ذهب جلعاد عاد جلعاد!
بقلم / وائل الحدينى
ربما لم يحظى حوار رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الصهيونية عاموس جلعاد مع صحيفة معاريف والذي تسبب فى اقالته بالاهتمام الكافي من المحللين ، فخبر الاقالة فى سياقه طغى على قراءة ماورائه من دوافع واسباب !
فجلعاد الذي كان قاب قوسين من النجاح فى ابرام اتفاق التهدئة مع حماس عبر وساطة مصرية فوجئ كما يظهرللعيان بتعنت رئيس وزرائه المنصرم إيهود أولمرت فتحدث عنه بتصريحات شديدة اعتبرها اولمرت مهينة له فقرر اقالته ، و قدم شكوى ضده إلى ديوان موظفي الدولة ، وطالب بالتحقيق معه لأن تصريحاته تعد خروجا عن الانضباط، وتوجه انتقادا غير مناسب لرئيس الوزراء بما في ذلك (تقديمه) تسريبات عن مناقشات خاصة وكشف النقاب عن مواقف إسرائيلية في مفاوضات حساسة مع مصر".
اذا لم نعرالانتقادات غير المناسبة لاولمرت اهتماماً : فهو متهم بفضائح مالية وسياسية، (خضع 14مرة للتحقيق بتهم اخلاقية) ويلقبه معارضوه بالمتقلب والانتهازي . تبقى التسريبات عن مواقف اسرائيلية من مصر هي جوهر الخلاف (فى حال ان كان هناك خلافاً) !
فجلعاد اتهم أولمرت بالانشغال بمحاولة إذلال مصر !
بينما هو يرى مصر الحليف شبه الاخير لاسرائيل بعد ان انتقلت قطر إلى الجانب الآخر(إيران) وتركيا تتأرجح، والامور غير واضحة فى الاردن .
كما أشاد بموقف الرئيس المصري الذي وصفه بأنه "يتصرّف باستقامة وشجاعة"، مستشهدا على ذلك بالقول إن "معبر رفح مغلق وحماس تحت الحصار"، وبأن الحديث في هذا الشأن "يتناول دولة يبلغ عدد سكانها 85 مليوناً كادت تقضي على إسرائيل عام 1948 (!!) ووجهت لها ضربة في حرب أكتوبر/تشرين الأول".
اولمرت اعتبر تصريحات جلعاد تهدد الامن القومي لاسرائيل .
يمكن ان نقرأ ذلك بكونه يقصد (تهديد العلاقة مع القاهرة) أكثر من مجرد كشف خبايا المفاوضات التي قتلت نشراً وتسريباً.
وذلك بإهانة الشريك المصري والنيل من صورته امام شعبه بإظهاره فى موقف الضعيف والمتكالب على اقرار التهدئة بأي شكل من الاشكال للوصول الى استقرار ينشده ربما (لمصلحته) ، وتفسير قضية غلق المعبر والحصار من زاوية اخرى غير المعلنة بتبريراتها : (ضغط) على حماس ، (حماية) لامن اسرائيل !
كما يمكن ان تقرأ السجالات من زاوية اخرى : ايصال رسائل مزدوجة مفادها :
جاءكم نتينياهو ، وافيجدور ليبرمان ، واولمرت لن يخسرشيئا ولن يكسب سواء ابرمت الصفقة ام توقفت ، فهوعلى اي حال سيغادر، ومعروف ان تقلبات الناخب الاسرائيلي لا تتعامل مع المخزون التراكمي لانجازات السياسي بقدر تعاملها مع الموقف الآني (شريط نتينياهو الاباحي مثلاً لم يعيقه عن العودة مرة اخرى لرئاسة الوزراء ، ودموية باراك لم تشفع له) !
اذاً : القاهرة امام موقف الفرصة أو اللحظة الاخيرة : اما مزيد من الضغط على حماس لاقرار التهدئة بأي ثمن أو تُرحل الملفات برمتها لاربعة اعوام اخرى !
يدعم هذه الرؤية تكليف نتيناهو وتجاوز ليفني !
ربما لمزيد من الضغط ، وتضيق مساحات الامل واستكشاف مواقف حماس !
ردة فعل المعسكر الاخر : (قامت حماس بتسريب اخبار عن اصابة شاليط فى حرب غزة، مع عدم الكشف عن طبيعة الاصابة لتحريك الرأي العام الاسرائيلي )
المحصلة : حماس لا تتقبل الضغوط بسهولة حتى مع الحصار ، واغلاق المعابر ، وحرق الانفاق ، ومصادرة والاستيلاء على تلال المساعدات الانسانية على بعد أمتار من الحدود واستحقاقات نتائج الانتخابات الاسرائيلية المفترضة .
الحل : اعتذار جلعاد لأولمرت ، وعودته مرة اخرى للملف ، و تسريع وتيرة المفاوضات والرهان على عامل الضغط مع نفاذ الوقت او ترحيل الملف برمته الى اليمين المتطرف القادم حبواً .
مايدور فى القاهرة وان كانت القاهرة لاتدركه تماماً هو : حرب شرسة بين خصمين يعرف كل منهما الآخر،. فلفترة طويلة كانت المبادرات والتفهمات والاتفاقيات تبرم مع دول كبيرة وعتيقة بالكليات وتفسر اسرائيل مواقفها بقراءة التفاصيل والجزيئيات كما تريد ان تقرأها بعينها هي .
حماس تجاوزت هذه المرحلة واعطت للعرب دروساً فى كيفية ادارة الصراع وجهاً لوجه فى الحروب ولو كانت غير متكافئة وفى التفاوض غير المباشر ولو عبر وسيط .
فى كل الاحوال :اخيراً عثرت اسرائيل على ندِها !
المصدر : نافذة مصر