رسالة أميركية بتوقيع الرئيس: المفاوضات المباشرة .. وإلا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رسالة أميركية بتوقيع الرئيس: المفاوضات المباشرة .. وإلا

2010-08-07

بقلم : أشرف عبد الكيرم

تصاعدت الضغوط الأميركية على الجانب الفلسطيني لـ«إقناعه» بالدخول إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. وكان لافتا أن المبعوث جورج ميتشل قد حمل معه هذه المرة (21/7) رسالة شفوية من الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تطلب فقط من الجانب الفلسطيني الموافقة على دخول «المباشرة» بل تضمنت تحذيراتها هي أقرب إلى التهديد في حال لم تجر الاستجابة لطلبها.

يتضح من ذلك أن الإدارة الأميركية قد أدارت ظهرها تماما إلى الأجندة التي ساهمت هي في وضعها على جدول أعمال المفاوضات غير المباشرة، ولم تستمع إلى اعتراضات الفريق الفلسطيني المفاوض التي استندت إلى عدم حصول أي تقدم في موضوعي الأمن والحدود بسبب تعمد الجانب الإسرائيلي عدم تقديم أي رد على استفساراته واقتراحاته تجاه هذين الملفين اللذين يشكلان جوهر النقاش في المفاوضات غير المباشرة. وكما السيناريو الذي سبق انطلاق «غير المباشرة»، تسعى إدارة أوباما إلى توظيف العامل الرسمي العربي ليكون إطارا مشجعا لإقناع الجانب الفلسطيني بالانتقال إلى «المباشرة» فورا في إشارة إلى اجتماع لجنة المتابعة العربية (29/7) وعلى أن تنطلق المفاوضات غير المباشرة في مطلع الشهر الحالي آب (أغسطس).

المستغرب هو أن تبني واشنطن تحذيرات للجانب الفلسطيني من مغبة رفض «المباشرة» على ما وصفته عناصر إيجابية في مشهد التسوية السياسية أنجزتها الإدارة الأميركية خلال العام ونصف العام الماضيين كمحصلة لضغوطها على تل أبيب (؟!)

فما هي هذه العناصر والمقدمات التي تجعل من المفاوضات المباشرة خيارا فلسطينيا «آمنا» وماذا عن جملة المحاذير (الإنذارات) التي وجهتها إدارة أوباما للفريق الفلسطيني المفاوض؟

مقدمات «مشجعة»

أوساط فلسطينية واسعة الإطلاع واكبت ما دار في اجتماع ميتشل مع الجانب الفلسطيني لاحظت أن المبعوث الأميركي عرض لخمس نقاط أساسية رأى أن شأنها أن تشجع الجانب الفلسطيني على القطع مع المفاوضات غير المباشرة والدخول بطمأنينة إلى «المباشرة» وتتلخص هذه العوامل بالنقاط الآتية:

• حرص ميتشل على أن يضع الجانب الفلسطيني أمام استخلاص يقول بأن أوباما هو الرئيس الأميركي الأكثر التزاما بإقامة دولة فلسطينية، وأن إدارته معنية بمساعدة الفلسطينيين على تحقيق هذا الهدف في حال وافقوا على الدخول إلى المفاوضات المباشرة و«نصح» بالموافقة لأنه في حال تم عكس ذلك فإن إمكانية المساعدة ستكون معدومة.

• وأضاف ميتشل أن إدارة أوباما استطاعت أن تخفض منسوب النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية بما لا يقارن مع ما استطاعته إدارات أميركية سواها خلال العقدين الماضيين، وأنه من شأن الدخول في المفاوضات المباشرة أن يعزز جهود إدارة أوباما من أجل تمديد فترة تجميد النشاطات الاستيطانية. واستخلص ميتشل بأنه في حال الرفض الفلسطيني فإن تأثير واشنطن على نتنياهو وحكومته بهذا الخصوص سيكون معدوما.

• أبلغ ميتشل الجانب الفلسطيني بأن إدارته «تتوقع» (؟) أن تشمل المفاوضات المباشرة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس والبحر الميت والأراضي الحرام (بحسب تسميته) وقطاع غزة ولاحظت المصادر واسعة الاضطلاع أن قضايا أساسية لم يجر ذكرها على لسان المبعوث الأميركي وأبرزها قضية اللاجئين الفلسطينيين.

• أشار المبعوث الأميركي إلى أن معظم الطلبات الفلسطينية من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة قد تم تحقيقها، وأن الإدارة الأميركية معنية بمتابعة هذا الموضوع.

• نغمة إجراءات بناء الثقة كانت خاتمة الحوافز الأميركية فتحدث ميتشل مطولا عن إطلاق سراح أسرى وإزالة حواجز وتوسيع صلاحيات السلطة في بعض مناطق الضفة الفلسطينية وتسليمها عددا من المراكز والمؤسسات الفلسطينية التي تم إغلاقها من قبل الاحتلال الإسرائيلي في العام 2002 أثناء عدوان «السور الواقي»

وبعد تقديم هذه الجرعات المشجعة أشار ميتشل إلى أنه «حان الوقت للذهاب إلى المفاوضات المباشرة» منبها (إقرأ محذرا) من أنه لا مجال للتردد في اتخاذ قرار الموافقة باعتباره «قرارا إيجابيا وشجاعا».

جرعات دعم... أم ضغط إضافي؟

الجعبة الأميركية لم تفرغ بعد، ولكن ما قدمه ميتشل استتباعا بعد النقاط السابقة يحمل في آن معا عاملي الضغط والتشجيع عندما تناول الدورين العربي والدولي في مسألة التسوية السياسية وخصوصا في موضوعه المفاوضات المباشرة.

• فعند الحديث عن الدور العربي أشار ميتشل إلى أن الرئيس أوباما وإدارته سوف تعملان على «إقناع» الدول العربية بمساعدة الرئيس عباس وتشجيعه على الذهاب إلى المفاوضات المباشرة. وكان واضحا أن هذا الطرح يعني ممارسة الضغط الأميركي بالتوالي على العرب ومن ثم الفلسطينيين دون أن يمنع ذلك ممارسة الضغط على الطرفين في وقت واحد.

• الأمر نفسه تكرر عندما جرى الحديث عن إمكانية توفير دعم من أعضاء اللجنة الرباعية الدولية التي من مهمتها «مساعدة الرئيس عباس وتشجيعه على الذهاب إلى المفاوضات المباشرة» كما قال المبعوث الأميركي جورج ميتشل.

وبحسب التجربة السابقة، لم «تخيب» لجنة المتابعة العربية ظن الإدارة الأميركية فأعطت موافقتها في وقت سابق على بدء المفاوضات غير المباشرة على الرغم من تجاهل الطلبات الفلسطينية بما يخص الاستيطان ومرجعية المفاوضات وعلى الرغم من إصرار حكومة نتنياهو المعلن على مواصلة الاستيطان وخاصة في القدس الشرقية.

ولم تخرج حتى الآن (ولا يتوقع أن تخرج) اللجنة الرباعية الدولية عن الخط الأساسي الذي تريده واشنطن تجاه موضوعة المفاوضات على الرغم من ظهور بعض التباينات (خاصة الموقف الروسي) في اجتماعات اللجنة ولكن محصلة المواقف المعروضة في البيان الختامي كانت في السياق الذي ذكرناه.

من هذه الزاوية، يقرأ المراقبون أن ما أورده ميتشل من اقتراحات تحت عنوان «المساعدة» العربية والدولية إنما يأتي في إطار إغلاق دائرة الضغط السياسي وغيره على الجانب الفلسطيني بهدف الموافقة على الدخول في المفاوضات المباشرة.

إنذارات بالجملة

وعلى الرغم من أن ما تم عرضه حتى الآن لم يخل من التحذير والتنبيه إلا أنه يعتبر حديثا ناعما ولبقا قياسا مع ما أفصح عنه المبعوث الأميركي ميتشل في اجتماعه مع الفريق الفلسطيني المفاوض حيث ترافق التهديد مع لغة الإنذار في حال لم تتم الموفقة على دخول المفاوضات المباشرة من خلال ما يلي:

• أوصل ميتشل رسالة واضحة من الرئيس أوباما مفادها بأنه سيعتبر رفض طلبه الدخول فورا في المفاوضات المباشرة ومن غير شروط مسبقة إنما هو مس بمصداقيته وأنه تعبير عن عدم ثقة الرئيس عباس بالرئيس الأميركي.

(مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع نقلت عن مواكبين للاجتماع بأن المبعوث الأميركي كانت يتقصد الحديث ببطء وهو يشدد على مخارج الحروف وخاصة فيما يتعلق بالثقة والمصداقية).

•على ذلك، وفي حال رفض الاقتراح (القرار) الأميركي، سيجد الجانب الفلسطيني نفسه أمام تبعات هذا الموقف وتداعياته على العلاقات الفلسطينية ـ الأميركية، ورأت المصادر الفلسطينية واسعة الاطلاع أن في ذلك إشارة إلى مستوى التمثيل الفلسطيني في واشنطن والذي تم رفعه قبل أسبوع تقريبا من مكتب إعلام إلى مندوبية عامة، إلى جانب، ربما، إجراءات أخرى تتخذها الإدارة الأميركية ولم يفصح عنها المبعوث ميتشل.

• في حال رفض الفلسطينيون التوجه إلى المفاوضات المباشرة، فإن الرئيس الأميركي أوباما لن يقبل الاستعاضة عنها بالتوجه إلى الأمم المتحدة أو أي من مؤسساتها طلبا للمساعدة.

المطالب الفلسطينية ... ورد ميتشل

أشارت المصادر الفلسطينية واسعة الإطلاع إلى أن الرئيس عباس كان قد أشار خلال لقائه ميتشل إلى مسيرة المفاوضات غير المباشرة، وأبلغه بأن الفلسطينيين دخلوها على أساس إحراز تقدم في ملفي الحدود والأمن، وأن الجانب الفلسطيني قدم للإدارة الأميركية رؤيته تجاه هذين الملفين في الوقت الذي تجاهل فيه بنيامين نتنياهو وحكومته تقديم أي رد أو توضيح.

وفي معرض رده على ما تحدث به ميتشل وفحوى الرسالة الموجهة إلى الجانب الفلسطيني من قبل أوباما قال الرئيس عباس إنه يريد ردا واضحا من الحكومة الإسرائيلية فيما إذا كانت تقبل بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 كأساس لقيام الدولة الفلسطينية مع تبادل محدود للأراضي، كما طالب ـ بحسب المصادر المطلعة ـ بتعهد إسرائيلي مكتوب تقدمه الحكومة ـ وليس من الإدارة الأميركية ـ بوقف جميع النشاطات الاستيطانية في جميع أنحاء الضفة بما فيها القدس.

اللافت هنا ـ تضيف المصادر المطلعة ـ أن المبعوث الأميركي ميتشل اعترض على ذكر حدود 67 كأساس لقيام الدولة الفلسطينية مخاطبا الرئيس عباس «عندما تطلب حدود 67 فأنت تريد حسم نتائج المفاوضات قبل أن تبدأ» (؟). وكان ذلك رسالة واضحة مفادها أن الموقف الأميركي من موضوعة التسوية السياسية، لا يتطابق فقط مع موقف حكومة نتنياهو بل يتبناه، بكل ما يعني ذلك من استحضار أدوات الضغط بأشكاله المختلفة من أجل تمريره وفرضه على الفلسطينيين.

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات