.
وروت لنا زوجته ملابسات ووقائع الاعتقال فجر رابع أيام عيد الأضحى، مؤكدةً أن زوجها كان مرهقًا جدًّا نتيجة المجهود الذي بذله طوال أيام العيد فيما يتعلق بذبح الأضحية وخدمة المحتاجين، وهو ما دفعه للنوم مبكرًا في هذا اليوم، وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل كان هناك مَن يطرق باب الشقة، ورن الجرس بصورةٍ غير معهودة وعندما فتح المهندس محمد الباب بعد أن استيقظ مفزوعًا من هذه الطريقة وجدهم رجال الأمن
فاستأذنهم وذهب وتوضَّأ وطلب مني مصحفه وبعض الملابس، ثم أخذوه وذهبوا ولا أعلم إلى أين ذهبوا به حتى أبلغني أحد الإخوان أنه موجودٌ بقسم أول المنصورة ، وعندما سألناها عن الأحراز الموجودة في القضية، وهل أخذتها قوات الأمن من الشقة؟ .. نفت زوجته أن تكون هذه الأحراز قد تمَّ الحصول عليها من الشقة أثناء التفتيش، مؤكدةً أن قوات الأمن لم تفتش الشقة من الأساس وكل ما أخذوه كان عبارة عن كتاب عن فلسطين وتهنئة بالعيد ولا أعلم من أين أحضروها؟!.
وانتقدت زوجة المهندس زكريا جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان، وقالت لمَن يتشدقون بالحرية وحقوق الإنسان والطفل أن يراعوا حقوقنا وخصوصًا، وأننا كنا في العيد، كما أن زوجي إن كان على ذمة قضية فلماذا يتركونه مع المجرمين؟!.
وأنهت حديثها معنا قائلةً: "أقول ما تردده والدته دائمًا حسبنا الله ونعم الوكيل"؛ لأنني أعتبر اعتقاله منحةً من الله، والمحن تجعل الإنسان أقرب إلى الله، وهي جائزة من الله عز وجل، ونحن زوجات الإخوان لا بد أن ننجح في هذا الامتحان الرباني، واطمئنوا كلنا ثبات ولنا الأجر بإذن الله.
تهديد الأطفال
ومن أسرة المهندس محمد زكريا إلى أسرة الدكتور محمد عبد الرحمن استشاري أمراض القلب بمستشفى شربين العام، وهو أب لثلاثة أبناء هم: ياسر في الصف الثاني الثانوي وهالة في الصف السادس الابتدائي ومريم في الصف الرابع الابتدائي.
وبنفس الثبات والإيمان والثقة في قضاء الله التي تحدثت به زوجة المهندس زكريا، كان كلام زوجة الدكتور محمد عبد الرحمن، والتي أشارت إلى أنه قد سبق اعتقال زوجها ثلاث مرات قبل ذلك فقد اعتقل في 15/5/2004م، وفي 14/5/2005م ثم في شهر ديسمبر 2005م، وتروي لنا وقائع الاعتقال قائلةً: في الساعة الواحدة والنصف من صباح رابع أيام عيد الأضحى المبارك وجدنا قوات مباحث أمن الدولة تطرق الباب
وعندما فتحنا وجدناهم بالصالة، فاستيقظ د. محمد وأخذ يجهز ملابسه وذهب ليتوضأ، وفي هذه الأثناء وقف ضابط أمن الدولة يخطب فينا عن مساوئ الإخوان المسلمين ، وأنهم لا يريدون إلا أن يصلوا إلى الحكم، واستكمل قائلاً: كل واحد يربي أولاده ويخليه في نفسه وتوجه لابني مهددًا إياه وقال له: إن والدك هو اللي أتى بي إلى هنا وأنت خليك في حالك أنت وأخواتك، ووقف ودعا على الإمام الشهيد حسن البنا وقال: "منه لله هو السبب"!!.
ثم أخذ زوجي د. محمد ووعدنا أنه في الصباح سوف يرجع، وهذه هي المرة الأولى التي لم يقوموا بتفتيش البيت، ولكن لأول مرة يقومون بطرح هذا الكلام داخل البيت، على عكس العنف الذي مارسوه في المرة السابقة، والذي أدَّى إلى كسر قدم زوجي، إلا أننا فوجئنا أنه وفي محضر الاعتقال وطبقًا لعادتهم في الكذب قالوا إنهم قد اعتقلوه من الشارع.
وعندما سألتها عن أحوالها وأولادها بعد الاعتقال، وهل كان لكلام الضابط تأثيرٌ عليهم قالت وهي تبتسم ابتسامةً خفيفةً: إن الكلام الذي قاله الضابط لن يكون له أي تأثير علينا؛ لأننا والحمد لله صابرون محتسبون، لكن هذا انتهاكٌ لحرمات البيوت وعدم الإحساس بالأمان، والبحث المرير عن ولي الأمر في الأقسام حتى عرفنا أنه في قسم أول المنصورة ، وكل مرة بتهمة جديدة مرة في مظاهرات الإصلاح ومرة انتماء لجماعة الإخوان المسلمين ، وكل مرة تكون قبل امتحانات الأولاد، وهو أمرٌ ليس باليسير، ثم تساءلت: كيف تكون جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بـ 88 عضوًا بمجلس الشعب ثم يقولون إنها جماعة محظورة؟!.
ظروف الزيارة
أما د. حامد منصور- استشاري الجلدية بمستشفى المنصورة العام والذي يبلغ من العمر 52 عامًا- فقد سبق أيضًا اعتقاله من قبل مرتين واحدة عام 93 لمدة شهر، ثم في قضية سلسبيل لمدة 6 أشهر، وتقول زوجته إنهم هذه المرة كانوا مؤدبين على غير العادة ولم يعبثوا بالبيت كما سبق، وتضيف أنها لم تتأثر بظروف الاعتقال كما تأثرت بظروف الزيارة والمعاملة.
مؤكدةً أنها لم تتمكن من زيارة زوجها إلا بعد اعتقاله بفترةٍ كبيرة، بل وبعد إجراءات مريرة في أقسام الشرطة والشعور بالمهانة من كل مَن يقابلنى بدايةً من أمين الشرطة حتى أكبر ضابط، وتضيف: لم أجد فيهم إلا الكذب، إلا أنه يوجد أيضًا منهم مَن وقف بجانبنا وسهَّل لنا إجراءاتِ الزيارة وأنا أشكرهم لحسن معاملتهم، وقد رأيت المحبوس الجنائي وهو يستطيع مقابلة ذويه أما نحن فلم نرهم إلا من وراء الأسوار وهم معتقلون سياسيون، وتطالب المسئولين بتحسين حالة الزيارة لرفع معنويات الأهالي والمعتقلين، مؤكدةً أنَّ ما حدث منحة من الله تعالي، وأنه وحده القادر على أن يُنجيهم من ذلك الابتلاء.
وأكدت أنه حتى بعد إطلاق سراح زوجها لن يكون هناك أي تغييرٍ في فكرهم أو منهجهم أو حياتهم، وأرجعت السبب ببساطة إلى أنه لم يفعل شيئًا خطأًً يتوجب عليه أن نقف وقفةً مع أنفسنا؛ فنحن على الطريق الصحيح.
وفي نهايةِ حديثها وجهَّت كلمةً إلى كلِّ جمعياتِ حقوق الإنسان قائلةً: أناشد جميع جمعيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل أن تتحرك لتجريم مثل هذه الإجراءات للمعتقلين السياسيين؛ لأن ما تمارسه الشرطة هو الخطف، فكيف أُربي أولادي وقد رأوا والدهم يُخطف من بينهم؟، إنني أريد أن أربي شخصًا سليمًا وأريد قانونًا يحافظ على حقوقنا المسلوبة والتي كفلها لنا الدستور والقانون
المصدر
- مقال: زوجات معتقلي الإخوان بالدقهلية: اعتقال أزواجنا جائزة من الله موقع إخوان برس