زبالة (2)
بقلم : معتصم حمادة
هذه المرة لا تكمن المشكلة مع بعض الوزراء في الحكومات اللبنانية، المحكومين بعقلية التمييز العنصري، والذين ينظرون إلى الفلسطيني باستعلاء، وكأنه ليس آدمياً يستحق الحياة الكريمة، كما يستحقونها هم.
هذه المرة تكمن المشكلة مع وكالة الغوث (الأونروا). فمنذ أن نزح أبناء مخيم نهر البارد عن منازلهم، تحت وطأة القتال الدائر هناك بين الجيش اللبناني وعصابات العبسي، وهرباً من موت مقيم، وهم يعلنون عزمهم على العودة إلى منازلهم حتى ولو كانت مجرد أنقاض.
وقد قالت واحدة من النازحات أنها على استعداد لإزالة الأنقاض والأتربة بأظافرها وأن تعيش فوق الأطلال، لكن أعيدوها إلى منزلها حتى لا تقضي حياتها مشردة.
ويبدو أن وكالة الغوث (الأونروا) صدقت ما قالته المرأة الفلسطينية النازحة من مخيم نهر البارد.
لذلك لم تتخذ أية إجراءات ذات قيمة تمهيداً لعودة النازحين رغم أن المشاورات بين الأطراف المعنية ومنها الأونروا، خلصت إلى ضرورة إعادة النازحين، كدفعة أولى، إلى البيوت التي ما زالت تصلح للسكن، رغم ما لحق بها من خرب ودمار لذلك عاد النازحون (أو بعضهم) إلى البارد. وكانت الصورة على الشكل التالي:
1) بيوتهم مدمرة، ومحترقة، وجدرانها عارية. النازحون هم الذين قاموا بأنفسهم بتنظيف منازلهم وإزالة الأتربة منها.
أما عمال الوكالة (النظافة وغيرهم) فقد وقفوا ساكنين وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب أو من بعيد.
جاء متطوعون من جمعية الغد التابعة لاتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني، وجمعية النجدة الاجتماعية، وجمعية التضامن، وعملوا مع النازحين لترتيب أماكن إقامتهم، أما عمال الوكالة وموظفوها فلم يأتوا.
تركوا النازحين لمصيرهم.
2) حمل النازحون معهم فراشهم وأغطيتهم، لكنهم حلوا في أماكن جرداء (لا ماء ولا مراحيض ولا شيء من هذا القبيل).
الوكالة تقاعست عن تأمين هذه الاحتياجات ولم تؤمنها إلا بعد أكثر من أسبوعين على عودة النازحين. وذريعة الوكالة أنها لم تتلق أموالاً في برنامج الطوارئ، لتؤمن هذه الاحتياجات.
غريب أمر الوكالة.
وغريبة تصرفاتها.
عندما قررت نقل مقرها من فيينا إلى غزة، قدمت إلى المانحين مشروع موازنة.
أصيبت الموازنة بالعجز بقيمة ثلاثة ملايين دولار. ل
م تنتظر الوكالة أن يسدد المانحون هذا المبلغ، فاقتطعته من موازنة برنامجها العام، أي برنامج الخدمات الخاصة باللاجئين.
في لبنان، لم تستقطع أي مبلغ من الموازنة بذريعة ضبط النظام.
الفرق بين واقعة غزة وواقعة البارد أن القضية في غزة تتعلق بكبار الموظفين، وهم بشر من الفئة الأولى.
أما في البارد فالأمر يتعلق بناس <<زبالة>> هم النازحون الفلسطينيون.
وعلى هذا المناول تتصرف الوكالة.
المصدر
- مقال:زبالة (2)المركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات